2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حمى الشراء في شهر "الاقتصاد"

حسن الشوبكي
جو 24 : لم تكن أيام الخميس والجمعة والسبت الماضية عادية من زاوية السلوك الاستهلاكي للأردنيين الذين وقفوا بأبواب المؤسسات التجارية و"المولات" في تزاحم غير مفهوم. وبقي هذا الطلب المحموم في اليومين الأولين من شهر الصيام، وسط توقعات بأن يستقر الطلب بحلول مطلع الأسبوع المقبل، تمهيدا لتغيرات استهلاكية أخرى في الأسبوع الأخير من رمضان لشراء مستلزمات العيد.
للأسف، حدث هذا التخبط، وشعر المرء وكأن البلاد مقبلة على فقدان مخزونها من الغذاء، رغم أن نقابة تجار المواد الغذائية، ومعها الحكومة، أنجزتا في وقت مبكر من شهر أيار (مايو) الماضي ترتيبات توفير احتياجات شهر الصيام، وجهدت لكي تكون الأسعار ضمن مستويات مستقرة نسبيا. وهو ما حدث بالفعل؛ من خلال وفرة المعروض من السلع والمواد التموينية الرمضانية، علاوة على استقرار الأسعار لعموم السلع، بما في ذلك اللحوم والدواجن والخضار والفواكه مع بدايات شهر تموز (يونيو) الحالي.
المفارقة أن معدل إنفاق الاردنيين في الشهر على الطعام والشراب لا يتجاوز 80 مليون دينار، لكنه يقفز في رمضان إلى ما يزيد على 120 مليون دينار، بنسبة زيادة تعادل 50 %. وينطبق الأمر تماما على باقي أوجه الاستهلاك والإنفاق خلال شهر الصيام، بزيادة تدفع إلى رفع منسوب النفقات الإجمالية خلال رمضان لما يقارب مليار دينار. وهو إنفاق متورم يعبر عن شهية مفتوحة للإنفاق، وربما الإسراف، خلافا لمعاني رمضان التي تذهب إلى التكافل والرحمة، لا العبث وهدر النعم.
تأكيدات نقيب تجار المواد الغذائية، سامر الجوابرة، تذهب إلى أن مخزون السلع الغذائية المستوردة يكفي البلاد بين شهر لبعض السلع والمواد، ويصل إلى أربعة أشهر لسلع أخرى. وفي الأردن الذي يعتمد في توفير الغذاء لسكانه من الخارج بنسبة 85 %، لا يمكن الاطمئنان على معادلة العرض والطلب بشأن الغذاء إلا من خلال مخزونات استراتيجية. لكن الإرباك سببه التهافت على الطلب من دون مبررات منطقية. فالأصل أن يكون شهر الصيام مساحة للعقلنة والترشيد والإحساس بالفقراء، لا مسرحا لرفع الأسعار وزيادة الطلب على المأكل والمشرب.
مع زيادة التهديدات من حولنا، واعتمادنا على الخارج في تأمين مستلزمات غذائنا، يجب على المستهلك الأردني التصرف بمزيد من العقلانية حيال تدبير وتوفير احتياجات أسرته. وأي خطأ يصيب الأسواق سينعكس حتما على سلامة الاقتصاد وقدرته على التكيف مع الواقع الراهن، بكل ما فيه من مخاطر. علما أن الحكومة لم تقدم بعد خطة طوارئ لتأمين مستلزمات السلع والمواد الغذائية، استجابة للتهديدات التي تتصاعد من خلف الحدود، وكما يحثها على ذلك مسؤولون في القطاع الخاص. وهي خطة يؤمل أن نراها واقعا قريبا من خلال تسهيل انسياب البضائع والسلع الغذائية من ميناء العقبة، تحسبا لأي تطورات على المديين القريب والمتوسط.
يعلم المستهلكون أن المواد الغذائية متوفرة، كما يعلمون أيضا أنها جاءت من الخارج، ومع ذلك يبقي كثير منهم على سلوك استهلاكي أناني، يتسبب في إرباك كل من حولهم من دون وجه حق. ولا بأس لدى هؤلاء -وهم صائمون- في أن يتشاجروا مع صائم آخر من أجل شراء سلعة رمضانية.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير