خيبات جهود تقييد الفقر
حسن الشوبكي
جو 24 : كل الأرقام والنسب التي تتحدث عن الفقر وخطه، وعن الأيتام والتهميش، كما عن جهود الحكومة في موازاة ذلك، لا تدعو للارتياح على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. فما الذي يعنيه وجود 24 ألف يتيم يكابدون تحت خط الفقر، من أصل عدد الأيتام البالغ 72 ألف يتيم في البلد؟
ما يعنيه بالضرورة خطير ومقلق؛ إذ سينخرط كثير من هؤلاء في أتون الجريمة وتهديد المجتمع، بحثا عن لقمة العيش المفقودة. ومع استمرار فشل برامج دعم الفقراء ومساندتهم، فإن التوقعات لا تشير إلى إمكانية احتواء أرقام الفقر المتزايدة.
الواقعية تقتضي الاعتراف بأن برامج إسناد الفقراء لم تتمكن من تقليص عددهم، كما أنها لم تؤسس للعدالة بل كرست ظلما متراكما يتعلق بتوزيع مشوه للدخل والثروة. وهو ما تؤكده استطلاعات محلية ودولية، كان آخرها استطلاع مشترك بين البنك الدولي ومؤسسة غالوب لقياس الرأي العام، أجري قبل عامين، وكشف عن أن الأغنياء في الأردن استفادوا من 50 % من مخصصات دعم الوقود، وأن نحو 80 % من الفئة الأشد فقرا لا تغطيها أي برامج متعلقة بدعم وتمكين الفقراء.
وفي الأرقام الرسمية ما يشير صراحة إلى فشل جهود تقييد الفقر في الأردن. فانخفاض حجم الطبقة الوسطى بنحو 11 %، متراجعا إلى نسبة 29 % من سكان البلاد، يكشف على نحو مباشر أن تلك الجهود لم تقدم ما يسند تلك الفئات التي تراوح ما بين الفقر والحد الأدنى من مستوى المعيشة للطبقة الوسطى، فاقتربت من الفقر أكثر. ولا يمكن الرهان على بقاء الطبقة الوسطى فوق نسبة 40 % كما كانت قبل العام 2008؛ فغياب العدالة وسوء توزيع الثروة والدخل، وفشل برامج مساندة الفقراء، لا يسمح بإبقاء الحال على ما كانت عليه، ما يفسر اتساع مساحة الفقر عموديا وأفقيا، وظهور أكثر من 31 جيبا للفقر خلال العام الماضي.
وسط مؤشرات الضعف الآنفة، يصعب تقبل توقعات استراتيجية الحد من الفقر التي أنجزتها الحكومة في سنوات سابقة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. إذ تذهب الاستراتيجية إلى الوصول بنسب الفقر إلى ما دون مستوى 6 % بحلول العام 2020؛ فيما لا احتواء الفقر قيد الإنجاز، ولا جهود استثنائية للانتقال من عدم المساواة إلى فضاء أكثر عدالة في التعامل مع الشرائح الاجتماعية المختلفة، وفي وقت منيت فيه الطبقة الوسطى بتهميش، دفع حضورها إلى التراجع، في موازاة التمدد باتجاهي خط المعيشة يمينا ويسارا؛ أي أن يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا.
الاستراتيجية التي تتحدث بشكل طموح عن الرعاية الاجتماعية وتشغيل الفقراء وتحسين تعليمهم وخدماتهم الصحية، كما تحسين أوضاع المزارعين؛ وتسعى إلى توفير السكن للفقراء، لم تأت بجديد. غير أن التحدي الأكبر ليس في شرح مشكلات الفقر في غرف فندقية باردة عبر برنامج "باور بوينت"، وإنما في تطبيق برامج تحاول حلحلة إشكاليات الاقتصاد الأردني المتراكمة، وعلى رأسها غياب المساواة وانعدام العدالة في التوزيع، ومحاسبة الفاسدين الذين طالت أيديهم العابثة برامج تمكين الفقراء أيضا.
الغد
ما يعنيه بالضرورة خطير ومقلق؛ إذ سينخرط كثير من هؤلاء في أتون الجريمة وتهديد المجتمع، بحثا عن لقمة العيش المفقودة. ومع استمرار فشل برامج دعم الفقراء ومساندتهم، فإن التوقعات لا تشير إلى إمكانية احتواء أرقام الفقر المتزايدة.
الواقعية تقتضي الاعتراف بأن برامج إسناد الفقراء لم تتمكن من تقليص عددهم، كما أنها لم تؤسس للعدالة بل كرست ظلما متراكما يتعلق بتوزيع مشوه للدخل والثروة. وهو ما تؤكده استطلاعات محلية ودولية، كان آخرها استطلاع مشترك بين البنك الدولي ومؤسسة غالوب لقياس الرأي العام، أجري قبل عامين، وكشف عن أن الأغنياء في الأردن استفادوا من 50 % من مخصصات دعم الوقود، وأن نحو 80 % من الفئة الأشد فقرا لا تغطيها أي برامج متعلقة بدعم وتمكين الفقراء.
وفي الأرقام الرسمية ما يشير صراحة إلى فشل جهود تقييد الفقر في الأردن. فانخفاض حجم الطبقة الوسطى بنحو 11 %، متراجعا إلى نسبة 29 % من سكان البلاد، يكشف على نحو مباشر أن تلك الجهود لم تقدم ما يسند تلك الفئات التي تراوح ما بين الفقر والحد الأدنى من مستوى المعيشة للطبقة الوسطى، فاقتربت من الفقر أكثر. ولا يمكن الرهان على بقاء الطبقة الوسطى فوق نسبة 40 % كما كانت قبل العام 2008؛ فغياب العدالة وسوء توزيع الثروة والدخل، وفشل برامج مساندة الفقراء، لا يسمح بإبقاء الحال على ما كانت عليه، ما يفسر اتساع مساحة الفقر عموديا وأفقيا، وظهور أكثر من 31 جيبا للفقر خلال العام الماضي.
وسط مؤشرات الضعف الآنفة، يصعب تقبل توقعات استراتيجية الحد من الفقر التي أنجزتها الحكومة في سنوات سابقة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. إذ تذهب الاستراتيجية إلى الوصول بنسب الفقر إلى ما دون مستوى 6 % بحلول العام 2020؛ فيما لا احتواء الفقر قيد الإنجاز، ولا جهود استثنائية للانتقال من عدم المساواة إلى فضاء أكثر عدالة في التعامل مع الشرائح الاجتماعية المختلفة، وفي وقت منيت فيه الطبقة الوسطى بتهميش، دفع حضورها إلى التراجع، في موازاة التمدد باتجاهي خط المعيشة يمينا ويسارا؛ أي أن يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا.
الاستراتيجية التي تتحدث بشكل طموح عن الرعاية الاجتماعية وتشغيل الفقراء وتحسين تعليمهم وخدماتهم الصحية، كما تحسين أوضاع المزارعين؛ وتسعى إلى توفير السكن للفقراء، لم تأت بجديد. غير أن التحدي الأكبر ليس في شرح مشكلات الفقر في غرف فندقية باردة عبر برنامج "باور بوينت"، وإنما في تطبيق برامج تحاول حلحلة إشكاليات الاقتصاد الأردني المتراكمة، وعلى رأسها غياب المساواة وانعدام العدالة في التوزيع، ومحاسبة الفاسدين الذين طالت أيديهم العابثة برامج تمكين الفقراء أيضا.
الغد