2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

دور الأحزاب من قضايا المجتمع الاردني

غاندي ابو شرار
جو 24 :

اعجبتني رسالة قصيرة تتساءل عن دور الاحزاب الاردنية في تقديم يد العون للمواطن الاردني اثناء ضيافة منخفض اليكسا الجوي الذي استوطن مدننا الاردنية مؤخرا و احدث شللا شبه تام في بعض مناحي الحياة و القطاعات لفترة مؤقتة.
في الواقع ان هذا التساؤل ذكي جدا و في محله و نشر في موقع الكتروني اخباري محترم يديره صحفي مشهور و صاحب رأي و نقد احترمه , و نظرا لاهتمامي الكبير في منظومة و مستقبل العمل الحزبي في الاردن احببت ان اخوض في بعض التفاصيل الدقيقة عن الدور و المكانة الافتراضيان للاحزاب الاردنية ليس فقط في اوقات الازمات و انما في كل الاوقات و المناسبات .
و عبثا اجد نفسي بين الفينة و الاخرى اعرج على منظومة التنمية الحزبية الافتراضية داخل مجتمعنا الاردني في مسعى لبلورة منظومة مثالية افتراضية للعمل الحزبي داخل الاردن توضح مكانته و دوره و الاهداف الرئيسية المناطة به.
و نحو تمكين ذلك سعينا منذ سنوات لتقديم مدونة سلوك خاصة للأحزاب الاردنية وجدت قبولا اكثر من كونه اجماع حزبي على مبادئها و سعينا لتأسيس حزب يتبنى ايديولوجية اجتماعية-اقتصادية قريبة من فكر الانسان و الطبيعة لم يكتب له النجاح لتصادمه المباشر مع الدولة لنعود ادراجنا للبحث حول اسباب و تداعيات الواقع المأزوم الذي تدور في فلكه الأحزاب الاردنية , المعيق للتنمية الحزبية و بالتالي لدور و مكانة الاحزاب في الاردن كما يتساءل صاحب الرسالة القصيرة في رسالته .
و حتى يكون للأحزاب الاردنية دور و مكانة افتراضية داخل المجتمع الاردني فانه لا بد لها من العروج على خمس مراحل اساسية تشكل في مجموعها منظومة عمل حزبي متكاملة تكاد لا تكتمل دورتها الا باجتماعها كاملة مع بعضها البعض.
اولا: قبول الدولة للعمل الحزبي : ينبغي لنا ان نقر ان الدولة الواعية و الديمقراطية هي من تشجع على العمل الحزبي و تنميته لتحقيق مصلحة الدولة العليا و الاسمى في ايجاد معارضة قانونية قوية تراقب اداء الحكومات ( السلطات التنفيذية ) لتضمن تحقيق الأهداف التالية :
1- تنمية الممارسات الديمقراطية داخل المجتمع و تشجيع المواطنين على العمل الحزبي و الاندماج فيه لتمكينهم من المشاركة الديمقراطية القانونية.
2- ضمان مراقبة الاحزاب ( و هي المعارضة الافتراضية ) لاداء السلطات التنفيذية ( الحكومة ) لتفادي اي فساد محتمل او تقصير في الاداء .
3- ضمان عدم المساس في حقوق المواطنين بوجود الاحزاب حيث تعتبر سلطة رقابية تعمل جنبا الى جنب مع السلطة التنفيذية على حماية حقوق المواطنين و المجتمع و عدم المساس بها.
4- تطبيق انجح و افضل و عملي لمبادىء الدستور .
5- ضمان وجود سلطة تشريعية قوية ممثلة بمجلس النواب او الشعب ايا كانت تسميته ( حيث يطمح اي مجتمع نموذجي داخل اي دولة نموذجية افتراضية تشكيل الاحزاب لاغلب مقاعده )
في الواقع ان الفرضية اعلاه تختلف عند التطبيق عما نراه لدينا في الاردن لكون الدولة هنا هي الممثلة للسلطة التنفيذية و بالتالي يوجد تداخل في اعمال السلطات الثلاث و امتد ليشمل السلطة الرابعة للاسف و بالتالي خلق نوعا من الفساد السياسي و لن تقبل الدولة بوجود احزاب قوية ستكون عامل قلق و ازعاج لها, املين ان نرى تطبيقا حيا و نموذجيا لما ورد اعلاه في المستقبل القريب .
و في الحقيقة ان هنالك مسألة هامة و ضرورية جدا للأحزاب الاردنية جميعها يجدر التنويه اليها : ان الميزة الوحيدة للاحزاب داخل الاردن انه يتواجد مساحة قليلة للتحرك و العمل الحزبي و انها هي من تزيد هذا الهامش المتاح من التحرك بالارادة و العزم و الصبر و العمل المنظم حتى و ان قوبل ببعض العقبات الحكومية المقصودة احيانا او الاجتماعية احيانا اخرى .
و ينبغي لها ان تدرك جيدا ان زيادة مساحة التحرك لن يكون بمنحة حكومية مطلقا و انما باتحاد رؤيتها حول تحقيق هذا الهدف لتضمن تحقيق بعض الاهداف الضرورية جدا مثل :
1- ضمان عدم تدخل الدولة في شؤون الاحزاب خصوصا التدخلات الامنية و خاصة بعد التدخل الامني غير المبرر في تعطيل تأسيس حزب الخضر الاردني .
2- ضمان تشكيل لوبي – حزبي قوي يطالب بتنشيط التنمية الحزبية داخل الاردن حيث سيكون صدى الوقع و الصوت اقوى من المطالبة المنفردة لكل حزب .
3- تذويب الاختلافات غير المبررة بين الاحزاب بغض النظر عن ايديولوجيتها حيث يرى المواطن الاردني عدم وجود قاسم مشترك يجمع بين الاحزاب الاردنية .
4- المطالبة بتحسين قانون الأحزاب الاردني و قانون الانتخابات لتضمن تمثيلا حزبيا قويا داخل البرلمان .
5- تحول الاحزاب الوسطية مع مرور الوقت ( و هي بالمناسبة عبء على الديمقراطية و حجر عثرة امام اي تحول ديمقراطي او عمل حزبي حقيقي او تنمية سياسية مستدامة ) الى ايديولوجيات عملية و فكرية نتيجة التقارب الحزبي – الحزبي .

ثانيا : الاحزاب ذات وظيفة اجتماعية و سياسية سياسية : لا يعتبر النظام الداخلي لاي حزب كان ايا كانت ايدولوجيته و مبادؤه التي انشئ لاجلها معبرا بالضرورة عن وظيفة الحزب الافتراضية , فالاحزاب ينبغي لها على الدوام ان تكون معارضة للسلطة التنفيذية ريثما تتقلد هي زمام السلطة عبر صناديق الانتخاب الديمقراطية و ياخذ الحزب الحاكم سابقا دوره في صفوف المعارضة في عملية متبادلة لتناقل السلطة بطرق سلمية و ديمقراطية و هكذا دواليك و هذه ظاهرة طبيعية و مؤشر ممتاز لتقدم التنمية الحزبية و السياسية لاي مجتمع ديمقراطي . اما في الاردن فللأسف فان الاحزاب الاردنية باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي و الاحزاب اليسارية لا تملك وظيفة اجتماعية و سياسية تمكنها من اخذ مقعدها كمعارض نموذجي و بالتالي غاب دور السواد الاعظم من الاحزاب السياسية و بالتالي احجامه عن لعب اي دور او التاثير على الراي العام .
ثالثا : التركيبة الديمقراطية للحزب نحو اظهار حزب قوي : ينبغي على الاحزاب ان تهتم ببناء بنية الجسم ( اقسامه و دوائره) بطريقة عملية و علمية مدروسة بعناية تتحد وفق حاجة المجتمع اولا و تغطي الانتشار الجغرافي و الديموغرافي للمجتمع ثانيا و تمارس دورها الافتراضي في اصدار القرارات عبر آليات الحوار و التصويت.
كما ينبغي لها ان تعمل على الدوام على استقطاب الكفاءات و الخبرات النموذجية كاعضاء في الحزب ليزيد من تمثيل الحزب و ظهوره لدى كافة الشرائح الاجتماعية و في جميع انشطة و مناحي الحياة.
هذه التركيبة الديمقراطية و آلية العمل المنظمة داخل الحزب تسمح بابراز النشطاء المميزين داخل الحزب حيث تكون المشاركة فاعلة و مفتوحة لجميع الاعضاء و بالتالي تختفي ظاهرة حزب الفرد لدينا لتتحول الى حزب الجماعة .
رابعا : البرنامج العملي للحزب : تفتقر اغلب الاحزاب الاردنية الى برنامج عمل حزبي عملي ( لا يقصد هنا ادبيات و وثائق الحزب من نظام داخلي او بروشورات تعريفية او كتيبات توضح الهيكل التنظيمي ... الخ ) .
و غالبا ما تمتلك الاحزاب الاردنية رؤية حزبية خاصة بها لا يمكن الاخذ بها كبرنامج عمل حزبي عملي يعكس تصوراتها و مقترحاتها المبنية على ايدولوجيتها و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام . ماذا لو افترضنا ان حزب x استلم زمام السلطة فماذا سيقدم و كيف سيطبق برنامجه او رؤيته .
ان برنامج الحزب العملي اشبه ما يكون بحكومة ظل و هو شيء مختلف عن مواقف الحزب, يترجم وظيفته الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الى افعال و آليات عمل و توصيات و اقتراحات

خامسا : التواصل و الاتصال المباشر مع المجتمع : من النادر ان تجد لدى احزابنا الاردنية أجندة خاصة او برنامجا خاص يحمل عنوان " التواصل " و هي و ان كانت تسمية غير معممة و لا تشترط ذلك لتنفيذها الا انها تعكس بالضرورة مفهوم قيادة الحزب لماهية العمل الحزبي و مدى اهتمامهم بالترويج و الاستقطاب له و الاهتمام بقضايا المجتمع .
فالتواصل : برنامج عملي – ميداني يهدف الى المحافظة على دوام التواصل و الاتصال مع جميع شرائح المجتمع الاعضاء في آن معا , في كل الاوقات و الظروف و المشاركة في جميع المناسبات و الاستماع لمطالب و مشاكل شرائح المجتمع كاملة على الدوام .
فالحزب الديناميكي – العملي هو ذلك الحزب الذي يتواجد عبر شبكة الانترنت و صفحات التواصل الاجتماعي و عبر و سائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقروءة على الدوام .
و هو ذلك الحزب الذي يتواصل مع اعضائه الكترونيا و ميدانيا و يطرق ابواب المواطنين العاديين للتعريف عن برامجه و استقطاب المتطوعين للإندماج في انشطته التي ينبغي ان تتنوع حسب حاجات المجتمع .
و هو ذلك الحزب الذي تجد له بعض الادبيات و المراجع العملية و العلمية من دراسات و ابحاث و توصيات .
هو ذلك الحزب الاردني و هنا حالة خاصة الذي يسعى لاقناع المواطن العادي باهمية الانخراط في العمل الحزبي و التطوعي و ترك المخاوف من ذلك الانخراط جانبا حيث تغيرت الظروف قليلا الى الافضل و لم يعد المواطن موضع تساؤل .
و هو ذلك الحزب الذي يسعى على الدوام الى تقديم كل ما هو مفيد و ضروري من تشريعات و توصيات و مطالب من شان ذلك ان يهيأ المناخ العمل الحزبي للتمدد الافقي و العمودي و يشجع المواطن العادي للانخراط و المشاركة فيه .
في الختام ... نتمنى ان تخرج افكار هذه المنظومة الحزبية الفكرية الى ارض الواقع لتتحول الى واقع عملي يتلمسه المواطنون الاردنيون ... و بخلافه فان ما نراه للاسف لا يعدو عن كونه برواز ديمقراطي لهياكل حزبية لا تخدم المواطن و المجتمع لانها فقدت مكانها و دورها من الاساس .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير