نقطة الصفر في تأسيس الأحزاب السياسية
يُلاحظ المتتبع لبعض ملفات التنمية السياسية و الحزبية لدينا في الاردن كقوانين الإنتخاب و الاحزاب , و النظام المالي الجديد لدعم الاحزاب المنوي اشهاره رسمياً قريباً , ان وزارة الشؤون السياسية و البرلمانية تمارس نوعاً من التحفظ و التستر على نشر أي من تفاصيل تلك الملفات او الاعلان عن مضامينها الكاملة , رغم ما تحتويه بعض التفاصيل و التعديلات من أنباء جيدة و سارة لأحزابنا السياسية, كتفاصيل النظام المالي ذو المعايير الأكثر شفافية و مصداقية من تلك المطبقة حاليا .
نتمنى أن يحمل احد تلك الملفات و تلك المفاجآت و الاخبار السارة التي يحيطها غموضاً إعلامياً صارماً, نظاماً جديداً خاصاً لضبط المرحلة الاولى من تأسيس الأحزاب السياسية, يكون الغرض منه كبح جماح كل من هب و دب و كل حارة و شارع و عائلة راغبة في تأسيس حزب سياسي عشوائي او غير برامجي او فردي , للمحافظة على نوعية العمل الحزبي و مستقبل التنمية الحزبية و السياسية في الاردن و تفادياً للعدد المذهل و المتوقع لعدد الاحزاب السياسية التي من الممكن ان تنشئ مستقبلاً بعد تقليص عدد مؤسسي الحزب في القانون الجديد " الجاهز للتطبيق بعد اشهر معدودة " الى 150 عضو فقط ,
فالمتتبع لآلية تشكيل الاحزاب السياسية لدينا في الاردن يلاحظ للأسف عدم وجود اي ضوابط منهجية او عملية تحكم المؤسسين الراغبين بانشاء حزبهم السياسي .... مجرد طلب مكون من ورقة واحدة ينبغي أن يحتوي على اسماء خمسة مواطنين أردنيين يحملون ارقاماً وطنية , مع ورقة اضافية اخرى تحتوي على غايات الانشاء و التي لا تخلو من الاهداف التقليدية التي يلجأ اليها اي مواطن يرغب في تأسيس حزب سياسي , باتت بمثابة الشماعة التي تعلق عليها الآمال و الكفيلة بالحصول على موافقة الجهات الرسمية خلال ساعات او يومين للبدء في التحضير و الترويج لحزبهم . دون ان تراعي الاجراءات الحالية المتبعة ماهية هؤلاء الاشخاص و ما يحملونه من فكر حزبي او سياسي او البحث حول طبيعة عملهم او انجازاتهم او معرفة الدوافع الحقيقية لتأسيس الحزب او على الاقل ما الذي جمع بين الاشخاص المؤسسين او المقدمين لطلب التأسيس من رؤية مشتركة .
نحن بحاجة و في ظل الطلب الكبير المتوقع على سلعة الأحزاب السياسية نتيجة تقليص عدد المؤسسين و تسهيل اجراءات الترخيص إلى نظام خاص و جديد يحفظ نوعية العمل الحزبي و استقراره و نموه و يضمن نشوء احزاب فكرية و برامجية , يمنع تفرعه و تمدده العشوائي , و انتشاره الفردي .
إن وزارتنا الام باتت مطالبة الان و اكثر من أي مضى بالعمل على تحقيق خطوة اضافية جديدة نحو التنمية السياسية الفعلية , و تقوم بفعل ما لم تفعله وزارة الداخلية نفسها من خلال لجنة خاصة مكونة من وزراء تنمية سياسية سابقين على أقل تقدير , لوضع شروط خاصة, لآلية ترخيص الاحزاب لا اعتقد ان وجودها او آلية عملها ستؤثر سلباً على إباحة العمل الحزبي و على حرية المواطنين في التعبير عن أرائهم و المشاركة في الحياة السياسية و الحزبية بأي شكل من الأشكال طالما ان غايتها تحديد غايات المؤسسين الحقيقية و مدى قدرتهم على تحمل المسؤولية السياسية .