هل يشهد الاقليم تغيرات جوهرية..؟
فهمي الكتوت
جو 24 : شهدت العلاقات الإقليمية والدولية تطورات ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة، فالتفاهمات الروسية الأمريكية حول عدد من القضايا مهدت الطريق امام الوصول الى ىسلسلة من الاتفاقيات قد تسهم بإحداث تغيرات جوهرية في الشرق الاوسط. والتي بدأت بالاتفاق الروسي- الأمريكي حول تدمير الاسلحة الكيميائية السورية، تبعها اتفاقيات اخرى اعلن عن بعضها، وكان ابرزها تراجع أمريكا عن مواجهة عسكرية مع سوريا، والإعداد لعقد مؤتمر جنيف 2 بمشاركة كافة الاطراف السورية “موالاة ومعارضة”. وقد اربك القرار الأمريكي المفاجىء المعارضة السورية، وحلفاء أمريكا في المنطقة وفي مقدتهم تركيا والسعودية وقطر والاردن.
كما جاء بعد ذلك الاتفاق بين ايران والدول الست على البرنامج النووي، تضمن تخفيف العقوبات المفروضة على ايران. ليحدث ردود افعال جديدة في المنطقة وخاصة لدى السعودية و “اسرائيل” فقد عبرت السعودية عن عدم ارتياحها للاتفاق، و صرح رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر أن «النوم سيجافي سكان منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي الذي أبرم بين القوى العالمية وايران»، ويخشى أن تكون ايران ستتخلى عن شيء في برنامجها النووي لتحصل على شيء آخر من القوى الكبرى على صعيد السياسة الإقليمية، كما رفض نيتنياهو الاتفاق موضحا أن حكومته غير ملتزمة بالاتفاق المبرم، وأن من حقها الدفاع عن نفسها، ووصف الاتفاق بالخطأ التاريخي.
ولعله من نافلة القول اعتبار هذه الاتفاقيات وليدة لحظتها او انها معزولة عن بعضها، فهناك ترابط بين جملة من القضايا التي تحدث تأثيرا مباشر في منطقة الشرق الاوسط. ومن المنتظر ان تفتح هذه الاتفاقيات آفاقا جديدة امام مزيد من الاجراءات التي قد تسهم باعادة صياغة الاقليم من جديد. وقبل الحديث عن بعض التصورات التي تنتظر المنطقة لا بد من الوقوف على اهم المعطيات التي مهدت لبروز التوجهات الجديدة لدى الادارة الأمريكية. اولا: عدم تكرار التجربة المرة في العراق وافغانستان، بسبب الثمن الباهظ الذي دفعته الامبريالية الأمريكية، سياسيا وماديا اضافة الى الخسائر البشرية، ثانيا: الازمة المالية والاقتصادية التي استنفذت طاقاتها، فما زالت أمريكا غارقة في ازمتها المالية والاقتصادية، التي ادت الى تراجع الدور الأمريكي عالميا وبداية تشكل نظام متعدد القطبية، وقد بدأت سياساتها الخارجية نحو الانحسار، كما تعالت الاصوات الأمريكية المطالبة بالانكفاء للداخل املا منها في مواجهة الازمة المالية والاقتصادية. فقد فشلت ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مواجهة الازمة، وما زال التحدي الرئيسي الذي يواجهها هو كيفية انعاش الاقتصاد الأمريكي وتخفيض معدلات البطالة، والحد من عجز الموازنة التي فاقمت المديونية بشكل خطير، فاذا كان عصر الحزب الجمهوري بإدارة دبليو بوش مسؤول عن انفلات السياسات المالية، واتساع سياسة التوريق (التسنيد) بتحويل الأصول إلى أوراق مالية وتداولها، والدخول في مضاربات ادت الى فقاعة الرهن العقاري، والتي شكلت مقدمة لانفجار الازمة المالية في أمريكا. فـإن عصر الحزب الديمقراطي بادارة باراك اوباما فشل باخراج أمريكا من الازمة، ليس هذا فحسب بل اغرق أمريكا بالمديونية، فقد اقترض اوباما خلال السنوات الخمس حوالي 7 تريليون دولار لمواجهة الازمة وتحفيز الاقتصاد وتخفيض البطالة، دون جدوى.
لذلك تسعى الادارة الأمريكية في المرحلة القادمة الى استثمار السنوات المتبقية من عهد الديمقراطيين في مواجهة المشاكل الداخلية، ومحاولة التوصل الى اتفاقات لمعالجة بعض القضايا التي تستنزف أمريكا. وفي هذا السياق نقل عن رئيس المخابرات السعودي بندر بن سلطان في ابوظبي قوله ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى لتكريس دور محوري في الإقليم لثلاث دول هي إيران وتركيا و”إسرائيل”. ويعبر عن مخاوفه من تهميش الدور السعودي، لا اعتقد ان تصريح المسؤول السعودي يحمل الجديد، فمن المعروف ان اسرائيل الحليف الاول لأمريكا وشريك رئيسي للاحتكارات الرأسمالية متعددة الجنسيات، وهي تتبنى مشروعا عدوانيا توسعيا، وقد استفادت من ازمة النظام العربي وانهيار الامن القومي، ان لم نقل انها المستفيد الاول.
اما تركيا فهي ايضا حليف لأمريكا وعضو في حلف الاطلسي، وركبت موجة التيار الاسىلامي مستخدمة بعض مفردات الدولة العثمانية لتحقيق مصالحها الاقتصادية في الوطن العربي بعد فشل تحقيقها اوروبيا، وقد خسرت الجولة وفقدت مصداقيتها قبل ان تثبت اقدامها في المنطقة، ومع ذلك لا يمكن تجاهلها فهي صاحبة مشروع .
تبقى ايران، نجحت في تحقيق اختراقات مهمة بسبب هشاشة الموقف العربي، وافشال المشروع القومي التقدمي الذي برز في اواسط القرن الماضي، وهي تملك مشروعا يحظى بدعم شعبي، بغض النظر عن موقف الآخرين منه، وقد نجحت بإقامة تحالفات اقليمية ودولية مكنتها من الصمود في وجه التحديات الأمريكية، مما اضطر الادارة الأمريكية الى الاعتراف بالدور الاقليمي للايرانيين.
أما القول بأن هناك تهميشا للدور العربي او السعودي، فهذا السؤال المهم يقودنا الى السؤال التالي، هل النظام العربي يملك مشروعا عربيا ينسجم مع مصالح الامة، ويسعى لتحقيقه من خلال تعبئة الطاقات البشرية والمادية والاقتصادية، في مواجهة تحديات المشروع الصهيوني اولا، الذي يشكل الخطر الحقيقي على الامة، ويتعامل بندية مع كافة المشاريع والاطراف الاخرى؟ في حال توفر هذا المشروع، لن تستطيع أمريكا او غيرها تهميش الدور العربي او السعودي.
كما جاء بعد ذلك الاتفاق بين ايران والدول الست على البرنامج النووي، تضمن تخفيف العقوبات المفروضة على ايران. ليحدث ردود افعال جديدة في المنطقة وخاصة لدى السعودية و “اسرائيل” فقد عبرت السعودية عن عدم ارتياحها للاتفاق، و صرح رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر أن «النوم سيجافي سكان منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي الذي أبرم بين القوى العالمية وايران»، ويخشى أن تكون ايران ستتخلى عن شيء في برنامجها النووي لتحصل على شيء آخر من القوى الكبرى على صعيد السياسة الإقليمية، كما رفض نيتنياهو الاتفاق موضحا أن حكومته غير ملتزمة بالاتفاق المبرم، وأن من حقها الدفاع عن نفسها، ووصف الاتفاق بالخطأ التاريخي.
ولعله من نافلة القول اعتبار هذه الاتفاقيات وليدة لحظتها او انها معزولة عن بعضها، فهناك ترابط بين جملة من القضايا التي تحدث تأثيرا مباشر في منطقة الشرق الاوسط. ومن المنتظر ان تفتح هذه الاتفاقيات آفاقا جديدة امام مزيد من الاجراءات التي قد تسهم باعادة صياغة الاقليم من جديد. وقبل الحديث عن بعض التصورات التي تنتظر المنطقة لا بد من الوقوف على اهم المعطيات التي مهدت لبروز التوجهات الجديدة لدى الادارة الأمريكية. اولا: عدم تكرار التجربة المرة في العراق وافغانستان، بسبب الثمن الباهظ الذي دفعته الامبريالية الأمريكية، سياسيا وماديا اضافة الى الخسائر البشرية، ثانيا: الازمة المالية والاقتصادية التي استنفذت طاقاتها، فما زالت أمريكا غارقة في ازمتها المالية والاقتصادية، التي ادت الى تراجع الدور الأمريكي عالميا وبداية تشكل نظام متعدد القطبية، وقد بدأت سياساتها الخارجية نحو الانحسار، كما تعالت الاصوات الأمريكية المطالبة بالانكفاء للداخل املا منها في مواجهة الازمة المالية والاقتصادية. فقد فشلت ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مواجهة الازمة، وما زال التحدي الرئيسي الذي يواجهها هو كيفية انعاش الاقتصاد الأمريكي وتخفيض معدلات البطالة، والحد من عجز الموازنة التي فاقمت المديونية بشكل خطير، فاذا كان عصر الحزب الجمهوري بإدارة دبليو بوش مسؤول عن انفلات السياسات المالية، واتساع سياسة التوريق (التسنيد) بتحويل الأصول إلى أوراق مالية وتداولها، والدخول في مضاربات ادت الى فقاعة الرهن العقاري، والتي شكلت مقدمة لانفجار الازمة المالية في أمريكا. فـإن عصر الحزب الديمقراطي بادارة باراك اوباما فشل باخراج أمريكا من الازمة، ليس هذا فحسب بل اغرق أمريكا بالمديونية، فقد اقترض اوباما خلال السنوات الخمس حوالي 7 تريليون دولار لمواجهة الازمة وتحفيز الاقتصاد وتخفيض البطالة، دون جدوى.
لذلك تسعى الادارة الأمريكية في المرحلة القادمة الى استثمار السنوات المتبقية من عهد الديمقراطيين في مواجهة المشاكل الداخلية، ومحاولة التوصل الى اتفاقات لمعالجة بعض القضايا التي تستنزف أمريكا. وفي هذا السياق نقل عن رئيس المخابرات السعودي بندر بن سلطان في ابوظبي قوله ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعى لتكريس دور محوري في الإقليم لثلاث دول هي إيران وتركيا و”إسرائيل”. ويعبر عن مخاوفه من تهميش الدور السعودي، لا اعتقد ان تصريح المسؤول السعودي يحمل الجديد، فمن المعروف ان اسرائيل الحليف الاول لأمريكا وشريك رئيسي للاحتكارات الرأسمالية متعددة الجنسيات، وهي تتبنى مشروعا عدوانيا توسعيا، وقد استفادت من ازمة النظام العربي وانهيار الامن القومي، ان لم نقل انها المستفيد الاول.
اما تركيا فهي ايضا حليف لأمريكا وعضو في حلف الاطلسي، وركبت موجة التيار الاسىلامي مستخدمة بعض مفردات الدولة العثمانية لتحقيق مصالحها الاقتصادية في الوطن العربي بعد فشل تحقيقها اوروبيا، وقد خسرت الجولة وفقدت مصداقيتها قبل ان تثبت اقدامها في المنطقة، ومع ذلك لا يمكن تجاهلها فهي صاحبة مشروع .
تبقى ايران، نجحت في تحقيق اختراقات مهمة بسبب هشاشة الموقف العربي، وافشال المشروع القومي التقدمي الذي برز في اواسط القرن الماضي، وهي تملك مشروعا يحظى بدعم شعبي، بغض النظر عن موقف الآخرين منه، وقد نجحت بإقامة تحالفات اقليمية ودولية مكنتها من الصمود في وجه التحديات الأمريكية، مما اضطر الادارة الأمريكية الى الاعتراف بالدور الاقليمي للايرانيين.
أما القول بأن هناك تهميشا للدور العربي او السعودي، فهذا السؤال المهم يقودنا الى السؤال التالي، هل النظام العربي يملك مشروعا عربيا ينسجم مع مصالح الامة، ويسعى لتحقيقه من خلال تعبئة الطاقات البشرية والمادية والاقتصادية، في مواجهة تحديات المشروع الصهيوني اولا، الذي يشكل الخطر الحقيقي على الامة، ويتعامل بندية مع كافة المشاريع والاطراف الاخرى؟ في حال توفر هذا المشروع، لن تستطيع أمريكا او غيرها تهميش الدور العربي او السعودي.