البرامج الاقتصادية لمرشحي الرئاسة
فهمي الكتوت
جو 24 : بعد ما حسمت لجنة الانتخابات المصرية نتائج الجولة الاولى, بإعلان رئيسها موعد انتخابات الاعادة في منتصف الشهر المقبل, بين محمد مرسي واحمد شفيق, أصبحت خيارات الشعب المصري محصورة بين مرشحين الاول يمثل الحركة الاسلامية, والثاني يمثل فلول النظام السابق, كما يوصف في مصر. ورغم الخلافات التي سادت بين الاتجاهين طيلة حكم مبارك, الا انه من الصعب ملاحظة اختلافات جوهرية في البرامج الاقتصادية للمرشحين, فقد طرح كل من مرسي وشفيق اهدافا عامة من الناحية الاقتصادية تنطلق اساسا من مفهوم مشترك للاقتصاد الحر, والتأكيد على النهوض الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية للمصريين.
فقد اعلن مرشح حزب العدالة عن تعهده بدعم القطاع الخاص من أجل تعزيز النمو وخلق الوظائف, وحصر تدخل الدولة في توفير الخدمات الاساسية, اي مواصلة النهج الاقتصادي الموروث, بخروج الدولة من الحياة الاقتصادية, مما يعني مواصلة الانفتاح الكامل على النظام الرأسمالي, والانخراط بالعولمة الرأسمالية وضمان الحرية المطلقة لرأس المال. وقد طرح في برنامجه محددات للنمو الاقتصادي دون تقديم معطيات ملموسة لكيفية الوصول الى معدل نمو 7%, وتقليص معدلات التضخم من 8.8% الى اقل من 3.5% خلال السنوات الاربعة المقبلة, وخفض نسبة البطالة من 13% إلى أقل من 7%. دون ان يقدم برنامجا اقتصاديا, يضمن تحقيق هذه الاهداف, خاصة وان الازمة المالية والاقتصادية العالمية ما زالت تلقي بظلالها على معظم دول العالم. وقد كرست دول الاتحاد الاوروبي كافة خبراتها وامكانياتها الواسعة لتحقيق نمو اقتصادي, وتخفيض معدلات البطالة خلال الاعوام الاربعة الماضية دون جدوى.
اما احمد شفيق فقد تناول برنامجه عبارات فضفاضة حول التنمية الشاملة واقامة المناطق الحرة, ووضع نظام للتأمين ضد البطالة, وبرنامج قومي لتيسير الزواج, غني عن القول ان شفيق ينتمي للمرحلة الماضية التي بدأها السادات بسياسة الانفتاح وكرسها مبارك, مدرسة الاقتصاد الحر بصيغته المشوهة بحكم التبعية للاحتكارات الرأسمالية, الناجمة عن التبعية السياسية اولا, وضعف البرجوازية المحلية وعدم مقدرتها على منافسة الاحتكارات المتعددة الجنسيات ثانيا, وقد دفع الشعب المصري ثمنا باهظا لهذه السياسات خلال العقود الماضية. التي انعشت القطاعات الطفيلية في الاقتصاد المصري. وهمشت القطاعات الانتاجية, واسهمت بتوسيع الفجوة بين الفئات الاجتماعية, وادت الى ارتفاع معدلات البطالة, وزيادة عدد الفقراء في المجتمع, وشكلت مناخا ملائما لقيام الانتفاضة الشعبية والاطاحة بحكم مبارك.
لقد اكدت تجارب عدد من الدول النامية في امريكا اللاتينية بضرورة تدخل الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية, وتوجيه الاقتصاد نحو القطاعات الانتاجية, حيث يغلب على اقتصادات الدول النامية النمط الاستهلاكي. وهيمنة الرأسمال التجاري او بوجه ادق وكلاء الشركات الاجنبية, الذين لا هم لهم سوى تسويق منتجات الشركات الاجنبية, لذلك لا بد من تدخل الدولة لتوجيه الاقتصاد نحو القطاعات المتنوعة الصناعية والزراعية, وتطوير قطاعات السياحة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات, وللولوج الى مختلف القطاعات الانتاجية, فعلى سبيل المثال عانت البرازيل من تدهور اقتصادها في عصر الديكتاتوريات, وفي ظل قيادة ديمقراطية تقدمية اصبح الاقتصاد البرازيلي سادس اكبر اقتصاد في العالم, ومن المتوقع ان يتخطى الاقتصاد الفرنسي في عام 2016 ليصبح خامس اكبر اقتصاد في العالم.
ومن الانصاف ان نلقي الضوء على البرنامج الاقتصادي للمرشح الناصري حمدين صباحي, الذي جاء في المرتبة الثالثة وفق قرار لجنة الانتخابات, ويحمل برنامجا مختلفا من حيث الجوهر عن برامج المرشحين الاول والثاني. حيث تضمن محاربة الفقر والبطالة, وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين في كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية, وتحرير الاقتصاد المصري من الاحتكار والفساد, من خلال الاعتماد على القطاع العام المتحرر من البيروقراطية, والقطاع التعاوني والقطاع الخاص الذي تقوده رأسمالية وطنية مصرية, وإقرار الحد الادنى للأجور, وربط سياسات الاجور بالاسعار, والعمل على استرداد ثروات مصر المنهوبة داخليا وخارجيا, وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة, وحصر كافة الاراضي الصحراوية التي يمكن استصلاحها وتوزيعها على الشباب, والتركيز على تنمية سيناء والصعيد وتطوير الريف. وأضاف أن أول قرار سيتخذه لو أصبح رئيسا وقف تصدير الغاز "لإسرائيل".
لقد تمتع حمدين صباحي بثقة واسعة من الجماهير المصرية واعاد الاعتبار للاتجاه القومي التقدمي في مصر ولبرنامجه الذي أحيا في نفوس المصريين وضمائرهم مرحلة نضالية خاضتها مصر من اجل الحرية والاستقلال الوطني, سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. لقد أضاع التيار القومي واليساري فرصة وصول مرشح تقدمي للمنافسة في الجولة الثانية من خلال توزيع الاصوات على عدد من المرشحين, بسبب غياب وحدة القوى التقدمية والتفافها حول مرشح واحد. لذا ينبغي الاستفادة من هذه التجربة الغنية في رص الصفوف والالتفاف على برنامج وطني تقدمي ينقذ مصر من ازماتها.
العرب اليوم
فقد اعلن مرشح حزب العدالة عن تعهده بدعم القطاع الخاص من أجل تعزيز النمو وخلق الوظائف, وحصر تدخل الدولة في توفير الخدمات الاساسية, اي مواصلة النهج الاقتصادي الموروث, بخروج الدولة من الحياة الاقتصادية, مما يعني مواصلة الانفتاح الكامل على النظام الرأسمالي, والانخراط بالعولمة الرأسمالية وضمان الحرية المطلقة لرأس المال. وقد طرح في برنامجه محددات للنمو الاقتصادي دون تقديم معطيات ملموسة لكيفية الوصول الى معدل نمو 7%, وتقليص معدلات التضخم من 8.8% الى اقل من 3.5% خلال السنوات الاربعة المقبلة, وخفض نسبة البطالة من 13% إلى أقل من 7%. دون ان يقدم برنامجا اقتصاديا, يضمن تحقيق هذه الاهداف, خاصة وان الازمة المالية والاقتصادية العالمية ما زالت تلقي بظلالها على معظم دول العالم. وقد كرست دول الاتحاد الاوروبي كافة خبراتها وامكانياتها الواسعة لتحقيق نمو اقتصادي, وتخفيض معدلات البطالة خلال الاعوام الاربعة الماضية دون جدوى.
اما احمد شفيق فقد تناول برنامجه عبارات فضفاضة حول التنمية الشاملة واقامة المناطق الحرة, ووضع نظام للتأمين ضد البطالة, وبرنامج قومي لتيسير الزواج, غني عن القول ان شفيق ينتمي للمرحلة الماضية التي بدأها السادات بسياسة الانفتاح وكرسها مبارك, مدرسة الاقتصاد الحر بصيغته المشوهة بحكم التبعية للاحتكارات الرأسمالية, الناجمة عن التبعية السياسية اولا, وضعف البرجوازية المحلية وعدم مقدرتها على منافسة الاحتكارات المتعددة الجنسيات ثانيا, وقد دفع الشعب المصري ثمنا باهظا لهذه السياسات خلال العقود الماضية. التي انعشت القطاعات الطفيلية في الاقتصاد المصري. وهمشت القطاعات الانتاجية, واسهمت بتوسيع الفجوة بين الفئات الاجتماعية, وادت الى ارتفاع معدلات البطالة, وزيادة عدد الفقراء في المجتمع, وشكلت مناخا ملائما لقيام الانتفاضة الشعبية والاطاحة بحكم مبارك.
لقد اكدت تجارب عدد من الدول النامية في امريكا اللاتينية بضرورة تدخل الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية, وتوجيه الاقتصاد نحو القطاعات الانتاجية, حيث يغلب على اقتصادات الدول النامية النمط الاستهلاكي. وهيمنة الرأسمال التجاري او بوجه ادق وكلاء الشركات الاجنبية, الذين لا هم لهم سوى تسويق منتجات الشركات الاجنبية, لذلك لا بد من تدخل الدولة لتوجيه الاقتصاد نحو القطاعات المتنوعة الصناعية والزراعية, وتطوير قطاعات السياحة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات, وللولوج الى مختلف القطاعات الانتاجية, فعلى سبيل المثال عانت البرازيل من تدهور اقتصادها في عصر الديكتاتوريات, وفي ظل قيادة ديمقراطية تقدمية اصبح الاقتصاد البرازيلي سادس اكبر اقتصاد في العالم, ومن المتوقع ان يتخطى الاقتصاد الفرنسي في عام 2016 ليصبح خامس اكبر اقتصاد في العالم.
ومن الانصاف ان نلقي الضوء على البرنامج الاقتصادي للمرشح الناصري حمدين صباحي, الذي جاء في المرتبة الثالثة وفق قرار لجنة الانتخابات, ويحمل برنامجا مختلفا من حيث الجوهر عن برامج المرشحين الاول والثاني. حيث تضمن محاربة الفقر والبطالة, وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين في كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية, وتحرير الاقتصاد المصري من الاحتكار والفساد, من خلال الاعتماد على القطاع العام المتحرر من البيروقراطية, والقطاع التعاوني والقطاع الخاص الذي تقوده رأسمالية وطنية مصرية, وإقرار الحد الادنى للأجور, وربط سياسات الاجور بالاسعار, والعمل على استرداد ثروات مصر المنهوبة داخليا وخارجيا, وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة, وحصر كافة الاراضي الصحراوية التي يمكن استصلاحها وتوزيعها على الشباب, والتركيز على تنمية سيناء والصعيد وتطوير الريف. وأضاف أن أول قرار سيتخذه لو أصبح رئيسا وقف تصدير الغاز "لإسرائيل".
لقد تمتع حمدين صباحي بثقة واسعة من الجماهير المصرية واعاد الاعتبار للاتجاه القومي التقدمي في مصر ولبرنامجه الذي أحيا في نفوس المصريين وضمائرهم مرحلة نضالية خاضتها مصر من اجل الحرية والاستقلال الوطني, سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. لقد أضاع التيار القومي واليساري فرصة وصول مرشح تقدمي للمنافسة في الجولة الثانية من خلال توزيع الاصوات على عدد من المرشحين, بسبب غياب وحدة القوى التقدمية والتفافها حول مرشح واحد. لذا ينبغي الاستفادة من هذه التجربة الغنية في رص الصفوف والالتفاف على برنامج وطني تقدمي ينقذ مصر من ازماتها.
العرب اليوم