الطاقة القمرية
من المعروف أن الأيام البيض هي ايام 13,14,15 من كل شهر هجري، ولحسن الحظ فإننا نعيشها هذه الأيام.
ما حصل معي ليلة الأمس وخلال عودتي الي المنزل قرابة الساعة الثانية عشرة ليلاً، صدف وان تم قطع التيار الكهربائي عن مصابيح انارة الجزء الشمالي من شارع الأردن، وبصراحة لم يكن هناك أي فرق يذكر في الرؤية بعد اغلاق الإنارة مقارنة مع ابقائها، وعندها، طلبت من ابني د محيلان والذي كان يقوم بقيادة السيارة بأن يتنحى جانباً ويغلق انارة السيارة ايضاً، ولاحظنا أن الرؤية كانت واضحة تماماً، ونرى ليس فقط المنطقة المحيطة بنا بل الأماكن البعيدة كذلك، مما يدل على أنه لا حاجة لوجود اضاءة للشوارع في تلك الليلة أصلاً، وعند دخولنا المناطق السكنية المضيئة بمنازلها، اذ لا تجد منزلا إلا وقد كانت احد غرفه مضاءة ناهيك عن اضاءة المداخل والحدائق وغيرها، فوجدنا أن إنارة شوارعها ليس ذو جدوى خاصة في الظروف الإقتصادية الصعبة التي تعاني منها موازنة الوطن الحبيب.
كلنا يعرف بأن سبب الوضوح في الرؤية هذا، هو توفر القمرالمنير فوق ارضنا الطهور، ذلك المصدر الرباني المجاني، الغير مستغل من قبلنا حسب الأصول، وهو في هذه الليالي الثلاثة بدراً مكتمل، وربما سبق تلك اليالي الثلاثة ليلة قريبة الأضاءة منها وتبعتها ايضاً ليلة خامسة ليست اقل منا اضاءة بكثير.
من وجهة نظري الشخصية المتواضعة، ذلك إن اردنا وقصدنا ترشيد الإستهلاك، أن نستغني عن الإنارة الصناعية التي تثقل كاهل ميزانيتنا ولو لفترات محدودة، بأن نستبدلها بالإنارة الطبيعية المجانية، تلك المتمثلة بنور القمر، وللعلم فإن اغلاق الأنارة عن شوارع الوطن الرئيسية والفرعية لمدة خمسة ايام، يعني ادخار ما نسبته سدس ما ينفق شهرياً على الانارة في الأحوال العادية، والوطن والمواطن أولى بهذه المبالغ المهدورة.
هذا لا يعني طبعاً ولا بأي شكل من الأشكال، المساس بأنارة شوارع وسط المدن، ولا المرافق الحساسة كالمستشفايات أو المؤسسات الحكومية أو ما هو على شاكلتها.
إن مصادر الطاقة المتجددة هي ليست فقط ، طاقة الرياح والأمواج وحرارة بطن الأرض، والطاقة الشمسية التي تمدنا بأشعتها في وضح النهار، بل طاقة نور القمر أو ما ارغب بتسميتها "الطاقة القمرية"، فهي موجودة لمن أراد واضطر لإستخدامها، ولا تحتاج الى أجهزة تحويل أو تخزين أو نقل، فهي جاهزة للنفع المباشر، وعند الحاجة لها في الليل بعد غياب الشمس، لمن هو في مثل ظروفنا الإقتصادية وشح مواردنا المالية.
من الحكمة أن نستخدم أي مصدر انارة مجاني متوفر لنا لخفض قيمة فاتورة الطاقة، وإن كان البعض يعتبر القمر هو رمز من رموز الحب ورفيق للسهارى والمعذبين والحيارى، فلينتبه له الإقتصاديون والمستثمرون ومدراء الموازنة "الحيارى" ايضاً، وليكن لنا مصدر من مصادر الطاقة المجانية المتجددة فنستخدمه كما يجب، وليس فقط أن ننظر اليه "ونصفن فيه"، وربما تكون اللحظة قد حانت لذلك!؟
خلاصة القول:
قديماً قالوا: أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام ، وأنا أقول استخدام الطاقة القمرية ولو فقط في الأيام البيض، هو باب من ابواب الإدخار في المال العام والخاص، وتقليل في الإنفاق، وترشيد في الإستهلاك، ومصدر دخل جديد لمن هو في مثل ظروفنا وحالنا، فهل سننتظر للاستفادة من تلك الطاقة حتى يسن قانون إستخدام الطاقة القمرية!؟
خلاصة الخلاصة: السير في نور القمر أقل وطأة من رفع أسعار الكهرباء..
أ. د. مصطفى محيلان