jo24_banner
jo24_banner

بريطانيا “العظمى” تحذر أوروبا.. الإصلاح أو الانسحاب!

فهمي الكتوت
جو 24 : حذر وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن الاتحاد الأوروبي، “الاصلاح او إلانسحاب من الاتحاد” مؤكدا ان الاتحاد سيواجه الانحدار في حال رفض التغيير وأعلن أوزبورن إن بقاء الوضع القائم حاليا هو الذي يجعل الشعوب الأوروبية رهينة للأزمة الاقتصادية وحالة الانحدار. وأكد بأن نمو الاقتصاد الأوروبي توقف مقابل نمو اقتصادات صاعدة مثل الصين والهند، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يعاني من مسألة ضعف التنافسية حتى قبل أزمة قروض منطقة اليورو. وأن مراكز القوة تتحرك إلى الشرق وإلى الجنوب في العالم، مقابل هبوط نصيب أوروبا في حق الاختراع في العالم، وارتفاع معدل البطالة فيها وزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية.

اكتشف الوزير البريطاني ان العالم يتغير، وان بريطانيا لم تعد العظمى التي لا تغيب عنها الشمس، بمستعمراتها التي امتدت في العصور الغابرة الى القارات الخمس. لم يستوعب العقل البريطاني ان مستعمراتها السابقة مثل الصين والهند تخطت بريطانيا بمعدلات النمو الاقتصادي وبالقدرة التنافسية، ليس هذا فحسب فقد احتلت الصين “المستعمرة البريطانية السابقة” ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية، وتصدرت دول العالم بالنمو الاقتصادي، فقد نما اقتصادها بنسبة 50% خلال السنوت الست الماضية، بينما تقهقرت بريطانيا الى خلف البرازيل، كما استحوذت الصين على معظم احتياطيات العالم من العملات الصعبة، وقفزت احتياطياتها بأكثر من 500 مليار دولار العام الماضي وحده، وبلغ اجمالي الاحتياطي ما يعادل 3.82 تريليونات دولار.

الوزيرالبريطاني يستهجن تحرك مراكز القوة الى الشرق والى الجنوب وتراجع نصيب أوروبا في حقوق الاختراع في العالم … فهو ما زال مسكونا بالماضي، لم يستوعب ان “العبيد” الذين كانوا يجرون العربات التي يمتطونها الاسياد البريطانيين، اصبحوا اسيادا في اوطانهم يستثمرون موارد بلادهم التي نهبت عبر مئات السنين من قبل المستعمرين البريطانيين وحلفائهم الفرنسيين والاسبان وغيرهم.. ليجمعوا ثروات الارض لصالح طبقة النصف بالمئه من المجتمع البشري، الطبقة التي تحكمت بمقدرات الشعوب والاوطان، وشنت الحروب الامبريالية، العالمية والاقليمية المدمرة، للاستيلاء على الاسواق والثروات، وفتكت بملايين البشر جوعا في القارات الثلاث “آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية” لتحقيق الثراء الفاحش لطبقة النبلاء، وللاحتكارات المتعددة الجنسيات عابرة القارات. وتصرفت بمصير امم وشعوب باعتبارهم اقنان، ووهبت من مستعمراتها ما لم تملك حين اعلنت عن وعد بلفور بأقامة وطن قومي لليهود على حساب الشعب الفلسطيني، وسهلت للحركة الصهيونية مهمة تهجير ملايين اليهود من ارجاء المعمورة الى فلسطين، وايديها ملطخة بدماء الشعب الفلسطيني، وارتكابها جريمة إقامة الدولة العنصرية الصهيونية على الارض الفلسطينية.

وكرر الوزير ما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن أوروبا التي يصل عدد سكانها نحو 7% من سكان العالم ويمثل اقتصادها ربع اقتصاد العالم تتحمل 50% من إنفاق العالم اجمع على الرعاية الاجتماعية. يُشتم من ذلك ان هناك دعوة للانقضاض على المكاسب العمالية، فمن حق الشعوب الاوروبية التمتع بالرعاية الاجتماعية من منجزاتها وثروات بلادها، وهي التي ناضلت مبكرا من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ودفعت غاليا ثمن ذلك، ومن حق البلدان النامية اقامة علاقات متوازنة ومتكافئة مع بلدان العالم، لكي تفسح المجال امام البلدان غير الاوروبية تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مماثلة للشعوب الاوروبية. لنذكر الاوروبيين ان القسم الاعظم من ثرواتهم، والجزء الاهم من مكاسبهم الاقتصادية، ونسبة هامة من تكاليف الرعاية الاجتماعية في بلادهم التي يتفاخرون بها، جاءت على حساب بلدان العالم الثالث، سواء من خلال نهب الثروات او استغلال الاسواق لتصريف منتجاتهم ، واقامة العلاقات غير المتكافئة.

لقد انتهى عصر تقسيم العالم الى دول متقدمة منتجة مثل المراكز الرأسمالية الثلاث “أوروبا وأمريكا واليابان” ودول مستهلكة تبقي اسواقها مفتوحة لسلع المراكز الرأسمالية. لقد اخذ يتهاوى “النظام العالمي الجديد” احادي القطبية، بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي انفجرت في سبتمبر 2008، واختراق البلدان النامية مثل “الصين والهند والبرازيل” جدار الرأسمالية العالمية، وتقهقر الدول المتقدمة الى الخلف. فالأزمة الحادة التي تمر بها المراكز الرأسمالية جاءت في مرحلة لم تعد موجودة مستعمراتها لتفريغ ازمتها من خلال نهب ثرواتها، كما فقدت قدرتها التنافسيته امام منتجات البلدان النامية “مستعمرات الامس”.

إن الاصلاح او الخروج من الاتحاد الاوربي لن يسعف بريطانيا في الخروج من ازمتها، فالأزمة التي تواجها ازمة بنيوية مرتبط باسلوب الانتاج الرأسمالي، خاصة بعد حرمانها من نهب ثروات الدول النامية، التي تمكنت من فك تبعيتها للمراكز الرأسمالية، والتي كانت تغطي على بعض مظاهر أزماتها الاقتصادية، ومكنتها من الاستجابة لبعض مطالب الطبقة العاملة في بلدانها، بهدف استيعابها وسحب البساط من تحت اقدام الاحزاب اليسارية. اما اليوم ومع ظروف الأزمة الاقتصادية بدأت حكومات الاحتكارات الرأسمالية بالانقضاض على المكاسب العمالية ضمن سياسات التقشف التي اتبعتها. والتي لم تجد نفعا فقد واصل الاقتصاد الاوروبي تراجعه خلال السنوات الاخير، فقد كشف صندوق النقد الدولي في تقرير له عن المعطيات الخاصة بنهاية عام 2013 عن استمرار تراجع الاقتصاد العالمي ويعتبر الاتحاد الأوروبي الأكثر تضررا من الأزمة العالمية حيث سجل الاقتصاد الاوروبي انكماشه بأكثر من نصف نقطة تحت الصفر.
تابعو الأردن 24 على google news