2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

استراتيجية (الإشغال) وتطبيقاتها في الاردن

جهاد المومني
جو 24 : لا تفهم احيانا – ولكنك تتكهن بالاسباب – لماذا في الاردن يجري التمسك ببعض الشخصيات والاسماء المعروفة والتي لا يسجل لها انجاز واحد يذكر رغم سنوات الخبرة الطويلة والتقلب المنهجي بين المناصب والوظائف القيادية ,او يصار الى تلميع بعض الاسماء الشابة بلا سند منطقي ولا اكاديمي ,في مقابل هذه اللازمة الغريبة هناك تجاهل واضح لقيادات نجحت في عملها وفي قراراتها وملأت المناصب التي شغلتها ولا زالت في عمر العطاء ومع ذلك احيلت الى مستوعب الكفاءات المعدومة ,والأخطر على مستقبل الدولة الاردنية ان هناك تجاهلا لئيما لكفاءات جديدة صاعدة وقدرات علمية تشق طريقها بنجاح لافت اما في القطاع الخاص واما في دول الخليج ,وما يثير الغرابة أكثر أن الدولة التي تشكو فساد الادارة والنمطية والترهل والفساد المالي والقرارات الخاطئة وغيرها العشرات من المشاكل المستفحلة التي رافقت نمو الدولة الاردنية منذ ربيعها اواخر السبعينيات وحتى خريفها الحالي، لا تلتفت الى هؤلاء ولا الى سوق البطالة العامر بالكفاءات المحالة الى التقاعد المبكر لاسباب غامضة لكنها ليست مجهولة، والى مستودعات الاقصاء والتهميش والتمييز وهذه اسبابها معروفة وواضحة وتقوم على اسس مناطقية وجهوية مصدرها الحاشية او من يسمون (رجال الدولة) لا صغار المسؤولين كما يعتقد البعض، وأكثر من ذلك فان عملية التخزين هذه لا تخلو من خبث المتمسكين بالمناصب -او من يعرفون بالمحظيين- وتستند ايضا الى فكرة توفير ارضية غضب مجتمعي متبادل بين المناطق والعشائر على ان يبقى هذا الغضب كامنا ولكنه قابل للتحريك عند الحاجة ,فالجهات المظلومة ضد الجهة المستفيدة والعشائر المهمشة تحقد على العشيرة المحظية، وهكذا تتناوب العقلية الاستحواذية -المتمثلة في الحاشية المستفيدة- في تأمين سبل الصمود والبقاء الى ابعد مدى ممكن في ظل صراع صامت بين الناس ما يفسر حالة التوتر السائدة ونشوء نزعة التشاجر والايذاء المتبادل والتخاطب بالسلاح عند اول مرحلة من الغضب وقبل دخول مرحلة التحاور والتناوش الكلامي.

تسمى هذه الاستراتيجية (إلاشغال) وتعرف في السياسة بقاعدة (فرق تسد) مارستها انجلترا في مستعمراتها حين لجأت الى اسلوب تقريب بعض المجموعات السكانية على حساب البقية من سكان المستعمرات، وجعلت من بعض الاشخاص (اصدقاء) لها ومستفيدين ومنحتهم المناصب والامتيازات فتحملوا كراهية ابناء بلدهم وكانت مهمتهم مساعدة المستعمرين على استيعاب الحصة الأكبر من كراهية الناس لهم ,لذلك عندما قامت الثورات في المستعمرات الانجليزية كان هؤلاء اول الضحايا حيث نكلت بهم شعوبهم قبل ان تلاحق المستعمرين الذين تركوا البلاد نهبا للفوضى والفرقة والانقاسمات المجتمعية كما هو معروف، كما مارست اسرائيل هذه الاستراتيجية في فلسطين المحتلة فقربت الدروز والشركس والبدو وبعض العملاء من المجتمعات الفلسطينية المترفة وكل من لديه الاستعداد للتعامل مع الاحتلال على حساب بقية الفلسطينيين وكان الهدف ولا يزال احداث الشرخ الكبير بين الاقليات انفسها من جهة وبين الاقليات والبقية من الشعب الرازح تحت الاحتلال من جهة أخرى ,نجحت اسرائيل كثيرا في خططها التفريقية ,فاليوم يعرف الجندي الدرزي او الشركسي او البدوي في اسرائيل بأنه الاكثر شراسة في التعامل مع المنتفضين الفلسطينيين ولذلك فأن هؤلاء الجنود وذووهم يتحملون كراهية الفلسطينيين أكثر من اليهود المحتلين وبهذا يتحقق الهدف من (فرق تسد).

مورست استراتيجية (الإشغال) في جميع مراحل التاريخ البشري من قبل انظمة الحكم والسلطات بمختلف اشكالها ,واثبتت نجاعتها عند الشعوب المتخلفة حضاريا ولكنها اخفقت مع مرور الوقت وقيام الحكومات الحزبية والبرلمانية وتراجع دور السلطة الفردية للزعيم ,ومع ذلك لا زالت قائمة في البلدان التي تأبى التنازل عن عباءة الحاكم ولا زالت بعض التجمعات السكانية تحظى برعاية بعض الحكام كذلك حال بعض الاشخاص الذين يتداولون المناصب والمنافع دون اي مسوغ ,ولكن لأهداف لا تخفى اليوم على احد.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير