تنفيذ خطة كيري بدأ فعلياً على الأرض؟
ناصر لافي
جو 24 : كتب ناصر لافي- منذ اليوم الأول، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن خطته للتسوية في المنطقة ترتكز أساساً على إقامة علاقات تعاون كوسيلة لفتح الطريق أمام حل سياسي، وسبق أن أشار لدى حضوره منتدى دافوس المنعقد في 25 أيار الماضي إلى عزمه "بناء الثقة" من خلال ما يوصف بـ"السلام الاقتصادي"،منوهاً إلى أهمية بناء مشاريع مشتركة وإزالة الحواجز الحدودية وتسهيل حركة التنقل وتطوير البنية التحتية.
مؤخراً تسارعت المشاريع المشتركة بين الأردن والسلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، فبعد أن وقعت الأطراف الثلاثة اتفاقية لجر وتقاسم المياه الشهر الماضي، نقل موقع "بلومبيرغ" الإقتصادي الأربعاء المنصرم عن مصادر إسرائيلية تأكيدها بأن وزارة الطاقة هناك ستشرع في بناء أنبوب لتصدير الغاز الطبيعي الذي عثر عليه في مياه البحر المتوسط عام 2010 لتغذية محطة ستقام في مدينة جنين الفلسطينية ومن ثم إلى الأردن عبر البحر الميت بالإشتراك مع شركة أمريكية (نوبل إنيرجي إنك) ومقاول أردني،لم تفصح عنه.
لم تعقب الأطراف المعنية على المشروع الثاني بعد، بالرغم من كونه استراتيجيا وكبيراً (طول الأنبوب يصل إلى 15 كيلومترا)، ولكن هذا لا يشكك في المعلومات بقدر ما يشير إلى طبيعة مجريات الأحداث في هذه المرحلة والتي تتسم بالتكتم وتعتمد تكتيك اتفاقات الأمر الواقع، وللتذكير فإن توقيع اتفاق "ناقل البحرين" في أمريكا حدث بشكل مفاجيء وبلا مقدمات، وأتضح لاحقاً بأنه كان نتيجة مفاوضات وزيارات سرية عديدة بين الأطراف ذات العلاقة.
وفي هذ الصدد يتحدث مناهضو التطبيع عن رزمة من المشاريع الثلاثية المشتركة استناداً الى ما تتداوله الصحافة العبرية، من بينها مطار وسكة حديد ومنطقة اقتصادية مشتركة حدودية، وهذه الأخيرة سبق أن نفتها الحكومة الأردنية بالرغم من إقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي لها الشهر قبل الماضي.
ما تكشّف إلى الآن سواء ثبت أم لم يثبت بعد، قد لا يمثل سوى رأس جبل من مشاريع ربط ثلاثية تجري بالتزامن مع مفاوضات كيري المكوكية لتوقيع اتفاق إطار يتكيء في الأساس على قناعات إسرائيلية تحاول تجنب المسائل الجوهرية لصالح تنمية اقتصادية تستهدف السيطرة ومحاولة التحكم في مجريات الأحداث.
وبعيداً، عن مآلات الشق السياسي في مفاوضات كيري، واحتمالات نجاحها أو فشلها، فإن عملية ربط الأطراف الثلاثة يثير الكثير من الشكوك، ويشي بأننا على أعتاب مرحلة دمج للكيان الإسرائيلي عضوياً مع الأردن وفلسطين بحيث يذوب الخاص لصالح المشترك، وهنا سيلعب الكيان دور المركز بسبب قوته إقتصادياً على الأقل (إذا تجاهلنا الفروقات في الجوانب الأخرى كالقوة العسكرية والتكنولوجية وحتى السياسية ).
هذا السيناريو مطروح نظرياً منذ أمد، لكن يبدو أنه تعزز مؤخراً، بسبب فشل تجربة أنهاء الصراع من خلال حل المسائل الجوهرية ،وتنامي شعور ما يوصف بأزمة مصير الكيان الإسرائيلي، أمام استمرار عزلته بالمنطقة وعجزه عن التأثير المباشر في المتغيرات،(خصوصاً بعد الثورات العربية) وتحوله إلى عبء على الإستراتيجية الأميركية، ومشاكل داخلية كزيادة الهجرة العكسية، والعزوف عن الالتحاق بالجيش،والمتغيرات الديموغرافية التي تميل لصالح العرب بمرور الوقت.
الجديد أننا بدأنا نلمس خطوات تنفيذية، ليس فقط على مستوى الاقتصادي فحسب، بل أيضاً على المستوى السياسي، إذ تشير التسريبات والتصريحات المباشرة إلى الحاجة لدور أردني في ترتيبات الحل النهائي سواء بتواجد قوات مشتركة أردنية فلسطينية إسرائيلية في الأغوار، أو إشراف ثلاثي أو دولي على الأماكن المقدسة أو الجنسية المشتركة لبعض اللاجئين ومستوطني الضفة الغربية ولبعض تجمعات عرب فلسطين المحتلة عام 1948 .
الكيان الإسرائيلي صاحب تجربة في ربط الضفة الغربية وغزة على سبيل المثال به عضوياً، فما يصل هذه المناطق المحتلة من الموارد والبنى التحتية كالكهرباء والماء والاتصالات ومجمل الاقتصاد مرتبط بإرادته،وأتجهت سياساته في السنوات الأخيرة إلى دمج المصالح الإستراتيجية ،وفي ذات الوقت عزل السكان والتفرد بالسيطرة الأمنية مع وجود تنسيق نشط مع الاخر.
عندما يتحدث البعض عن الخيار الأردني ومخاطره ويربطون بين دولة فلسطينية ممزقة وبلا سيادة ومعتمدة على غيرها وضرورة إبرام فدرالية أو كونفدرالية مع الأردن كمخرج إجباري لنجاح التسوية، فإن الأخطر سيناريو الربط الثلاثي "الكونفدرالية الثلاثية"، ففي هذه الحالة ستتدحرج كرة الثلج لكي تفرض واقعاً على الأرض يخدم إدماج الكيان الإسرائيلي في المنطقة العربية ويزيد بمرور الزمن من اعتماد الأردنيين والفلسطينيين عليه بحيث تضيق نافذة الخيارات شيئاً فشيئاً.
لم يتحول مثل هذا السيناريو إلى واقع بالكامل بعد، ولكن تصاعد وتيرة المشاريع المشتركة مثير للإنتباه، لا سيما في أجواء غياب الشفافية وتوالي المفاجآت على هذا الصعيد دون سابق إنذار، ويجدر الإشارة إلى أن عملية الربط، لا تعني التساوي بين الأطراف فلن تتساوى حصة الشركاء بالتأكيد لا في الماء ولا في الطاقة ولا مستوى دخل الفرد ورفاه السكان ولا أيضاً في السيادة والإستقلال والقوة المادية ومن بينها العسكرية.
أخيراً فإذا كان كيري ومن خلفه الكيان الإسرائيلي يحاول، بخطته فرض السيطرة الإسرائيلية، بإستخدام الإغراءات الإستثمارية السخيّة، فإن المآلات بالتأكيد تصب في غير صالح الجانب العربي، وإن تحقق الرفاه وتضاعف الناتج المحلي وتقلصت البطالة وزاد دخل الفرد كما تبشر الخطة،وهي الوعود التي سبق استغفال الشعوب بإستخدما مثيل لها لدى توقيع اتفاقيات التسوية السابقة، ولم تصدق، حتى ولو صدقت، فماذا يعني رغد العيش بلا حقوق وسيادة وبعد أن تكون قد ضاعت الأرض والمقدسات.
وعليه فإذا كان ثمة قناعة بأن خطة كيري قد بدأت تُنفذ على الأرض فعلياً، فشعوب المنطقة مدعوة إلى إستشعار مخاطرها والبدء بمواجهتها بدلاً من استمرار الترقب لحفل تدشينها رسمياً.
مؤخراً تسارعت المشاريع المشتركة بين الأردن والسلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، فبعد أن وقعت الأطراف الثلاثة اتفاقية لجر وتقاسم المياه الشهر الماضي، نقل موقع "بلومبيرغ" الإقتصادي الأربعاء المنصرم عن مصادر إسرائيلية تأكيدها بأن وزارة الطاقة هناك ستشرع في بناء أنبوب لتصدير الغاز الطبيعي الذي عثر عليه في مياه البحر المتوسط عام 2010 لتغذية محطة ستقام في مدينة جنين الفلسطينية ومن ثم إلى الأردن عبر البحر الميت بالإشتراك مع شركة أمريكية (نوبل إنيرجي إنك) ومقاول أردني،لم تفصح عنه.
لم تعقب الأطراف المعنية على المشروع الثاني بعد، بالرغم من كونه استراتيجيا وكبيراً (طول الأنبوب يصل إلى 15 كيلومترا)، ولكن هذا لا يشكك في المعلومات بقدر ما يشير إلى طبيعة مجريات الأحداث في هذه المرحلة والتي تتسم بالتكتم وتعتمد تكتيك اتفاقات الأمر الواقع، وللتذكير فإن توقيع اتفاق "ناقل البحرين" في أمريكا حدث بشكل مفاجيء وبلا مقدمات، وأتضح لاحقاً بأنه كان نتيجة مفاوضات وزيارات سرية عديدة بين الأطراف ذات العلاقة.
وفي هذ الصدد يتحدث مناهضو التطبيع عن رزمة من المشاريع الثلاثية المشتركة استناداً الى ما تتداوله الصحافة العبرية، من بينها مطار وسكة حديد ومنطقة اقتصادية مشتركة حدودية، وهذه الأخيرة سبق أن نفتها الحكومة الأردنية بالرغم من إقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي لها الشهر قبل الماضي.
ما تكشّف إلى الآن سواء ثبت أم لم يثبت بعد، قد لا يمثل سوى رأس جبل من مشاريع ربط ثلاثية تجري بالتزامن مع مفاوضات كيري المكوكية لتوقيع اتفاق إطار يتكيء في الأساس على قناعات إسرائيلية تحاول تجنب المسائل الجوهرية لصالح تنمية اقتصادية تستهدف السيطرة ومحاولة التحكم في مجريات الأحداث.
وبعيداً، عن مآلات الشق السياسي في مفاوضات كيري، واحتمالات نجاحها أو فشلها، فإن عملية ربط الأطراف الثلاثة يثير الكثير من الشكوك، ويشي بأننا على أعتاب مرحلة دمج للكيان الإسرائيلي عضوياً مع الأردن وفلسطين بحيث يذوب الخاص لصالح المشترك، وهنا سيلعب الكيان دور المركز بسبب قوته إقتصادياً على الأقل (إذا تجاهلنا الفروقات في الجوانب الأخرى كالقوة العسكرية والتكنولوجية وحتى السياسية ).
هذا السيناريو مطروح نظرياً منذ أمد، لكن يبدو أنه تعزز مؤخراً، بسبب فشل تجربة أنهاء الصراع من خلال حل المسائل الجوهرية ،وتنامي شعور ما يوصف بأزمة مصير الكيان الإسرائيلي، أمام استمرار عزلته بالمنطقة وعجزه عن التأثير المباشر في المتغيرات،(خصوصاً بعد الثورات العربية) وتحوله إلى عبء على الإستراتيجية الأميركية، ومشاكل داخلية كزيادة الهجرة العكسية، والعزوف عن الالتحاق بالجيش،والمتغيرات الديموغرافية التي تميل لصالح العرب بمرور الوقت.
الجديد أننا بدأنا نلمس خطوات تنفيذية، ليس فقط على مستوى الاقتصادي فحسب، بل أيضاً على المستوى السياسي، إذ تشير التسريبات والتصريحات المباشرة إلى الحاجة لدور أردني في ترتيبات الحل النهائي سواء بتواجد قوات مشتركة أردنية فلسطينية إسرائيلية في الأغوار، أو إشراف ثلاثي أو دولي على الأماكن المقدسة أو الجنسية المشتركة لبعض اللاجئين ومستوطني الضفة الغربية ولبعض تجمعات عرب فلسطين المحتلة عام 1948 .
الكيان الإسرائيلي صاحب تجربة في ربط الضفة الغربية وغزة على سبيل المثال به عضوياً، فما يصل هذه المناطق المحتلة من الموارد والبنى التحتية كالكهرباء والماء والاتصالات ومجمل الاقتصاد مرتبط بإرادته،وأتجهت سياساته في السنوات الأخيرة إلى دمج المصالح الإستراتيجية ،وفي ذات الوقت عزل السكان والتفرد بالسيطرة الأمنية مع وجود تنسيق نشط مع الاخر.
عندما يتحدث البعض عن الخيار الأردني ومخاطره ويربطون بين دولة فلسطينية ممزقة وبلا سيادة ومعتمدة على غيرها وضرورة إبرام فدرالية أو كونفدرالية مع الأردن كمخرج إجباري لنجاح التسوية، فإن الأخطر سيناريو الربط الثلاثي "الكونفدرالية الثلاثية"، ففي هذه الحالة ستتدحرج كرة الثلج لكي تفرض واقعاً على الأرض يخدم إدماج الكيان الإسرائيلي في المنطقة العربية ويزيد بمرور الزمن من اعتماد الأردنيين والفلسطينيين عليه بحيث تضيق نافذة الخيارات شيئاً فشيئاً.
لم يتحول مثل هذا السيناريو إلى واقع بالكامل بعد، ولكن تصاعد وتيرة المشاريع المشتركة مثير للإنتباه، لا سيما في أجواء غياب الشفافية وتوالي المفاجآت على هذا الصعيد دون سابق إنذار، ويجدر الإشارة إلى أن عملية الربط، لا تعني التساوي بين الأطراف فلن تتساوى حصة الشركاء بالتأكيد لا في الماء ولا في الطاقة ولا مستوى دخل الفرد ورفاه السكان ولا أيضاً في السيادة والإستقلال والقوة المادية ومن بينها العسكرية.
أخيراً فإذا كان كيري ومن خلفه الكيان الإسرائيلي يحاول، بخطته فرض السيطرة الإسرائيلية، بإستخدام الإغراءات الإستثمارية السخيّة، فإن المآلات بالتأكيد تصب في غير صالح الجانب العربي، وإن تحقق الرفاه وتضاعف الناتج المحلي وتقلصت البطالة وزاد دخل الفرد كما تبشر الخطة،وهي الوعود التي سبق استغفال الشعوب بإستخدما مثيل لها لدى توقيع اتفاقيات التسوية السابقة، ولم تصدق، حتى ولو صدقت، فماذا يعني رغد العيش بلا حقوق وسيادة وبعد أن تكون قد ضاعت الأرض والمقدسات.
وعليه فإذا كان ثمة قناعة بأن خطة كيري قد بدأت تُنفذ على الأرض فعلياً، فشعوب المنطقة مدعوة إلى إستشعار مخاطرها والبدء بمواجهتها بدلاً من استمرار الترقب لحفل تدشينها رسمياً.