المبادرة الاقتصادية للحركة الإسلامية والدور المأمول
حسن الشوبكي
جو 24 : بقيت النظرة الرسمية نحو الأحزاب المعارضة محكومة بالشك وعدم الجدية، فيما قدمت المعارضة في المقابل مواقف نقدية انطوت على ردات فعل تجاه كل ما تفعله الحكومات. واتسعت ثنائية النقد هذه وضاقت بين الطرفين، فيما تقول الحكومات –كل الحكومات– إن الأحزاب لا تملك إلا الإغراق في التشخيص المديد للوضع الاقتصادي، وأن تنفيذ السياسات الاقتصادية على أرض الواقع يختلف عن الكلام الفضفاض في الغرف المغلقة.
وبالرغم من عدم سماح الحكومة لأكبر حزب معارض في البلاد بعقد مؤتمره العام في قاعة عامة أو حتى خاصة، كما حدث الشهر الماضي، إلا أن حزب جبهة العمل الاسلامي قدم الأسبوع الماضي استراتيجية للنهوض بالاقتصاد الأردني، مثلت جهدا استمر عامين، وسعى إلى تجاوز التشخيص نحو توصيات للتطوير والتحسين، ومثلها مبادرات ومشاريع، بعد دراسة القطاعات الاقتصادية كافة.
الاستراتيجية التي حملت اسم "أردن الغد: مبادرة الحركة الإسلامية"، وجاءت في مجلد من 477 صفحة، تساءلت عن المديونية التي ارتفعت من 3 مليارات دينار في العام 2001، إلى 19.2 مليار دينار في العام الحالي. وذهبت الأسئلة إلى جدوى الاستمرار في البحث عن حلول خارجية لأزمات الاقتصاد المتواصلة، أم أن الحل في "استنفار القوى الكامنة في الاقتصاد".
في الجهد التفصيلي لواقع حركة ونمو القطاعات الإنتاجية في الأردن، اتضح أن الإشكالية الكبرى في هيكل الاقتصاد ومضامينه تتمثل في تضخم القطاع العام الذي يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد. وهي إشكالية اعترف بها مؤخرا رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، عندما صرح بأن حجم الجهاز الحكومي "تضخم بشكل كبير"، حتى وصلت نسبة الطاقة البشرية التي تعمل في القطاع العام 43 % من إجمالي الكوادر العاملة في مجمل الاقتصاد. علماً أن النسبة في معظم دول العالم لا تتجاوز 15 %. وعليه، فإن توفير رواتب وأجور بأكثر من 4 مليارات دينار، لنحو ربع مليون موظف في القطاع الحكومي، يعني بالضرورة أن أي نمو اقتصادي، مهما كانت نسبته، سيتلاشى أو يخبو في ظل التورم الكبير الذي يشهده القطاع العام، من دون أي محاولات جادة لتغيير هذا الحضور الحكومي المفرط، والذي يجيء على حساب تحسين شروط حياة الأردنيين عموما، بما في ذلك الطبقة الوسطى التي منيت بتراجع ملموس في دورها وقوتها خلال العقد الأخير.
إذ تبدو محاولات الحكومات المتعاقبة خجولة حيال توفير فرص عمل للأردنيين. فحجم القوى العاملة في الأردن يبلغ 1.6 مليون موظف وعامل. وهنا تظهر تشوهات هيكل سوق العمل، بوصفها ملمحا سلبيا يعيق النمو الاقتصاد. إذ تشكل القوى العاملة غير الأردنية نسبة لا يستهان بها من إجمالي العاملين في البلاد، وسط مخاوف من استمرار ضعف تأهيل العمالة المحلية على حساب التوسع في العمالة العربية والآسيوية. وفي تقديري أن الحلول التي يجب البدء بها من أجل انقاذ الاقتصاد من تعثره، ينبغي أن لا تتجاهل إشكاليتي تشوهات سوق العمل والتوسع غير المنضبط في القطاع العام.
بعد أن قدم حزب جبهة العمل الإسلامي رؤيته ومبادرته لمستقبل الاقتصاد، فإن المطلوب هو تكامل بين الحكومة والمعارضة، تمهيدا للانتقال من ثنائية التشخيص والنقد، وصولاً إلى الجراحة المأمولة بما يخدم الشكل والمضمون بشأن مستقبل مستوى معيشة الأردنيين، بعيدا عن إخفاقات الماضي.
الغد
وبالرغم من عدم سماح الحكومة لأكبر حزب معارض في البلاد بعقد مؤتمره العام في قاعة عامة أو حتى خاصة، كما حدث الشهر الماضي، إلا أن حزب جبهة العمل الاسلامي قدم الأسبوع الماضي استراتيجية للنهوض بالاقتصاد الأردني، مثلت جهدا استمر عامين، وسعى إلى تجاوز التشخيص نحو توصيات للتطوير والتحسين، ومثلها مبادرات ومشاريع، بعد دراسة القطاعات الاقتصادية كافة.
الاستراتيجية التي حملت اسم "أردن الغد: مبادرة الحركة الإسلامية"، وجاءت في مجلد من 477 صفحة، تساءلت عن المديونية التي ارتفعت من 3 مليارات دينار في العام 2001، إلى 19.2 مليار دينار في العام الحالي. وذهبت الأسئلة إلى جدوى الاستمرار في البحث عن حلول خارجية لأزمات الاقتصاد المتواصلة، أم أن الحل في "استنفار القوى الكامنة في الاقتصاد".
في الجهد التفصيلي لواقع حركة ونمو القطاعات الإنتاجية في الأردن، اتضح أن الإشكالية الكبرى في هيكل الاقتصاد ومضامينه تتمثل في تضخم القطاع العام الذي يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد. وهي إشكالية اعترف بها مؤخرا رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، عندما صرح بأن حجم الجهاز الحكومي "تضخم بشكل كبير"، حتى وصلت نسبة الطاقة البشرية التي تعمل في القطاع العام 43 % من إجمالي الكوادر العاملة في مجمل الاقتصاد. علماً أن النسبة في معظم دول العالم لا تتجاوز 15 %. وعليه، فإن توفير رواتب وأجور بأكثر من 4 مليارات دينار، لنحو ربع مليون موظف في القطاع الحكومي، يعني بالضرورة أن أي نمو اقتصادي، مهما كانت نسبته، سيتلاشى أو يخبو في ظل التورم الكبير الذي يشهده القطاع العام، من دون أي محاولات جادة لتغيير هذا الحضور الحكومي المفرط، والذي يجيء على حساب تحسين شروط حياة الأردنيين عموما، بما في ذلك الطبقة الوسطى التي منيت بتراجع ملموس في دورها وقوتها خلال العقد الأخير.
إذ تبدو محاولات الحكومات المتعاقبة خجولة حيال توفير فرص عمل للأردنيين. فحجم القوى العاملة في الأردن يبلغ 1.6 مليون موظف وعامل. وهنا تظهر تشوهات هيكل سوق العمل، بوصفها ملمحا سلبيا يعيق النمو الاقتصاد. إذ تشكل القوى العاملة غير الأردنية نسبة لا يستهان بها من إجمالي العاملين في البلاد، وسط مخاوف من استمرار ضعف تأهيل العمالة المحلية على حساب التوسع في العمالة العربية والآسيوية. وفي تقديري أن الحلول التي يجب البدء بها من أجل انقاذ الاقتصاد من تعثره، ينبغي أن لا تتجاهل إشكاليتي تشوهات سوق العمل والتوسع غير المنضبط في القطاع العام.
بعد أن قدم حزب جبهة العمل الإسلامي رؤيته ومبادرته لمستقبل الاقتصاد، فإن المطلوب هو تكامل بين الحكومة والمعارضة، تمهيدا للانتقال من ثنائية التشخيص والنقد، وصولاً إلى الجراحة المأمولة بما يخدم الشكل والمضمون بشأن مستقبل مستوى معيشة الأردنيين، بعيدا عن إخفاقات الماضي.
الغد