كسل العمالة وغياب الحاجة للجامعيين
حسن الشوبكي
جو 24 : أينما نظرت في مختلف المدن الأردنية، تجد تزاحم العمالة الوافدة في محطات المحروقات ومحال البقالة والمزارع، وكل قطاع اقتصادي. إذ ثمة حضور لا تخطئه العين للعمال الوافدين، فيما تتوارى العمالة المحلية تحت ظروف ومبررات باتت مكررة ومتراكمة، حتى أمست خريطة العمالة في البلاد خاضعة لذات التشوهات التي لم يأت بعد من يستطيع أن يحدث فرقا أو تغييرا بشأنها.
من يصنع خبزنا؟ من يدير مطاعمنا؟ من ينخرط في كل تفاصيل البيع والشراء؟ من يحرس البيوت في عمان الغربية؟ من يتابع شؤون ورعاية الأطفال فيها؟.. الإجابات حتما ستذهب باتجاه العمالة غير الأردنية، سواء كانت عربية أم آسيوية. والمنطق يدفعنا إلى التساؤل أيضا: إلى متى سيستمر هذا الكسل الأردني، وذاك الارتخاء الحكومي المزمن، وكأننا دولة نفطية؟! هذا في الوقت الذي سيتخطى فيه عدد سكان الأردن حاجز 10 ملايين نسمة خلال العام المقبل، ثلثهم من غير الأردنيين، حتى بتنا نتشابه مع التشوهات السكانية الحاصلة في منطقة الخليج العربي.
أكثر من 50 ألف عاملة منزل آسيوية، ونحو مليون وربع المليون عامل مصري ينتشرون في كل المحافظات، ناهيك عن مئات الآلاف من العمالة السورية والعراقية. وهو ما يفسر ما أكدته الحكومة عبر دراساتها، بأن نصف فرص العمل التي تتوافر سنويا في المملكة تذهب للعمالة الوافدة، وسط مخاوف من ارتفاع هذه النسبة إلى 75 بالمئة لصالح العمالة الوافدة في السنوات الخمس المقبلة.
الشفافية التي صارح بها وزير التخطيط د. إبراهيم سيف عددا من نواب البرلمان، يوم الأربعاء الماضي، تستحق وقفة مراجعة وخططا استثنائية. فالأردن، بنظر الوزير المعني بمستقبل البلاد، ليس بحاجة إلى جامعيين "والحاجة الفعلية للاقتصاد هي للمهنيين".
الحالة الراهنة ليست مطمئنة، فثلاثة بالمئة فقط من خريجي الثانوية العامة هم، وفقا للوزير سيف، من المهنيين. فيما لا يفيدنا تكدس الشهادات الجامعية في شيء؛ إذ تدرس الجامعات سنويا عشرات آلاف الطلبة، وفي موازاة ذلك يتم تغييب المرأة عن سوق العمل، رغم نيلها فرصة التعليم الجامعي، وبما يعد تشوها آخرا في هيكل العمالة في البلاد، إذ تمثل المرأة 15 بالمئة فقط من إجمالي القوى العاملة على مستوى الدولة كلها.
لكن الواقع العملي يفرض شروطه. إذ إن 87 بالمئة من أصحاب الأعمال والمشاريع الاقتصادية، من صناعية وتجارية وخدمية، لا يرون -كما تؤكد دراسة سابقة لمركز تمكين للمساعدة القانونية- أن بالإمكان الاستغناء عن العمالة الوافدة في الوقت الراهن، علاوة على أن 77 بالمئة منهم يؤكدون أن العمالة المحلية لا تُقبل على المهن والوظائف التي تعمل فيها العمالة الوافدة. وبذلك، فان الدور الذي تقوم به العمالة الوافدة أساسي ومؤثر، ولا يبدو أن بالإمكان الاستغناء عنها حتى ولو بشكل تدريجي لصالح عمالة محلية غير موجودة فعليا، أو غير راغبة وغير مدربة للقيام بهذا الدور.
تصريحات الوزير سيف صادمة، لكنها ليست الأولى. وتكتفي الحكومات بالتشخيص عادة، ولا تفعل الكثير لإزالة هذه التشوهات في أوضاعنا الاقتصادية، فيما النشاط الاقتصادي يراوح في مربعات الكسل بالنسبة للأردنيين ويشتعل على صعيد المنافسة وجني العوائد بالنسبة للوافدين!
الغد
من يصنع خبزنا؟ من يدير مطاعمنا؟ من ينخرط في كل تفاصيل البيع والشراء؟ من يحرس البيوت في عمان الغربية؟ من يتابع شؤون ورعاية الأطفال فيها؟.. الإجابات حتما ستذهب باتجاه العمالة غير الأردنية، سواء كانت عربية أم آسيوية. والمنطق يدفعنا إلى التساؤل أيضا: إلى متى سيستمر هذا الكسل الأردني، وذاك الارتخاء الحكومي المزمن، وكأننا دولة نفطية؟! هذا في الوقت الذي سيتخطى فيه عدد سكان الأردن حاجز 10 ملايين نسمة خلال العام المقبل، ثلثهم من غير الأردنيين، حتى بتنا نتشابه مع التشوهات السكانية الحاصلة في منطقة الخليج العربي.
أكثر من 50 ألف عاملة منزل آسيوية، ونحو مليون وربع المليون عامل مصري ينتشرون في كل المحافظات، ناهيك عن مئات الآلاف من العمالة السورية والعراقية. وهو ما يفسر ما أكدته الحكومة عبر دراساتها، بأن نصف فرص العمل التي تتوافر سنويا في المملكة تذهب للعمالة الوافدة، وسط مخاوف من ارتفاع هذه النسبة إلى 75 بالمئة لصالح العمالة الوافدة في السنوات الخمس المقبلة.
الشفافية التي صارح بها وزير التخطيط د. إبراهيم سيف عددا من نواب البرلمان، يوم الأربعاء الماضي، تستحق وقفة مراجعة وخططا استثنائية. فالأردن، بنظر الوزير المعني بمستقبل البلاد، ليس بحاجة إلى جامعيين "والحاجة الفعلية للاقتصاد هي للمهنيين".
الحالة الراهنة ليست مطمئنة، فثلاثة بالمئة فقط من خريجي الثانوية العامة هم، وفقا للوزير سيف، من المهنيين. فيما لا يفيدنا تكدس الشهادات الجامعية في شيء؛ إذ تدرس الجامعات سنويا عشرات آلاف الطلبة، وفي موازاة ذلك يتم تغييب المرأة عن سوق العمل، رغم نيلها فرصة التعليم الجامعي، وبما يعد تشوها آخرا في هيكل العمالة في البلاد، إذ تمثل المرأة 15 بالمئة فقط من إجمالي القوى العاملة على مستوى الدولة كلها.
لكن الواقع العملي يفرض شروطه. إذ إن 87 بالمئة من أصحاب الأعمال والمشاريع الاقتصادية، من صناعية وتجارية وخدمية، لا يرون -كما تؤكد دراسة سابقة لمركز تمكين للمساعدة القانونية- أن بالإمكان الاستغناء عن العمالة الوافدة في الوقت الراهن، علاوة على أن 77 بالمئة منهم يؤكدون أن العمالة المحلية لا تُقبل على المهن والوظائف التي تعمل فيها العمالة الوافدة. وبذلك، فان الدور الذي تقوم به العمالة الوافدة أساسي ومؤثر، ولا يبدو أن بالإمكان الاستغناء عنها حتى ولو بشكل تدريجي لصالح عمالة محلية غير موجودة فعليا، أو غير راغبة وغير مدربة للقيام بهذا الدور.
تصريحات الوزير سيف صادمة، لكنها ليست الأولى. وتكتفي الحكومات بالتشخيص عادة، ولا تفعل الكثير لإزالة هذه التشوهات في أوضاعنا الاقتصادية، فيما النشاط الاقتصادي يراوح في مربعات الكسل بالنسبة للأردنيين ويشتعل على صعيد المنافسة وجني العوائد بالنسبة للوافدين!
الغد