لا لدخول الاردن في حلف اسرائيل
الدولة التي تحترم سيادتها و تسعى نحو مصالحها هي التي تعزز إنتماءها لعقيدة شعبها , و تستمع لمطالبه , محاولة قدر الامكان أن تحقق طموحه و امانيه, و ذلك ما تنادي به دساتير الدول المحترمة و غير المحترمة , الديمقراطية و غير الديمقراطية , النامية و غير النامية ... من الهند الى السند .
اما الدول الفاقدة لسيادتها و قرارها فهي التي تطالب شعبها ان ينسلخ عن عقيدته و عروبته و يوافق على سياستها التي تخالف معتقداته و اصوله و تراثه و تقاليده و مصالحه .
هبة الشعب الاردني من مختلف اصوله و منابته ... من شماله الى جنوبه .... التي رأيناها منذ اليوم الاول للعدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة , لنصره الاشقاء في فلسطين تعتبر طبيعية جدا و متوقعه من شعب مسلم - عربي - يتواجد على اراضيه اكبر خزان بشري للاجئيين الفلسطيني في العالم - حدوده هي الاطول مع فلسطين - تراثه و عاداته مشتركة و الاهم من ذلك ان فلسطين بمثابة درع حصين يحمي الاردن من التغول الاسرائيلي و التمدد شرقا .
ففي الوقت الذي يمتلك فيه الاردن الرسمي اكثر من ورقة ضغط قوية " كوادي عربة و قطع العلاقات و وقف التطبيع " كان بامكانه ان يجبر العدو الصهيوني على ايقاف عدوانه فيما لو استعمل ايا منها كما فعل الراحل الملك حسين في سابقة يسجلها التاريخ , فانه ما كان ينبغي له ان يكتفي بتنديد سياسي يعرف مسبقا انه لن يقدم او يؤخر بل سيعطي لاسرائيل المزيد من الوقت و الفرص لضرب غزة ... و ما كان ينبغي الاكتفاء بتقديم بضع مساعدات طبية لذر الملح في العيون . ما لم يكن ضعيفاً و لا يستطيع ان يستعمل حقه في الضغط على اسرائيل , او ما لم تكن كل سيناريوهات الدعم السابقة متفق عليها مسبقا لابراز دور مقبول للأردن الرسمي امام شعبه منعا للإحراج .
فالاردن الرسمي ليس مطالبا فقط بالانتماء الى عقيدة شعبه و الاستماع لمطالبه , بل بالسعي من تلقاء نفسه لحماية نفسه من العدو الصهيوني من خلال دعم المقاومة الفلسطينية لتبقى شوكة جارحة في حلقه تمنعه من التمدد او التفوق , لان ذلك التفوق و التمدد لن يكون الا على حساب مستقبلنا و مصالحنا .
لن يكون للأردن مستقبل مشرق في حلف غربي-اسرائيلي , كما يعتقد لان ذلك سيكون على حساب سيادته و استقلاله و ارتهان قراراته .
السياسة الحالية لدولتنا تسير في طريق مغاير تماما للطريق الذي يسير فيه الشعب ... لا يؤيدها في سياستها الا بضع سحيجة و مواطنين لا حول و لا قوة لهم منعهم خوفهم من التنديد بالموقف الرسمي الاردني.
فهل انتبه صناع القرار لدينا لهذا المنزلق التاريخي الذي ستتبعه تنازلات كثيرة في المستقبل ... فـ " دخول الحمام ليس كما الخروج منه " كما يقال . فلكل موقف سياسي ثمن و لو بعد حين .