2024-10-07 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

غزة تُحذرنا !!

غاندي ابو شرار
جو 24 : " أتمنى على الأردن و مصر أن يعيا أن الله لا يعترف بدبلوماسيتنا و مصالحنا السياسية و معاهداتنا, وأن قدرهما ساقهما ليكونا مكعّبين صغيرين من مكعبات اللوجو التي تستعملها إسرائيل لبناء حلمها في إقامة دولتها الكبرى , و بقدر حفاظهما على أخر صخور المقاومة في غزة , بقدر محافظتهما على كيانيهما ضمن ما تبقى من خارطتنا الجغرافية , فالحذر و الحيطة قبل فوات الأوان "
لا أستطيع البتّة كإنسان مُسلم مصدقٌ لما جاء به القرآن الكريم من وعود و كقارىء للتلمود أن أفصل بين المشهد السياسي الذي تمر به منطقتنا العربية و عدوان إسرائيلي حالي على قطاع غزة و بين القلق مما يخبّئه لنا المستقبل أمام وعد ربّاني يقيني لبني إسرائيل بالعلو .
أم أن حُكم العسكر و التجهيل و التغريب و ضياع الهوية الاسلامية على حساب الهوية الوطنية جعلنا ننسى أن هنالك آيةٌ قرآنية في سورة الإسراء تُنبئنا و تحذرنا من ذلك العلو .
فكيف يكون ذلك العلو و ذلك التمدد الجغرافي داخل خارطتنا العربية ؟, إذ لا يعقل أن يكون تمددهم أفقياً أو مخالفاً لحلمهم في بناء دولتهم الكبرى الممتدة من الفرات إلى النيل .
هل حاولنا أن نطّلع على خارطة الحلم الإسرائيلي و معرفة حدودها و من أين ستبدأ و إلى أين ستنتهي , ام هل فكرنا مرةً أن نُفّسر المشهد السياسي العام الذي نعيشه و تداعياته أو صلته بالتفسير العملي لآية علو اليهود .
إن سياسة إسرائيل نحو بناء حُلم الدولة الكبرى الممتدة من الفرات شرقاً إلى النيل غرباً أشبه ما تكون بسياسة بناء منزل مكوّن من مكعبات اللوجو الشهيرة ,,, و لعل أهم مُكعبٍ بدأت إسرائيل ببناءه و وضع حجر أساسه كان بناء السلطة الفلسطينية و تركيبتها لتكون خاضعة و خانعة , و ما كانت إسرائيل لتوافق على وجود أي من قيادات تلك السلطة لو كان أي منهم يُشكل خطراً حقيقياً على مستقبلها و كيانها .
هي تدرس بعناية و تركيز و برويّة كيفية إختيارهم و تمهد لهم الطريق إعلامياً و دبلوماسياً و تسلط عليهم الضوء تمهيداً لإبرازهم كرجال وطنيين و كأصحاب قضية ... تماماً كما إختارت شخص "محمود عباس " ليكون رئيس وزراء الراحل ياسر عرفات و سلّطت الدعم الامريكي عليه لتولي هذا المنصب المستحدث تمهيداً لتوليه السلطة الفلسطينية بُعيد إغتيال عرفات .
في مكعب اللوجو الأهم لدى إسرائيل و الذي إستغرق وضعه منها قرابة الربع قرن .. وُلدت أوسلوا و تم التوقيع رسميّاً على شهادة وفاة القضية الفلسطينية على الأقل في نظر إسرائيل و العالم الغربي .
باتت واقعاً مريراً يتعايش معه الشعب الفلسطيني على مضض , حُيّد الصراع العربي – الإسرائيلي و خرج من حضنه العربي إلى أحضان السلطة المتهاوية و المتهالكة و بات صراع إسرائيلي – فلسطيني كما يُفهم منه , هدأت الإنتفاضة الأولى و الثانية و تم نزع أي فتيل يُحيها مستقبلاً , زُرع الإنقسام بين الفلسطينين أنفسهم لتنحرف قضيتنا الفلسطينية من مسارها للأبد , زُرعت الفتنة بين المصريين و الفلسطينين من خلال عمليات قتل و تفجير مدبرة لتكون أصابع الإتهام موجّهةٍ لحماس , زُرعت حالة من السكون و الخوف داخل مدن الضفة لمنعها من الانتفاض لغزة و هي تتعرض للعدوان الإسرائيلي ... و قد يتم لا قدر الله اقتحام القطاع رغم بسالة مقاومته و تمسكهم بعقيدة راسخة الشهادة أو النصر , مع تمنياتنا لها بالنصر إن شاء الله.
على صعيد أخر ما كانت إسرائيل لتهدأ و تتوقف عن التفكير و التخطيط أبداً , و هي ترى ربيعنا العربي الذي وُصف بأبلغ وصف " أنه جاء بلا رأس مدبر و مخطط " , و قد بدأت الفوضى تعم بعض بلدانه نتيجة سقوط أنظمة لم نكن نشك بديكتاتوريتها يوماُ ما و لكننا بتنا نتحسّر و نندم على سقوطها بعد رؤيتنا للفوضى التي أحدثه ذلك السقوط .
إستثمرت إسرائيل ( و من خلفها العالم الغربي الذي يدور في فلكها لخدمة أطماعها ) ذلك الربيع أكثر من إستثمار شعوبه له , فبدأت بدعم هذا و ذاك معاً ضد بعضهما البعض ... و زرعت الفتن هنا و هناك , فباتت جميع أطراف الربيع العربي تدور في فلكها و محورها الغربي ... إعلامياً و سياسياً و إقتصادياً ... بل و باتت أطراف الربيع مُمتنة و شاكرة للصديقة إسرائيل لأنها ساندتها ضد خصمها الربيعي .
أكلنا الخازوق تلو الخازوق حكاماً و شعوباً و أرضاً و حجراً و جلسنا عليه برضىً و إرادة تامّتين , شاكرين و مقدرين مساعدة إسرائيل و محورها الغربي لنا ضد إخوتنا و امتنا و شعوبنا.
مكعب اللوجو الثاني في بناء الدولة الإسرائيلية الكبرى كان لسوريا التي لن يرجع بها الزمن للوراء كما كانت عليه , باتت منهكة القوى و الأطراف , و بات البعض يتحدث عن ملامح ولادة دويلات وليده , اشبه ما ستكون بحصىً صغيرة لن تقف عائقاً في طريق بناء الدولة الإسرائيلية الكبرى .
مكعب العراق بدأ بالإعداد له مسبقاً نظراً لأهميته لما يشكله من حجر عثرة أمام مستقبل إسرائيل , فنجحت بإسقاط نظام صدام حسين لتخلق من بعدها فوضى مذهبية عارمة تستمد ديمومتها من وقود الخلاف المذهبي و العرقي الذي لا يهدأ مطلقاً ... ستنتهي بالعراق إلى دويلات ستكون كمثيلاتها السورية مجرد حصى صغيرة لن تعيق تقدم الإسرائيلين مطلقاً نحو تشكيل دولتهم .
و كم سعدنا برؤية مكعب اللوجو المصري و هو يتمثل أمام أعيننا بإنتخابات شرعية و ديمقراطية و حرّة دعمها العالم أجمع , ممهدة لسلطة إخوانية – إسلامية , لم نكن ندري كمصريين و كعرب و كمسلمين , أن ذلك المشهد السعيد و البروز المقصود للسلطة الدينية لم يكن إلا بهدف خلق فتنة تقود إلى إنقسام حاد , يطول بين المصريين , قوامه صراع العلمانيين مع الإسلام و هذا كفيل بديمومة الصراع و تقسيم مصر الذي قد يمهد لولادة دويلة قبطية على أرض مصر .
الأردن , لبنان و دول الخليج العربي , ليست إلا مُكعبات لوجو , لكل منها مشهده و دوره و وقته و مكانه الخاص في خارطة إسرائيل الكبرى ... التي تعلو و تتمدد على حساب غبائنا و جهلنا و قلة بصيرتنا .
من سيدافع عن الأردن حينما يأتي دوره ؟ خصوصاً أن ربة عمون و جبل نيبو هما من مدن إسرائيل التاريخية على حد زعم اليهود .
و من سيدافع عن لبنان عندما يأتي دوره ؟.
و من سيدافع عن دول الخليج حينما ترى إسرائيل أن ساعة الصفر قد حانت ؟ و ما أسهل السقوطها بالنسبة لها لوجود فتيل جاهز للإشتعال عنوانه " الخلاف المذهبي ".
ستسقط دولنا سقوطاُ هادئاً ... فهل تنبه الأردن للخطر المحدق به ؟ أم أننا سنهزم أي محاولة لزجنا في لعبة اللوجو الإسرائيلية ؟
أخشى أن يُؤكل الأردن كما اكل الثور الأبيض يوماً ما ...
لدى الأردن فرصة كبيرة و سانحة لتجميد حُلم إسرائيل الكبرى إذا ما سارع و قبل فوات الأوان لدعم أخر قلاع المقاومة الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة , و شحن إنتفاضة فلسطينية عارمة داخل مدن الضفة الغربية .
كما أنه قادر على تحذير و تنبيه اشقائه الخليجيين من المصير الأيل للسقوط لهم .
على الاقل يستطيع الأردن رغم قلة حيلته و ضعفه أن يشكل جبهة مناهضة لإسرائيل لبعض من الوقت , لعل المولى يُغير واقعنا بعد تغيرنا لما بداخل أنفسنا .

ختاماً ... لا أرى أي تفسير منطقي يُبرر التعاون مع إسرائيل إلا إن كانت فرصة النجاة من قبضة إسرائيل الحديدية قد فاتت و لم يعد بإالامكان الإفلات منها, أو أنه انسلاخ عن الدين والامة .
في مستقبل مُرتقب كهذا ... لم يعد هنالك حديث عن دولة أمنة و مستقرة في منطقتنا ... بات القلق من سقوط تلك الأنظمة مسألة وقت ليس إلا , و بات أعظم ما نحلم به كشعوب أن نلجأ إلى مكان آمن نأوي إليه نحن و أطفالنا هرباً من القتل و الدمار الذي قد يلحق بمنطقتنا لا قدر الله .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير