وازرة وزر أخرى!
أ. د. مصطفى محيلان
جو 24 : إن فكرة القضاء على العنف الجامعي برفع الحد الأدنى لمعدلات القبول في الجامعات الرسمية والخاصة، برأيي توجه سلبي آمل أن لا يتحقق وأن لا يعمل به، للأسباب الآتية:
أولاً، رفع نسبة الحد الأدنى لمعدلات القبول يعني استثناء نسبة كبيرة من أبنائنا الطلبة من الانخراط في سلك التعليم الجامعي والعالي، وهذا لا يعني بالضرورة أنهم سيلتحقون بالتعليم المتوسط أو التدريب المهني، بل معظمهم سيتوجه لدول شقيقة وصديقة للتعلم فيها، وعليه ما معنى أنشاء قرابة الثلاثون جامعة بين حكومية وخاصة إذاً؟.
ثانياً، نعرف إحصائياً أنه كلما انخفضت العلامة ازداد عدد الطلبة في تلك الفئة، وعليه فإن معظم الذين سيشملهم قرار عدم القبول بالجامعات الحكومية وهم كثر، سيتوجهون للدراسة في الجامعات الخاصة أو لجامعات خارج الوطن، وهذا يعني فقدان للعملة الصعبة التي نحن بأمس الحاجة إليها، وهدر لأموال أولياء أمور الطلبة الذين يشق عليهم أصلاً تدريس أبنائهم داخل الوطن، فكيف سيصير حالهم إذ توجه أبناؤهم للخارج؟
أليس فعل كهذا يكون قد افقدنا صوابنا الاقتصادي والاستثماري، فصرنا ندعم مؤسسات واقتصاد غيرنا لا اقتصادنا؟
هل الحل الوحيد للعنف الجامعي بنظر البعض يكمن بنفي جزء كبير من طلبتنا الذين لا ذنب لهم بما جنت أيدي غيرهم ممن سبقوهم، بحرمانهم من فرصة التعليم داخل وطنهم؟ ألا يعني ذلك، وزر وازرة وزر أخرى!
نحن نعترف بأن جامعات لدينا قد مسها العنف، ولكن الدول من حولنا تعاني من عنف أسوء بكثير مما عندنا فكثير منها في حالة حرب! أندفع بأولادنا لتلك البقاع التي صار أهلها لاجئون لدينا!؟
الحل برأيي يختلف عما يعصف بذهن زملاء كرام، وبكل تواضع أقترح ما يلي:
إن الجامعات التي أُسست لتحمل صبغة محددة، كأن تكون تكنولوجية مثلاً والتزمت بذلك ولم تخرج عن نهجها ورسالتها نجحت نجاحاً باهراً، مثال ذلك جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، أما الجامعات التي غيرت لونها بالانسلاخ عن هويتها وصبغتها التي اسِسَت من أجلها فقد تعثرت، سواء أكان ذلك من خلال عدم توفر أعضاء هيئة التدريس، أو من خلال عدم توفر البنية التحتية السليمة التي كانت نتاج الارتجالية الإدارية وعدم التخطيط، أمثلة ذلك الجامعات التي كانت صبغتها إنسانية فسعت لأن تصبح علمية أو تقنية، أو تلك التي كانت تقنية فتحولت في ظلمة ليل إلى متعددة التخصصات، حيث ثبت على أرض الواقع أن ذلك كان تسرع وتخبط، يرجع ايضاً لمحاباة إدارات بعض الجامعات للمجتمعات المحلية التي تنظر إلى الأمر بأنه مكاسب، ولم توضح لها خطورة ما هم بصدده، فجاءت قراراتها بالتوسع كارثية، دفعت الجامعات ثمناً باهظاً جراء ذلك أقلها فشل أكاديمي وإداري وتدريسي، أفضى إلى عدم تمكن وبالتالي عنف طلابي.
إذا بدأنا من جديد بإعادة ترتيب صفوف التعليم الجامعي وبشكل تدريجي، وأقصد هنا الجامعات الرسمية أولاً، من خلال اعتماد مبدأ تخصص الجامعات فمثلاً تختص جامعة ما بالهندسة وأخرى بالطب وعلومه وأخرى بالآداب وأخرى بالإدارة والاقتصاد وهكذا.... (بجدية وبمتابعة حثيثة من قبل وزارة التعليم العالي صاحبة الصلاحية النهائية بفتح التخصصات الجديدة) فسيجتمع في كل جامعة متخصة :
أولا، المختصين في ذلك العلم مما سيجعل كل منها قبلة في تخصصها جراء تواجد الباحثين معاً ، ولهذا تأثير إيجابي على مستوى الطلبة والبحث العلمي.
ثانياً وهو الأهم، إننا بهذه الطريقة سوف ندفع بأبنائنا الطلبة من كافة أنحاء الوطن الحبيب، ومن خارجه أيضاً، إلى شد الرحال طلباً للعلم إلى تلك البقاع الجديدة ذات التخصص داخل وطنهم طوعاً لا كرها "كما أقترح البعض بتوزيعهم قسراً هنا وهناك"، وعليه ومن منطلق "الجامعات المتخصصة" فلن تكون هنالك تكتلات للطلبة أساسها مناطقهم، بل سيكون جامعهم هو تخصصهم، فبُعد الشخص عن منطقته بسبب رغبته بدراسة تخصص ما سيكون منطقياً لا مناطقياً، ومبررا وليس قهراً، ولا لدوافع عقابية، ودعماً له لا تضيقاً عليه، وأن هذا ما يطلق عليه مجازاً "تلاقح الأفكار أو الحضارات" والذي سيفضي حتماً إلى تعديل بعض السلوكيات الغريبة لدى القلة القليلة من الطلبة وسيرفع من سوية التعليم العالي لدينا.
بالطبع إن اتخاذ إجراءات كهذه فيه صعوبة وكلفة مالية وعناء، ولكنني أقول مهما ارتفعت التكلفة فلن تكون أكبر من إقفال بعض الجامعات أو فقدان لحياة طالب علم.
أولاً، رفع نسبة الحد الأدنى لمعدلات القبول يعني استثناء نسبة كبيرة من أبنائنا الطلبة من الانخراط في سلك التعليم الجامعي والعالي، وهذا لا يعني بالضرورة أنهم سيلتحقون بالتعليم المتوسط أو التدريب المهني، بل معظمهم سيتوجه لدول شقيقة وصديقة للتعلم فيها، وعليه ما معنى أنشاء قرابة الثلاثون جامعة بين حكومية وخاصة إذاً؟.
ثانياً، نعرف إحصائياً أنه كلما انخفضت العلامة ازداد عدد الطلبة في تلك الفئة، وعليه فإن معظم الذين سيشملهم قرار عدم القبول بالجامعات الحكومية وهم كثر، سيتوجهون للدراسة في الجامعات الخاصة أو لجامعات خارج الوطن، وهذا يعني فقدان للعملة الصعبة التي نحن بأمس الحاجة إليها، وهدر لأموال أولياء أمور الطلبة الذين يشق عليهم أصلاً تدريس أبنائهم داخل الوطن، فكيف سيصير حالهم إذ توجه أبناؤهم للخارج؟
أليس فعل كهذا يكون قد افقدنا صوابنا الاقتصادي والاستثماري، فصرنا ندعم مؤسسات واقتصاد غيرنا لا اقتصادنا؟
هل الحل الوحيد للعنف الجامعي بنظر البعض يكمن بنفي جزء كبير من طلبتنا الذين لا ذنب لهم بما جنت أيدي غيرهم ممن سبقوهم، بحرمانهم من فرصة التعليم داخل وطنهم؟ ألا يعني ذلك، وزر وازرة وزر أخرى!
نحن نعترف بأن جامعات لدينا قد مسها العنف، ولكن الدول من حولنا تعاني من عنف أسوء بكثير مما عندنا فكثير منها في حالة حرب! أندفع بأولادنا لتلك البقاع التي صار أهلها لاجئون لدينا!؟
الحل برأيي يختلف عما يعصف بذهن زملاء كرام، وبكل تواضع أقترح ما يلي:
إن الجامعات التي أُسست لتحمل صبغة محددة، كأن تكون تكنولوجية مثلاً والتزمت بذلك ولم تخرج عن نهجها ورسالتها نجحت نجاحاً باهراً، مثال ذلك جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، أما الجامعات التي غيرت لونها بالانسلاخ عن هويتها وصبغتها التي اسِسَت من أجلها فقد تعثرت، سواء أكان ذلك من خلال عدم توفر أعضاء هيئة التدريس، أو من خلال عدم توفر البنية التحتية السليمة التي كانت نتاج الارتجالية الإدارية وعدم التخطيط، أمثلة ذلك الجامعات التي كانت صبغتها إنسانية فسعت لأن تصبح علمية أو تقنية، أو تلك التي كانت تقنية فتحولت في ظلمة ليل إلى متعددة التخصصات، حيث ثبت على أرض الواقع أن ذلك كان تسرع وتخبط، يرجع ايضاً لمحاباة إدارات بعض الجامعات للمجتمعات المحلية التي تنظر إلى الأمر بأنه مكاسب، ولم توضح لها خطورة ما هم بصدده، فجاءت قراراتها بالتوسع كارثية، دفعت الجامعات ثمناً باهظاً جراء ذلك أقلها فشل أكاديمي وإداري وتدريسي، أفضى إلى عدم تمكن وبالتالي عنف طلابي.
إذا بدأنا من جديد بإعادة ترتيب صفوف التعليم الجامعي وبشكل تدريجي، وأقصد هنا الجامعات الرسمية أولاً، من خلال اعتماد مبدأ تخصص الجامعات فمثلاً تختص جامعة ما بالهندسة وأخرى بالطب وعلومه وأخرى بالآداب وأخرى بالإدارة والاقتصاد وهكذا.... (بجدية وبمتابعة حثيثة من قبل وزارة التعليم العالي صاحبة الصلاحية النهائية بفتح التخصصات الجديدة) فسيجتمع في كل جامعة متخصة :
أولا، المختصين في ذلك العلم مما سيجعل كل منها قبلة في تخصصها جراء تواجد الباحثين معاً ، ولهذا تأثير إيجابي على مستوى الطلبة والبحث العلمي.
ثانياً وهو الأهم، إننا بهذه الطريقة سوف ندفع بأبنائنا الطلبة من كافة أنحاء الوطن الحبيب، ومن خارجه أيضاً، إلى شد الرحال طلباً للعلم إلى تلك البقاع الجديدة ذات التخصص داخل وطنهم طوعاً لا كرها "كما أقترح البعض بتوزيعهم قسراً هنا وهناك"، وعليه ومن منطلق "الجامعات المتخصصة" فلن تكون هنالك تكتلات للطلبة أساسها مناطقهم، بل سيكون جامعهم هو تخصصهم، فبُعد الشخص عن منطقته بسبب رغبته بدراسة تخصص ما سيكون منطقياً لا مناطقياً، ومبررا وليس قهراً، ولا لدوافع عقابية، ودعماً له لا تضيقاً عليه، وأن هذا ما يطلق عليه مجازاً "تلاقح الأفكار أو الحضارات" والذي سيفضي حتماً إلى تعديل بعض السلوكيات الغريبة لدى القلة القليلة من الطلبة وسيرفع من سوية التعليم العالي لدينا.
بالطبع إن اتخاذ إجراءات كهذه فيه صعوبة وكلفة مالية وعناء، ولكنني أقول مهما ارتفعت التكلفة فلن تكون أكبر من إقفال بعض الجامعات أو فقدان لحياة طالب علم.