مفهومنا لحرية الرأي
" من الصعوبة أن تمارس حرية الرأي و التعبير داخل مجتمعاتنا دون حصول صدام مباشر مع الأنظمة السياسية أو مع المجتمع , طالما لم تتحول حرية الرأي و التعبير من فكرة حالمة إلى سلوك ينمو مع نمو الإنسان "
ما كان ليتم توقيف نائب جماعة الإخوان المسلمين " زكي بني إرشيد " و حجز حريته بسبب تصريحاته التي فسرتها الدولة بأنها تعكّر صفو العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية فيما لو كان مواطناً غير أردني و غير عربي تحديداً .
و لكن مفهوم الحقوق في موسوعة مصطلحاتنا له تعريف و مفهوم اخر للحريات و لحرية الرأي و التعبير بالذات , يختلف و باقي الأعراف الدولية و الإنسانية و القانونية إختلافا غريباً بقدر إختلاف قاموسنا عن باقي قواميس المجتمعات الاخرى .
و هذا ما يجعل تصنيفنا و ترتيبنا في سلم الحقوق دوما في مواضع و درجات متاخرة ضمن تقارير المنظمات و الدول المعنية بهذا الشأن .
فللمرء ان يتخيل كيف أن مجرد إنتقاده لسياسة الدولة قد يقوده إلى إتهام جاهز بمحاولة زعزعة النظام و الإرتباط بأجندة خارجية , و عندما ينتقد المرء سياسة حكومته فإنه يتهم بإنتمائه للحراك الاصلاحي , و عندما ينتقد سياسة دولة اخرى فانه يتهم بتعكير صفو العلاقات الدبلوماسية .
و لم يبقى لدولنا من تهم تسندها لحق ممارسة حرية التعبير إلا إتهام الزوج بتعكير صفو العلاقات الزوجية فيما لو تجرأ و انتقد زوجته بسبب إدارتها لشؤون المنزل او بسبب تربيتها للأطفال .
فماذا بقي لنا بعد ذلك من حريات نمارسها ؟!
لعل دولنا العربية غير معنية كثيراً بما ينشر من تقارير سلبية تقيّم حرية الراي و التعبير داخل مجتمعاتها , فهي و لسان حالها يقول : مجرد تقارير غير ملزمة و لا تترك أثراً مباشراً .
و لكنها بالتأكيد تغفل عن إدراك مسآلة هامة جدا - أشك بأنها تعيها ... لا تربط بين العلاقة السببية بين قمع الحريات و إنعدام الإنتماء و الولاء , و لا بين قمع الحريات و ارتفاع نسبة الهجرة , و لا بين قمع الحريات و تراجع معدلات التنمية , و لا بين قمع الحريات و إنتشار الفساد ,و لا بين قمع الحريات و التأخر عن الركب الحضاري , و لا بين قمع الحريات و عدم استقرار المجتمع .
و الأدهى اننا ما كنا لنعيش في أجواء الربيع العربي و لا في عدم الاستقرار و الاضطراب السياسي و الاجتماعي الذي تشهده دولنا , و لا في ظل الحراكات الاصلاحية لولا فقداننا لذلك الحق المكنى ب "حرية الرأي و التعبير " .