2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

إعادة إنتاج أوسلو

فهمي الكتوت
جو 24 : بعد سلسلة الزيارات المكوكية للمنطقة أعلن جون كيري عن تفاؤله بقرب الوصول الى اتفاق بين السلطة الفلسطينية و “اسرائيل” وتحدثت وكالات الانباء عن استعدادات اميركية للتوقيع على “اتفاق اطار” خلال الشهرين القادمين بعد ما فشلت في الوصول الى تسوية نهائية. وهو اتفاق على الخطوط العامة دون الدخول بتفاصيل، يعيد انتاج اتفاق اوسلو من جديد، مع استمرار الاستيطان الصهيوني في القدس والضفة الغربية والاستيلاء على الاراضي الفلسطينية، وبعد ابتلاع نصف اراضي الضفة الغربية واقامة جدار الفصل العنصري. وتشير المعلومات ان أمريكا تمارس ضغوطا متزايدة على السلطة الفلسطينية لفرض اتفاق يبقي على قوات الاحتلال الاسرائيلي في غور الاردن لمدة عشرة اعوام ينظر بمصيرها لاحقا، اضافة الى وجود غير مرئي لقوات الاحتلال على المعابر الحدودية بين الضفة الغربيىة والاردن، ونشر محطات انذار مبكر على مرتفعات الضفة الغربية، وابتلاع القدس والغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، واستبعاد فكرة الحل النهائي. في اية ظروف يجري الحديث عن اتفاق الاطار الذي تروج له الادارة الاميركية فلسطينيا وعربيا: اقل ما يمكن قوله ان أمريكا تستغل الظروف السياسية غير المواتية لفرض تسوية على الفلسطينيين لا تلبي الحدود الدنيا من مطالب الشعب الفلسطيني الواردة في البرنامج المرحلي. فلسطينيا: ما زال الشعب الفلسطيني يعاني من انقسام خطير، سياسسيا وجغرافيا، فقد فشلت المحاولات المتكررة لاجراء مصالحة بين الاتجاهين الرئيسيين فتح وحماس. واستطيع القول بأن الطرفين يتحملان مسؤولية عدم انهاء حالة الانقسام، ولكل طرف اجندة وحسابات خاصة تتقدم على القضية المركزية، فقد راهنت حماس على انتصار الاخوان المسلمين في مصر وعدد من الاقطار العربية، اضافة الى الدعم غير المحدود من قطر، دفعها لاتخاذ مواقف غير متوازنة من الازمة السورية، باصطفافها الى جانب القوى التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية والتي تستهدف تدمير الدولة السورية. وصل الامر الى حد اعتبار الجهاد في سوريا يحتل اولوية عن فلسطين كما ورد على لسان رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. كل ذلك اضعف دور حركة حماس في مواجهة المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية، وافقدها حلفاؤها. اما السلطة الفلسطينية التي كانت مهتمة في مرحلة معينة بالوصول الى اتفاق مع حماس للظهور امام أمريكا و”اسرائيل” بأنها تمتلك بدائل عن شروط الاذعان، خاصة في المرحلة التي شهدت المفاوضات مع الكيان الصهيوني حالة جمود، الا ان تردد الحمساويين في حينه من جهة، ومواصلة الضغوط الاميركية والعربية من جهة اخرى، دفعها نحو القبول بالعودة للمفاوضات والتنازل عن مطلبها الرئيسي بوقف الاستيطان قبل البدء بالمفاوضات. وهي لا تملك بدائل بحكم برنامجها القائم على التزاماتها السياسية والامنية مع الكيان الصهيوني، الذي افقدها قدرة المناورة امام الاحتلال الذي يتمتع بدعم غير محدود من أمريكا. كما لم يتمكن اليسار الفلسطيني الذي يمتلك موقفا سياسيا صائبا من تجاوز ازمته وتشكيل اتجاه ثالث قادر على الامساك بزمام المبادرة، وفرض واقع جديد على الشارع الفلسطيني. فقد فشل في تشكيل اطار جبهوي يضم القوى السياسية والاجتماعية التي تجمعها رؤية مشتركة حول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية، وقيادة الشعب الفلسطيني نحو فرض مصالحه فلسطينية، وحشد الطاقات عبر برنامج شعبي وطني مقاوم للاحتلال الصهيوني، بكافة الوسائل والسبل النضالية لكنس الاحتلال، وسحب البساط من تحت اقدام اليمين الفلسطيني باتجاهيه. عربيا: يعيش الوطن العربي ازمة عميقة، وبدلا من مساعدة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الصهيوني، ومواجهة الضغوط الاميركية، يجري دفع السلطة الفلسطينية نحو الرضوخ للشروط الاميركية- الصهيونية، فالوطن العربي يعيش في دوامة الصراعات المذهبية والطائفية، و يمارس النظام العربي كافة اشكال التضليل لتبرير مواقفه، بهدف تحويل الصراع الرئيسي، الى صراعات داخلية تفتك بالاقطار العربية. وما يجري في سوريا والعراق ومصر والسودان واليمن الا دليل ساطع على تفتيت الكيانات العربية، ويعيش الوطن العربي ازمات مركبة، في مقدمتها ازمة الدولة، التي لم يشهد المواطن العربي دورا لها الا من خلال الاستبداد والفساد والارهاب والسجون، واستنزاف موارد البلاد ونهب الثروات، الدولة الريعية التي تفتقر للمشاريع التنموية، وتفرخ الفقر والبطالة، فاقدة الشرعية اليمقراطية والعدالة الاجتماعية، دولة الفوضى الخلاقة، عبر اشعال الحروب المذهبية والطائفية والاقليمية، دولة انفاق مليارات الدولارات على التسلح وشراء الطائرات واسلحة الدمار الشامل، والتي حصدت عشرات بل مئات الالاف من “الاعداء”.. ليس اعداء الامة او اعداء الحرية والديمقراطية.. بل اعداء النظم الفاسدة والمستبدة. في ظل هذه المناخات السياسية، والاختلالات في موازين القوى، تجري محاولات فرض تسوية على الشعب الفلسطيني، تستهدف التوقيع على صك الاستسلام، لتصفية القضية الفلسطينية واستبدال حق العودة بالتعويض، والحاق اجزاء من الضفة الغربية الى الاردن. هذه بعض ملامح المشروع الاميركي القادم. لكن الشعب الفلسطيني الذي يخوض نضالا بلا هواده منذ عشرات السنين من اجل كنس الاحتلال وتحقيق الاستقلال واقامة دولته على ارض وطنه، قادر على احباط المؤامرة، وافشال المشروع الاميركي- الصهيوني.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير