الأزمة ليست في ردود الفعل!
حسن الشوبكي
جو 24 : لا مشكلة على الإطلاق إلا في وسائل الإعلام، والهجمات الممنهجة من مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني؛ أما التقاعد بملايينه التي ستأتي بتمويل سهل ومريح من دول صديقة، فهو ليس عبئا، ولن يستنزف شيئا من خزينة الدولة، وقد لا يثقل على الفقراء وجيوبهم المليئة بالأوجاع والحسرة. كل ما يقلق السادة النواب والأعيان هو أن ثمة فهما خاطئا تسلل إلى الإعلام حول الأمر، ما يقتضي عقد مؤتمر صحفي ينهي الالتباس القائم!
المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد بسبب هذا التوسع والهدر في النفقات الجارية ورفع فاتورة التقاعد المدني في دولة تعاني من عجز متفاقم في موازنتها، يعني المزيد من الخسارات. وهو ما سيدفع إلى مواصلة البحث عن جهات تمويل خارجية، بالكاد تجدها الدول للاستدانة وسط أزمات السيولة والتمويل التي يمر بها العالم. وفي الأثناء، يتناسى مجلس الأمة أن تمويل هذا الرفاه الجديد لأعضائه سيكون إما من جيوب المواطنين، أو من مديونية خارجية لها شروطها الثقيلة على الاقتصاد ومستقبل البلاد واستقراره المالي.
لا بأس في تسلل الإحباط إلى نفوس أكثر من 115 ألف معلم حكومي، عضّوا على جراحهم ومضوا في التعليم لهذا الموسم الدراسي، رغم ما بهم من حاجات، واقتنعوا أن خزينة بلادهم فارغة إلا من مخصصات الرفاه للنواب والأعيان والوزراء. ولا بأس أيضا أن يرفع مجلس الأمة الذي من المفترض أنه يمثل الشعب، قضايا في المحاكم ضد وسائل الإعلام "المضللة"، والنصوص التي يكتبها الشباب الأردني في مواقع التواصل الاجتماعي، فالبرلمان محاط بالقداسة، ولا يجوز أن يمسه أي كان.
إنه أمر يدعو للحزن بالفعل؛ ففي العام الماضي، تم تنظيم أكثر من 850 اعتصاما ووقفة احتجاجية لمطالب عمالية محقة في جانب كبير منها، وجوبه معظمها بالرفض من طرف الحكومة التي يفخر رئيسها بأنه لا يرضخ للمطالب العمالية عبر الاحتجاجات، لكنه يطوي الأمر سريعا عندما يستنزف مجلس التشريع والرقابة بعضا من موازنة الدولة. وهنا لا بد من الوقوف عند دور الحكومة، لنتساءل عن مآلات شكل ومضمون العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وما النتائج التي تتمخض عن هذا الشكل المشوه الذي يأتي على حساب المال العام؟ وما حديث الحكومة الحالية أو حتى الحكومات المتعاقبة عن ضبط الإنفاق وعدم المساس بالمال العام، إلا ذر للرماد في العيون؛ فالواقع يشير إلى أننا أبعد ما نكون عن الإصلاح الحقيقي الذي لا يكون فيه "ترضيات" وتسويات من تحت الطاولة على حساب الفقراء.
ما ذهب إليه مجلس الأمة هو، كما وصفه أستاذ القانون الدستوري د. أمين العضايلة، ضربة أفقية أتت على كل شيء. وتبعا لهذه الضربة القاسية على الدولة والمجتمع والاقتصاد، فإن أسئلة النزاهة يجب أن تسأل من جديد، ومثلها أسئلة الحاكمية ودور السلطات والفصل بينها، حتى يتسنى لنا البحث جيدا في تفاصيل الوطن وشكله المستقبلي؛ فهل هو وطن يفتح ذراعيه ويدعم نخبة بعينها -بصرف النظر عن رأينا فيها؛ كيف وصلت وماهية المطلوب منها- فيما يغض النظر عن القوى العمالية والنقابية وأبناء الطبقة الوسطى والفقراء؟
المشكلة ليست في ردود الفعل، إنها في صميم الفعل وتبريراته!
الغد
المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد بسبب هذا التوسع والهدر في النفقات الجارية ورفع فاتورة التقاعد المدني في دولة تعاني من عجز متفاقم في موازنتها، يعني المزيد من الخسارات. وهو ما سيدفع إلى مواصلة البحث عن جهات تمويل خارجية، بالكاد تجدها الدول للاستدانة وسط أزمات السيولة والتمويل التي يمر بها العالم. وفي الأثناء، يتناسى مجلس الأمة أن تمويل هذا الرفاه الجديد لأعضائه سيكون إما من جيوب المواطنين، أو من مديونية خارجية لها شروطها الثقيلة على الاقتصاد ومستقبل البلاد واستقراره المالي.
لا بأس في تسلل الإحباط إلى نفوس أكثر من 115 ألف معلم حكومي، عضّوا على جراحهم ومضوا في التعليم لهذا الموسم الدراسي، رغم ما بهم من حاجات، واقتنعوا أن خزينة بلادهم فارغة إلا من مخصصات الرفاه للنواب والأعيان والوزراء. ولا بأس أيضا أن يرفع مجلس الأمة الذي من المفترض أنه يمثل الشعب، قضايا في المحاكم ضد وسائل الإعلام "المضللة"، والنصوص التي يكتبها الشباب الأردني في مواقع التواصل الاجتماعي، فالبرلمان محاط بالقداسة، ولا يجوز أن يمسه أي كان.
إنه أمر يدعو للحزن بالفعل؛ ففي العام الماضي، تم تنظيم أكثر من 850 اعتصاما ووقفة احتجاجية لمطالب عمالية محقة في جانب كبير منها، وجوبه معظمها بالرفض من طرف الحكومة التي يفخر رئيسها بأنه لا يرضخ للمطالب العمالية عبر الاحتجاجات، لكنه يطوي الأمر سريعا عندما يستنزف مجلس التشريع والرقابة بعضا من موازنة الدولة. وهنا لا بد من الوقوف عند دور الحكومة، لنتساءل عن مآلات شكل ومضمون العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وما النتائج التي تتمخض عن هذا الشكل المشوه الذي يأتي على حساب المال العام؟ وما حديث الحكومة الحالية أو حتى الحكومات المتعاقبة عن ضبط الإنفاق وعدم المساس بالمال العام، إلا ذر للرماد في العيون؛ فالواقع يشير إلى أننا أبعد ما نكون عن الإصلاح الحقيقي الذي لا يكون فيه "ترضيات" وتسويات من تحت الطاولة على حساب الفقراء.
ما ذهب إليه مجلس الأمة هو، كما وصفه أستاذ القانون الدستوري د. أمين العضايلة، ضربة أفقية أتت على كل شيء. وتبعا لهذه الضربة القاسية على الدولة والمجتمع والاقتصاد، فإن أسئلة النزاهة يجب أن تسأل من جديد، ومثلها أسئلة الحاكمية ودور السلطات والفصل بينها، حتى يتسنى لنا البحث جيدا في تفاصيل الوطن وشكله المستقبلي؛ فهل هو وطن يفتح ذراعيه ويدعم نخبة بعينها -بصرف النظر عن رأينا فيها؛ كيف وصلت وماهية المطلوب منها- فيما يغض النظر عن القوى العمالية والنقابية وأبناء الطبقة الوسطى والفقراء؟
المشكلة ليست في ردود الفعل، إنها في صميم الفعل وتبريراته!
الغد