jo24_banner
jo24_banner

عن المنسف والملوخية وخلطة الولاءات الاردنية

جهاد المومني
جو 24 : الاردنيون مثل طلاب الصف الدراسي ,لكل منهم مثاله الخاص من المعلمين ومن بعدهم الفنانين ,فمن بيننا من لا يزال مؤمنا بصدام حسين ويتباهى بصورته وبين يديه بندقية وفي فمه سيجار بطول ذراع ,ومنهم من لا يزال معجبا بعبد الناصر الضاحك حتى عندما كانت طائرات جولدا مائير تدمر مطارات مصر ,وكثيرون يتحسرون على مرسي الذي حرص على ان يبقى اماما وخطيبا للجمعة لا رئيس دولة على طريقة اسماعيل هنيه قدس الله سره ,وتتجلى الغرابة حين تجد من بين الاردنيين من هو مؤيد لبشار الاسد ومعجبا بممانعته ومقاومته رغم انه لم يمانع ولم يقاوم فقد خرج من لبنان بأمر وصله من الخارجية الاميركية بالفاكس ...,هذه المفارقات لا تحدث في اي بلد في العالم الا في الاردن, الطالب النجيب في صف الامة العربية المساهمة المحدودة المسؤولية.

معجبون بصدام الذي تدلى معدما وهو يصر على الاحتفال بمعركة قادسية صدام التي قتل فيها أكثر من عشرين الف عراقي خلال اسبوع ,وبأم المعارك التي اتت على بقية الجيش العراقي , ومع ذلك لم تمر سنة منذ الواقعة المشؤومة في العام 1991 ولم يشارك المعجبون الاردنيون باحتفالات سفارة العراق بالمعركة الخالدة المسماة (ام المعارك) ...فمن نتائجها العظيمة ان (المشروع الامبريالي) باسقاط الزعيم المهيب لم ينجح بل فشل عند ابواب الناصرية ...,هذا ايضا يحدث في سوريا اليوم لأن (المؤامرة الكونية) تفشل ما دام الرئيس زعيما, لا بل وينتخبه ما تبقى من الشعب لسبع سنوات أخرى ...,ومعجبون بعبد الناصر الذي خسر حتى الحرب التي اختار زمانها ومكانها وورطنا بحماسته التي لم تخل من دعابات المنتصر المظفر على طريقة صدام عندما يهز كتفيه شموخا وهازئا بالولايات المتحدة, كان يردد ساخرا (هذا البوش طلع بوش) وكان الشعب من بعده يشتم اميركا وبوش معا (بوش بوش اسمع زين كلنا نحب صدام حسين و بوش بوش شيل ايدك هذا الحتشي ما يفيدك)..

معجبون بالسجين مرسي -وهذه ام المصائب– فالرجل تسلم مصر كما لو كان ناظر مدرسة ابتدائية, وما ان قرع الجرس حتى تاه في فوضاها وبين تلاميذها ليجد نفسه مديرا لا حول له ولا قوة ولم يتذكر انه الرئيس الشرعي الا بعد ان اودعه السيسي زنزانة ضيقة في السجن ..

معجبون ببشار تخيل ان سوريا هدية من الوالد وحق له وحده ,ولما اكتشف انها سوريا وطن فيه الملايين غيره عاث بالهدية تدميرا حتى لا تكون من نصيب ولد سواه ...ولكم ايها الاردنيون ان تتخيلوا ان من بينكم من هو معجب بالقذافي الذي نفذت عصا الليبيين من حلقه مختصرة الطريق من قعره صعودا ,وكم هو مسيء للحرية ومخجل ومعيب ان يعلم الاصدقاء والغرباء ان حزبا نشأ في الاردن برخصة من وزارة الداخلية يدين بالولاء للقذافي..

يا لها من مسخرة ..!

* * *

الاردنيون احرار أكثر من غيرهم بمن في ذلك شعوب الديمقراطيات العريقة - على الاقل في ان يعجبوا بمن تميل له اهواءهم الغريبة – والاردنيون احرار فعلا لا قولا فليس عليهم بلطجي واحد في الحكم, لا امير ولا اميرة ,ولا شريف ولا شريفه ,فأبناء الذوات واولاد الرؤساء وبناتهم مثلهم مثل اولاد الفقراء يلتزمون بالشارة الضوئية ولا يخاطبون الناس بالمسدسات ,وضابط المخابرات يقبل مخالفة السير ولا يفصح عن هويته حتى لا يقال شايف حاله او بهد بسيف الدائرة ,الوزير فيها - اضافة الى انه اصبح بلا هيبة – فهو بلا حراسه واذا تجادل مع مواطن انسحب معترفا بالهزيمة حتى لا يسمع شتيمة الحكومة باذنيه ,الرؤساء السابقون فيها لا يقاطعون مأتما او جاهة عروس ولا يقيمون خارج البلد وتلتقيهم في الاماكن العامة وفي صالونات الحلاقة مثل بقية الناس ,لا منفيا من الاردنيين ولا لاجئي ولا جائع ولا معارضين خارج الدولة ,وليس من بينهم محبوسا بتهمة المطالبة بالاصلاح اعتقلته المخابرات الجوية ..,وليس من بين الاردنيين منبوذا لانه قال اريد اصلاحا او وظيفة او علاجا او حتى لأنه افترى واطال يده ولسانه ,نصف الاردنيين تحصلوا على بعثات دراسية لاولادهم وبناتهم المستحق منهم وغير المستحق وبموجبات مختلفة ومختلقة ,وكثيرون جدا حظوا بفرصة التقاط الصور مع جلالة الملك او الملكة ونصفهم الاخر ينتظرون دورهم ...ثم في نهاية النهار وحول بطيخة يختلفون على حلاوتها تتفتح قرائح الاردنيين على التلميحات المسيئة ,هذا فاسد وذاك خائن واولئك سحيجة النظام ..!

منسف وملوخية هكذا اصبحت القسمة ,دافعو ضرائب ورعايا تعيلهم الدولة ,عسكر وموظفون ,سائقو كيا وهونداي وسواهم ,مطلوبون للتنفيذ القضائي ومشتكون ..هؤلاء هم الاردنيين منذ ان اغدق علينا ابو عدي ب 500 الف عائد ووافد ولاجئ من الكويت والعراق ودول الخليج عندما قرر احراق نصف اسرائيل بالقداحة الشهيرة ..
اما زعيم المقاومة فقد حمل الشعب الاردني ما لا يحتمل فاضاف اليه مليونا ونصف المليون من المقاومين الهاربين من بلد الممانعة ..

* * *

يطرب الاردنيون لاغنية (عبد الله يا عونك حنا فدا عيونك ) ,لكنهم أكثر الناس تذمرا من زعيمهم ومدللهم الملك , فالتذمر بالمفهوم الاردني يعتبر موقفا سياسيا وتعددية ومن حقوق المواطنة ,والملك الذي يعتبر محل اجماع الاردنيين غير محصن اذا تشاجر اثنان من الاردنيين على موقف سيارة ,فهو المسؤول عن الازفلت الردئ والبطيخ الزهري الباهت وهو المسؤول عن غش صاحب الاسكان وخطأ البليط وزحمة السير , يطالبونه الاردنيون بزيادات على الرواتب ثم يلومون علاقات الاردن بالدول المانحة التي تطعمنا وتسقينا عمليا ويلتئمون للتنديد بالتمويل الاجنبي وتدخل الولايات المتحدة السافر في افغانستان, وكل من يشكر الامبريالية على مساعداتها للأردن ودفعها رواتب الاردنيين يعتبر صهيونيا ومتآمرا وكمبرودوريا, ومن يشكر السعودية يعتبر وهابيا ,ومن يشتري كاكا فلسطينية مطبعا ,ومن قال للأردنيين اشتغلوا اصبح سحيجا ومخبرا لدائرة المخابرات ,كل هذا لأنه تدخل في تقاليد راسخة للشعب الاردني المرابط على حد تعابير خطباء الاخوان المسلمين, والمناضل كما اسماه نايف حواتمه, والطيب كما هو فعلا بعيدا عن المبالغات ...

* * *

عبدالرؤوف الروابدة وعلي ابو الراغب وفيصل الفايز وعدنان بدران ونادر الذهبي ومعروف البخيت وسمير الرفاعي وفايز الطراونه جميعهم على السنة المرابطين الصابرين القابضين على الجمر رؤساء بلا صلاحيات, إلا صاحب السيادة والولاية العامة عون الخصاونه لانه على حد رأي المواقع الالكترونية استقال بسبب كثرة التدخلات في صلاحياته ,يا للغرابة يا للسذاجة يا للهبل , وهل يوجد رئيس وزراء اردني منذ رشيد طليع وحتى جبل المحامل عبد الله النسور لا يكتب استقالته قبل ان يؤدي القسم رئيسا بصلاحيات رئيس قسم في الدولة الاردنية وقد استثني توفيق ابو الهدى ووصفي التل لكنني لست جازما ,أولم يفرض على عون الخصاونه وزراء لا يريدهم الشعب الاردني المناضل على رأي ابو النوف ,ومع كل ذلك لا يزال الساذجون يرون عون الخصاونه بطلا تجرأ على الاستقالة بالهاتف ,ولو عرف المعجبون الحقيقة لما غيروا من قناعاتهم بكل الاحوال ,تماما كما هي قناعاتهم بصدام وعبد الناصر وبشار والقذافي ومرسي ,والحقيقة هي ان عون الخصاونه لم يوافق على طلب الشعب بحل مجلس النواب لأن التعديلات الدستورية تجبر الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها بالاستقالة ,اي انه عمليا اراد لحكومته البقاء ولو بمجلس نواب منبوذ شعبيا ,وهذا يعني ان سولافة الاحتجاج على سلب دائرة المخابرات والديوان الملكي لصلاحياته - كما اشاع انصاره- سولافه لا اساس لها ومحاولة تجريف فاشلة ,الرجل اراد البقاء في السلطة لكن ..في الاردن تتجلى قدرة الله عز وجل الذي يمهل ولا يهمل ..ففي بلدنا يأتيكم الانقاذ في اتعس الظروف فإما حكومة تطير او مجلس امة ينحل او يحل ,او تجري عملية تحريك في المناصب (تغيير طرابيش ) تتركنا في الهرج شهرا على الاقل ...وكما جرت العادة انفتح الباب للرئيس المظفر عون الخصاونه كي يغادر فغادر مستقيلا حتى لا يقال ,فمن قبله (استقال) الرؤساء جميعا ...!

وللحديث بقية..
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير