شراكة يحكمها التردد
حسن الشوبكي
جو 24 : أخيرا، أقر مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وبدا شكل ومضمون التعاطي البرلماني، وقبله الحكومي، ملتبسا مع هذا القانون الذي من المفترض أنه يعني الكثير لتجسير العلاقة بين القطاع الخاص والحكومة.
استغرق تمرير القانون أكثر من 14 شهرا، بما انطوى على تردد، وربما شكوك حول شكل العلاقة المنشودة. وجاءت النتائج سلبية على واقع الاستثمار والصورة الاقتصادية المثلى التي ترجوها الحكومة، يقابلها عدم وضوح من طرف البرلمان تجاه تلك الصورة التي تتغير بين ليلة وضحاها.
تردد السلطتين التنفيذية والتشريعية في حسم الأمور بالنسبة لعلاقة الشراكة بين بين القطاعين العام والخاص، انعكس أيضا على شكل تردد مماثل بالنسبة للمستثمرين، سواء من المحليين أو الخارجيين.
ولعل الزاوية الأكثر أهمية هنا تكمن في عدم استقرار التشريعات الاقتصادية. إذ تاهت الحكومة ومعها البرلمان والقطاع الخاص، في بداية الأمر، بشأن تحديد المرجعية المؤسسية التي ستكون معنية بتنفيذ هذا القانون، ودخلنا في جدل طويل يتعلق بدور هيئة التخاصية أو الهيئات الاستثمارية الأخرى. واحتدم الجدل أيضا بخصوص مضمون العلاقة بين القطاعين من زاوية فرض الحكومة توجهات اقتصادية من شأنها الإضرار بالقطاع الخاص، كرفع أسعار الكهرباء، وزيادة العبء الضريبي على المستثمرين، والإشكالية التي أفرزها قانون المالكين والمستأجرين، إضافة إلى كافة أشكال الكلف التي أضيفت لمعادلة الإنتاج وتقديم الخدمات من طرف قطاع خاص استمرأ التكيف مع تقلبات القرار الحكومي. أما تنفيذ المشاريع الكبرى، فكان يتم خلال السنوات الماضية برؤية حكومية انفرادية، لا تحتاج فيها الحكومة من القطاع الخاص إلا التمويل، في ظل غياب التنسيق والتكامل اللذين يشكلان حصانة لنجاح أي مشاريع مشتركة.
الجدل لم ينته بعد حيال شكل الشراكة المرجوة؛ ما إذا كانت ذات نمط تبعي أم أنها تعني التنسيق والبحث الدائمين وصولا إلى التوافق؛ ومثله الاختلاف حول الطريق المثلى لحماية المستهلك، والهدف من وراء اعتماد ضريبة الدخل التصاعدية. ثمة تشكيك دائم من طرف القطاع الخاص تجاه الحكومات، يتهمها فيه بأنها متسرعة، وتتخذ قرارات تفت في عضده، أو تتراخى عن قرارات وقوانين تسهم في تعزيز دوره. كما يحمّل القطاع الخاص الحكومات مسؤولية هروب رؤوس أموال وفقا للتردد الآنف. فيما ترى الحكومات في القطاع الخاص ملاذا للتمويل الغائب بالنسبة لمشاريعها، لكنه مطلبي وغير إبداعي في مجال إحداث اختراق اقتصادي يحيب عن أسئلة الاقتصاد المفتوحة، وعلى رأسها توفير فرص جديدة للعاطلين عن العمل في البلاد.
استغراق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص كل هذا الوقت والتشكيك والتردد، كان سببا في مراوحة الحالة الاقتصادية ضمن مربعاتها الأولى، بل وكانت تتراجع في بعض الأحيان رغم أن الفرص الاستثمارية كانت متاحة، وتحتاج إلى من يستغلها على نحو ذكي وعاجل. فصحيح أن الإقليم من حولنا غارق في التعثر الأمني والاقتصادي والمعيشي بعد أن استوطن الفشل في دول عربية مجاورة، لكننا في المقابل لم نستفد كثيرا من قيمة الأمن والأمان التي نتغنى بها دوما.
الغد
استغرق تمرير القانون أكثر من 14 شهرا، بما انطوى على تردد، وربما شكوك حول شكل العلاقة المنشودة. وجاءت النتائج سلبية على واقع الاستثمار والصورة الاقتصادية المثلى التي ترجوها الحكومة، يقابلها عدم وضوح من طرف البرلمان تجاه تلك الصورة التي تتغير بين ليلة وضحاها.
تردد السلطتين التنفيذية والتشريعية في حسم الأمور بالنسبة لعلاقة الشراكة بين بين القطاعين العام والخاص، انعكس أيضا على شكل تردد مماثل بالنسبة للمستثمرين، سواء من المحليين أو الخارجيين.
ولعل الزاوية الأكثر أهمية هنا تكمن في عدم استقرار التشريعات الاقتصادية. إذ تاهت الحكومة ومعها البرلمان والقطاع الخاص، في بداية الأمر، بشأن تحديد المرجعية المؤسسية التي ستكون معنية بتنفيذ هذا القانون، ودخلنا في جدل طويل يتعلق بدور هيئة التخاصية أو الهيئات الاستثمارية الأخرى. واحتدم الجدل أيضا بخصوص مضمون العلاقة بين القطاعين من زاوية فرض الحكومة توجهات اقتصادية من شأنها الإضرار بالقطاع الخاص، كرفع أسعار الكهرباء، وزيادة العبء الضريبي على المستثمرين، والإشكالية التي أفرزها قانون المالكين والمستأجرين، إضافة إلى كافة أشكال الكلف التي أضيفت لمعادلة الإنتاج وتقديم الخدمات من طرف قطاع خاص استمرأ التكيف مع تقلبات القرار الحكومي. أما تنفيذ المشاريع الكبرى، فكان يتم خلال السنوات الماضية برؤية حكومية انفرادية، لا تحتاج فيها الحكومة من القطاع الخاص إلا التمويل، في ظل غياب التنسيق والتكامل اللذين يشكلان حصانة لنجاح أي مشاريع مشتركة.
الجدل لم ينته بعد حيال شكل الشراكة المرجوة؛ ما إذا كانت ذات نمط تبعي أم أنها تعني التنسيق والبحث الدائمين وصولا إلى التوافق؛ ومثله الاختلاف حول الطريق المثلى لحماية المستهلك، والهدف من وراء اعتماد ضريبة الدخل التصاعدية. ثمة تشكيك دائم من طرف القطاع الخاص تجاه الحكومات، يتهمها فيه بأنها متسرعة، وتتخذ قرارات تفت في عضده، أو تتراخى عن قرارات وقوانين تسهم في تعزيز دوره. كما يحمّل القطاع الخاص الحكومات مسؤولية هروب رؤوس أموال وفقا للتردد الآنف. فيما ترى الحكومات في القطاع الخاص ملاذا للتمويل الغائب بالنسبة لمشاريعها، لكنه مطلبي وغير إبداعي في مجال إحداث اختراق اقتصادي يحيب عن أسئلة الاقتصاد المفتوحة، وعلى رأسها توفير فرص جديدة للعاطلين عن العمل في البلاد.
استغراق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص كل هذا الوقت والتشكيك والتردد، كان سببا في مراوحة الحالة الاقتصادية ضمن مربعاتها الأولى، بل وكانت تتراجع في بعض الأحيان رغم أن الفرص الاستثمارية كانت متاحة، وتحتاج إلى من يستغلها على نحو ذكي وعاجل. فصحيح أن الإقليم من حولنا غارق في التعثر الأمني والاقتصادي والمعيشي بعد أن استوطن الفشل في دول عربية مجاورة، لكننا في المقابل لم نستفد كثيرا من قيمة الأمن والأمان التي نتغنى بها دوما.
الغد