سؤال الإنتاجية والطاقات المهدورة
حسن الشوبكي
جو 24 : في بلد كالأردن، لا يمكن التساهل مع تراجع حضور الشباب في تفاصيل النشاط الاقتصادي؛ فالدولة تعتمد على القوى البشرية بوصفها ثروتها الرئيسة، وتنافسيتها الأولى. ومن الضروري التوقف عند دراسة منظمة العمل الدولية التي جاءت صادمة، إذ كشفت عن أن 60 % من الشباب الأردني "غير نشيط" أو ليس في سوق العمل، وذلك في مسح شمل الشباب بين سن 15-24 عاما، وانتهى إلى أن معدل البطالة في الأردن يبلغ 30 % ضمن الفئة الأولى من الشباب.
الإشكالية بالنسبة للفتيات أكثر تعقيدا؛ إذ إن ثلثي الفتيات ضمن الفئة العمرية السابقة لسن في سوق العمل، ولا علاقة لهن ربما بالإنتاج. ويبدو الأمر مقلقا عندما نعرف أن بطالة الشابات ترتفع إلى 42 %، رغم أن حضورهن في المدارس والجامعات لا يقل عن الشباب.
الإشكالية أيضا تتبدى في نسبة المشاركة الاقتصادية المنقحة؛ "قوة العمل نسبة إلى عدد السكان من عمر 15 عاماً فأكثر". إذ تراجعت هذه النسبة إلى ما يقرب 36 % خلال الربع الأول من العام الحالي. ومما يعيب المجتمع والاقتصاد على حد سواء، أن تبقى المشاركة الاقتصادية (المنقحة) للمرأة عند نسبة 12 % منذ ما يزيد على عشرين عاما، فما الجدوى من عشرات الآلاف من الشهادات الجامعية التي استنزفت ملايين الدنانير، ولتكون المحصلة وقوف الفتاة الاردنية أمام هذه النسبة المتدنية؟
في الإنتاجية، يبدو التحليل أكثر إقناعا. فتجارب الصناعة قبل عقد ونصف العقد، كشفت ضعف تأهيل العمالة المحلية مقارنة بنظيرتها الباكستانية والصينية والهندية. وتحظى العمالة الآسيوية عموما بحضور لافت في تفاصيل معيشة الأردنيين، بيوتا ومصانع، مقابل تراجع دور العمالة المحلية.
وإذا نظرنا إلى مستوى الرواتب، فإن شكلا آخر من أشكال البطالة يتراءى أمامنا. فنحو 80 % من العاملين في القطاع العام يتقاضون رواتب شهرية تقل عن 300 دينار، وهذا يتصل على نحو وثيق بحجم الإنتاجية ومستوى الكفاءة. وتشير التجربة العملية إلى أن العامل الباكستاني أو الصيني ينتج سلعة في ربع الوقت الذي يحتاجه العامل الأردني. وتبعا لذلك، فإن الأجر الذي يتقاضاه العامل غير الأردني في المصانع التي تتطلب كفاءة وسرعة في الإنتاج، سيكون أكبر بكثير مما يتقاضاه العامل المحلي.
سبب الأزمة في كل هذه النسب الضعيفة، يكمن في السياسات الحكومية وفي مخرجات التعليم وفي ثقافة المجتمع، بينما تتصدر سياسة توسيع نطاق القطاع العام من دون محددات، قائمة التشوهات الاقتصادية. فالحكومات وليس غيرها من رفع نسبة التشغيل في القطاع العام إلى ما يقارب 39 % من إجمالي أعداد العاملين في البلاد، رغم أن النسب العالمية لتشغيل العاملين في القطاع العام تنخفض إلى ما دون 10 %.
ما دامت التشوهات باقية بتضخيم القطاع العام، وتخريج أفواج من الفتيات المتعلمات اللاتي لا يعملن، ومنافسة القطاع الخاص على دوره، فسيبقى سؤال الإنتاجية مفتوحا، وستبقى للعمالة الأجنبية والعربية الكلمة الفصل في أسواقنا، وسط تأهيل محلي متواضع، وسياسات خجولة لتطوير قدرات العامل الأردني وإجباره على المنافسة في قطاعات الإنتاج والتجارة والخدمات.
الغد
الإشكالية بالنسبة للفتيات أكثر تعقيدا؛ إذ إن ثلثي الفتيات ضمن الفئة العمرية السابقة لسن في سوق العمل، ولا علاقة لهن ربما بالإنتاج. ويبدو الأمر مقلقا عندما نعرف أن بطالة الشابات ترتفع إلى 42 %، رغم أن حضورهن في المدارس والجامعات لا يقل عن الشباب.
الإشكالية أيضا تتبدى في نسبة المشاركة الاقتصادية المنقحة؛ "قوة العمل نسبة إلى عدد السكان من عمر 15 عاماً فأكثر". إذ تراجعت هذه النسبة إلى ما يقرب 36 % خلال الربع الأول من العام الحالي. ومما يعيب المجتمع والاقتصاد على حد سواء، أن تبقى المشاركة الاقتصادية (المنقحة) للمرأة عند نسبة 12 % منذ ما يزيد على عشرين عاما، فما الجدوى من عشرات الآلاف من الشهادات الجامعية التي استنزفت ملايين الدنانير، ولتكون المحصلة وقوف الفتاة الاردنية أمام هذه النسبة المتدنية؟
في الإنتاجية، يبدو التحليل أكثر إقناعا. فتجارب الصناعة قبل عقد ونصف العقد، كشفت ضعف تأهيل العمالة المحلية مقارنة بنظيرتها الباكستانية والصينية والهندية. وتحظى العمالة الآسيوية عموما بحضور لافت في تفاصيل معيشة الأردنيين، بيوتا ومصانع، مقابل تراجع دور العمالة المحلية.
وإذا نظرنا إلى مستوى الرواتب، فإن شكلا آخر من أشكال البطالة يتراءى أمامنا. فنحو 80 % من العاملين في القطاع العام يتقاضون رواتب شهرية تقل عن 300 دينار، وهذا يتصل على نحو وثيق بحجم الإنتاجية ومستوى الكفاءة. وتشير التجربة العملية إلى أن العامل الباكستاني أو الصيني ينتج سلعة في ربع الوقت الذي يحتاجه العامل الأردني. وتبعا لذلك، فإن الأجر الذي يتقاضاه العامل غير الأردني في المصانع التي تتطلب كفاءة وسرعة في الإنتاج، سيكون أكبر بكثير مما يتقاضاه العامل المحلي.
سبب الأزمة في كل هذه النسب الضعيفة، يكمن في السياسات الحكومية وفي مخرجات التعليم وفي ثقافة المجتمع، بينما تتصدر سياسة توسيع نطاق القطاع العام من دون محددات، قائمة التشوهات الاقتصادية. فالحكومات وليس غيرها من رفع نسبة التشغيل في القطاع العام إلى ما يقارب 39 % من إجمالي أعداد العاملين في البلاد، رغم أن النسب العالمية لتشغيل العاملين في القطاع العام تنخفض إلى ما دون 10 %.
ما دامت التشوهات باقية بتضخيم القطاع العام، وتخريج أفواج من الفتيات المتعلمات اللاتي لا يعملن، ومنافسة القطاع الخاص على دوره، فسيبقى سؤال الإنتاجية مفتوحا، وستبقى للعمالة الأجنبية والعربية الكلمة الفصل في أسواقنا، وسط تأهيل محلي متواضع، وسياسات خجولة لتطوير قدرات العامل الأردني وإجباره على المنافسة في قطاعات الإنتاج والتجارة والخدمات.
الغد