نحو مدونة سلوك وطنية للأحزاب السياسية
" بات من الضروري في ظل التعددية الحزبية التي يشهدها الأردن، أن تجتمع أحزابنا السياسية على مجموعة من المبادىء والثوابت العامة تمثل خارطة طريق لها، لنحصد من خلالها النتائج الإيجابية لهذا التنوع".
1- مدونة السلوك: هي وثيقة موجهة للاحزاب السياسية، لتنظيم ضوابط و ثوابت العمل الحزبي، ورسم العلاقة النموذجية المشتركة ما بين الأحزاب السياسية من جهة بما يكفل تحقيق التنسيق المشترك، ومع الحكومة لبناء ثقة متبادلة من شانها ان تؤسس لعلاقة تعاون وتشارك.
أرقى ما تكون الأحزاب السياسية في مواقفها وفاعليتها، حينما تكون مرآة حقيقية لمجتمعها، تعكس بمواقفها وفكرها وبرامجها عن رأي المجتمع ومطالب شرائحه، حتى ولو إختلفت الاحزاب فيما بينها في البرنامج أو الأهداف أو الرؤى؛ فأحزاب اليمين واليسار وكذلك أحزاب الوسط كما لدينا في الاردن، ينبغي كما هي، وكما نأمل أن تجتمع فيما بينها على هدف واحد مشترك و قاسم لتطلعاتها، ألا و هو خدمة الاردن بكل مكوناته.
فوظيفة الاحزاب السياسية و الإجتماعية لا تخرج عن نطاقها الجغرافي و المكاني بأي حال من الأحوال (العمل داخل الأردن و لأجل الأردن) سواء كان الحزب مرتبطا بايديولوجيا إقليمية أو عالمية او غير مرتبط على الإطلاق، فالمحافظة على إستقلال الأردن وإحترام دستور البلاد والقوانين النافذة وعادات و خصوصيات المجتمع الاردني على سبيل المثال لا الحصر، قواسم مشتركة لن تمنع أحزابنا السياسية في ظل وجود هذه التعددية الحزبية و ذلك الإختلاف فيما بينها حول برامج العمل على الالتفاف من حولها من حيث المبدأ.
كما وأن خدمة شريحة معينة من شرائح المجتمع كإختصاص نوعي في العمل و المجال، او كخدمة المجتمع ككل ينبغي أن لا يتأثر بتلك التعددية و بذلك الإختلاف.
فالأحزاب السياسية ينبغي أن تلتقي على مجموعة من الثوابت والأهداف المشتركة فيما بينها الى جانب ما صاغته في أنظمتها الداخلية من ثوابت، خصوصا بعد التباين الواضح في مواقفها الخارجية نتيجة الربيع العربي وتأثير ذلك على مواقفها المشتركة تجاه القضايا الداخلية مما خلق شقاً كبيراً وغير مبرر بين مواقف الأحزاب السياسية، وأثّر تأثيراً كبيراً ومباشراً على الحراك وبالتالي عدم الإنحياز بشكل كامل لمصلحة الوطن وقضايا المواطن.
إن الغاية الرئيسية التي تدعو إليها المدونة المقترحة فيما لو رأت النور، السعي نحو تنظيم وتعريف العلاقة بين الاحزاب السياسية لمنع تسبب أي إختلاف في الموقف من إحداث شرخ وتباعد في هذه العلاقة التي تؤطرها الوطنية والمصلحة العامة.
كما وتدعو المدونة في سياق أخر إلى تعريف وتنظيم العلاقة بين الاحزاب السياسية والحكومة الأردنية ضمن معايير النزاهة والشفافية، لبناء ثقة متبادلة وأرضية خصبة وسهلة للعمل والتعاون المشترك بما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
2- إن إجتماع أحزابنا السياسية على مجموعة مبادىء خاصة ليس من شأنه فقط ان يحولها إلى احزاب وطنية ذات رؤى وأبعاد واضحة وإنما من شانه ان يخلق تكتل حزبي سياسي وطني يكون بمثابة تيار وطني يجمع بعض أو كل الأحزاب فيما إتفقت عليه ضمن تيار سياسي وطني يكون له ثقل في الطرح والبرنامج والعمل.
3- ويمتد النطاق السياسي لعمل المدونة ليشمل كافة الأحزاب السياسية ومنتسبيها، دون أي تمييز او مفاضلة بين الأحزاب.
وهذه المدونة ليست دعوة للدمج أو للتنازل عن ثوابت معينة داخلية للحزب او صهر كيان الحزب داخل المدونة، بقدر ما هي دعوة لحمايه وتمكين العمل الحزبي من تحقيق التنمية المنشودة، التي لن تثمر وتُينع إلا بوجود إتحاد او إئتلاف أو تيار وطني جامع بينها، حتى نصل إلى جوهر الوظيفة الأساسية من تشكيل الاحزاب، والمتمثل بخدمة الوطن والمواطن على حد سواء.
حق التحفظ على بنود / بعض بنود المدونة
ان حق التحفظ مشروع لكل حزب سياسي حول اي من بنود هذه المدونة دون ان يلغي اتفاق حول غاية المدونة واهدافها العامة، ومثال ذلك ان الاحزاب السياسية جميعها لدينا قد تتفق على المحافظة على صيغة الدستور الاردني الحالي ولكن بعض الأحزاب قد يبدي تحفظاً على بعض بنوده الحالية، وهذا تحفظ مشروع لكل حزب سياسي.
وفي الختام لا يسعنا القول الا ان هذه المدونة هي نتاج رؤية شخصية مقدمة لاحزابنا السياسية، تحتاج الى مشاورات مكثفة بين الأحزاب للخروج بصيغة نهائية توافقية، املين كل الخير والتطور لأحزابنا السياسية ولمستقبل التنمية الحزبية في الاردن.
** هذا المقال جزء من دراسة بعنوان "دراسات حزبية – الادارة الحديثة للاحزاب السياسية – نحو مدونة سلوك وطنية للأحزاب السياسية" تنشر بالتعاون مع صحيفة السبيل الورقية وموقع Jo24 الإلكتروني.
** لطلب اي من أجزاء الدراسة او نسخة عن مشروع المدونة مع الأحكام، يرجى التواصل مع المؤلف عبر البريد الإلكتروني ghrorg@gmail.com او هاتف : 0797316591