داعش... صنع في؟
د. ايوب ابو دية
جو 24 : لا اتفق مع البعض بأن تنظيم الدولة الإسلامية من صناعة الغرب كما يدعون، ولكنهم في جانب آخر من الحقيقة ربما يكونوا من نتاجهم. فإذا نظرنا إلى الشباب المنخرط في تنظيم الدولة الإسلامية ويشكلون عمودهم الفقري نجدهم من الفئة العمرية 18-28 عاماً، فما علاقة هذه الفئة العمرية بارتباط داعش بالغرب؟
لنعد إلى عام 2003 عندما غزت أمريكا العراق بائتلاف شبيه بما يحدث اليوم على الصعيد الإقليمي والأممي لمحاربة داعش، فإننا نجد أن الفئة العمرية المقاتلة في صفوف داعش كانت عام الاحتلال (2003) تتراوح أعمارها بين 7 الى 17 عاماً. إذ يمكننا القول إنها الفئة العمرية المناسبة للتلقي والتعلم، فكيف كانت الأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق خلال عامي 2003-2014؟
لسنا بحاجة إلى عظيم تأمل للاستدلال بأن هذا الجيل المقاتل نشأ على العنف والحرب والفوضى والاقتتال الطائفي والتعذيب والخطف وتقطيع الأطراف والرؤوس والعمليات الانتحارية ... ففكر هؤلاء الشباب ليس فكراً ضالاً كما سمعنا مؤخراً بل هو فكر من صميم نتاج واقعهم المعيش.
ففيما كان السنة والشيعة والمسيحيين والايزيدية والصابئة والعرب والترك والأكراد يعيشون جميعهم معاً بأمان واستقرار نسبي قبل احتلال العراق، انكفأت الطوائف والملل والأعراق المختلفة على نفسها منذ احتلال العراق حينما عاثت فيه المنظمات الطائفية الفساد بدعم من أغلب الحكومات العراقية المتتالية وبعض دول الجيران مثل إيران، فماذا كانت النتيجة؟
هذه هي النتيجة ماثلة أمام أعيننا فلماذا نغض الطرف عنها؟ وماذا تتوقعون من فكر الشبان الذين عاشوا في بيئة ملوثة طائفياً وعرقيا ومذهبيا أن تكون مخرجاتها؟ ولكن يبقى السؤال، هل يمكن أن نتعلم من هذه التجربة؟
إن التجربة السورية على وشك أن تكرر التجربة العراقية بشكل أكثر قسوة ومرارة، فهل ما زال هناك وقت للإصلاح بعد أن انقضت أربع سنوات على الحرب الأهلية في سوريا وما زالت بالدموية نفسها؟ تخيلوا الوضع في المستقبل إذا نشأ جيل من المقاتلة بعد سنوات من الاضطراب النفسي والجسدي فماذا يمكن أن يحدث لكل دول الجوار بلا استثناء؟
لقد آن الأوان للنظر إلى الوضع في العراق وسوريا من منظور كلي جامع وطويل الأمد؛ صحيح أن الغرب لا يهمه الأمر كثيراً طالما أن النفط العراقي لا يتوقف تصديره من البصرة في الجنوب أو من المناطق في الشمال، وطالما أن البنية العسكرية والمدنية قد تم تدميرها في سوريا، ولكن على المدى البعيد لن تسلم أي من دول الجوار من نتاج هذا الواقع الموضوعي الدموي الذي ما برح ينتج نوعية من البشر لا ترى إلا فكرها بوصفه الحقيقة المطلقة ولا تجد طريقاً للحوار إلا بالسيف! الآن فقط أدركت أهمية مقولة الشافعي الشهيرة:
قولي صواب ولكن يحتمل الخطأ، وقولك خطأ ولكن ربما يحتمل الصواب!
نريد لهذه الفسحة الفكرية من الاعتقاد بأن الآخر ربما يكون على صواب أن تسود في الأوساط الفكرية، وبذلك تنتفي الحاجة إلى نفي الآخر؛ وهذه الفسحة يتم البناء لها من خلال دولة ديمقراطية وطنية علمانية وعبر مناهج تعليم محايدة تقبل بالآخر ولا تنفي وجوده تماما. ولا ينبغي أن يظن البعض أن المسألة محصورة في كونها مذهبية أو طائفية أو عرقية وحسب. فالآخر قد يكون أخي من أبي وأمي، أو قد يكون جاري الذي لا يمكن أن أعيش وحيداً من دونه، بل وتتجاوز الحاجة الى الآخر الوطن الصغير الى الاقليم والى ما هو أوسع، فلا يمكن أن تبقى الأمور آمنة في أوطاننا إلى الأبد طالما لا يشعر الآخر من حولنا أنه في أمان!
لنعد إلى عام 2003 عندما غزت أمريكا العراق بائتلاف شبيه بما يحدث اليوم على الصعيد الإقليمي والأممي لمحاربة داعش، فإننا نجد أن الفئة العمرية المقاتلة في صفوف داعش كانت عام الاحتلال (2003) تتراوح أعمارها بين 7 الى 17 عاماً. إذ يمكننا القول إنها الفئة العمرية المناسبة للتلقي والتعلم، فكيف كانت الأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق خلال عامي 2003-2014؟
لسنا بحاجة إلى عظيم تأمل للاستدلال بأن هذا الجيل المقاتل نشأ على العنف والحرب والفوضى والاقتتال الطائفي والتعذيب والخطف وتقطيع الأطراف والرؤوس والعمليات الانتحارية ... ففكر هؤلاء الشباب ليس فكراً ضالاً كما سمعنا مؤخراً بل هو فكر من صميم نتاج واقعهم المعيش.
ففيما كان السنة والشيعة والمسيحيين والايزيدية والصابئة والعرب والترك والأكراد يعيشون جميعهم معاً بأمان واستقرار نسبي قبل احتلال العراق، انكفأت الطوائف والملل والأعراق المختلفة على نفسها منذ احتلال العراق حينما عاثت فيه المنظمات الطائفية الفساد بدعم من أغلب الحكومات العراقية المتتالية وبعض دول الجيران مثل إيران، فماذا كانت النتيجة؟
هذه هي النتيجة ماثلة أمام أعيننا فلماذا نغض الطرف عنها؟ وماذا تتوقعون من فكر الشبان الذين عاشوا في بيئة ملوثة طائفياً وعرقيا ومذهبيا أن تكون مخرجاتها؟ ولكن يبقى السؤال، هل يمكن أن نتعلم من هذه التجربة؟
إن التجربة السورية على وشك أن تكرر التجربة العراقية بشكل أكثر قسوة ومرارة، فهل ما زال هناك وقت للإصلاح بعد أن انقضت أربع سنوات على الحرب الأهلية في سوريا وما زالت بالدموية نفسها؟ تخيلوا الوضع في المستقبل إذا نشأ جيل من المقاتلة بعد سنوات من الاضطراب النفسي والجسدي فماذا يمكن أن يحدث لكل دول الجوار بلا استثناء؟
لقد آن الأوان للنظر إلى الوضع في العراق وسوريا من منظور كلي جامع وطويل الأمد؛ صحيح أن الغرب لا يهمه الأمر كثيراً طالما أن النفط العراقي لا يتوقف تصديره من البصرة في الجنوب أو من المناطق في الشمال، وطالما أن البنية العسكرية والمدنية قد تم تدميرها في سوريا، ولكن على المدى البعيد لن تسلم أي من دول الجوار من نتاج هذا الواقع الموضوعي الدموي الذي ما برح ينتج نوعية من البشر لا ترى إلا فكرها بوصفه الحقيقة المطلقة ولا تجد طريقاً للحوار إلا بالسيف! الآن فقط أدركت أهمية مقولة الشافعي الشهيرة:
قولي صواب ولكن يحتمل الخطأ، وقولك خطأ ولكن ربما يحتمل الصواب!
نريد لهذه الفسحة الفكرية من الاعتقاد بأن الآخر ربما يكون على صواب أن تسود في الأوساط الفكرية، وبذلك تنتفي الحاجة إلى نفي الآخر؛ وهذه الفسحة يتم البناء لها من خلال دولة ديمقراطية وطنية علمانية وعبر مناهج تعليم محايدة تقبل بالآخر ولا تنفي وجوده تماما. ولا ينبغي أن يظن البعض أن المسألة محصورة في كونها مذهبية أو طائفية أو عرقية وحسب. فالآخر قد يكون أخي من أبي وأمي، أو قد يكون جاري الذي لا يمكن أن أعيش وحيداً من دونه، بل وتتجاوز الحاجة الى الآخر الوطن الصغير الى الاقليم والى ما هو أوسع، فلا يمكن أن تبقى الأمور آمنة في أوطاننا إلى الأبد طالما لا يشعر الآخر من حولنا أنه في أمان!