ارض الأردن ليست منطلقا لحرب أهلية سورية ..
يتعرض الاردن هذه الأيام لضغوطات كبيرة وموجعة من جهات إقليمية ودولية مختلفة من أجل القبول باستخدام أراضيه لعبور أسلحة للمعارضة السورية "وللجيش الحر" المنشق عن الجيش السوري ..
وبعد استنكاف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن اللجوء للتدخل العسكري المباشر في الشأن السوري او غير المباشر عن طريق قوات حلف " الناتو " ، حذت دول أوروبا الغربية حذو الإدارة الأميركية واستنكفت هي الأخرى عن اللجوء للتدخل العسكري كخيار لإنهاء الأزمة السورية بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد ..
أما وقد فشلت المبادرة العربية وفشل مؤتمر تونس " لأصدقاء الشعب السوري "، وكذلك مؤتمر اسطنبول .. فقد قبلت جميع الأطراف المعنية بما في ذلك المعارضة السورية والحكومة السورية بالمبادرة الدولية من خلال إرسال كوفي عنان مبعوثا خاصا للأمم المتحدة الى سوريا للوصول الى حل سلمي للأزمة التي تكاد أن تفجر حربا أهلية مدمرة .. وهكذا حرب لا يمكن حصرها داخل حدود سوريا ، بل ستنعكس بتداعياتها على دول الجوار العربي والإسلامي ولربما على مختلف بلدان المنطقة ..
لكن انقسامات حادة قد نشبت في صفوف المعارضة السورية وقد بدا ذلك جليا في مؤتمري تونس واسطنبول " لأصدقاء الشعب السوري " اللذين شاركت فيهما هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الاميركية وممثلون للدول الاوروبية الغربية ..
ولم تشارك روسيا والصين في هذين المؤتمرين احتجاجا على التدخل الاجنبي وبخاصة تدخل الدول الغربية في الشان السوري ..
إن تيارا من المعارضة السورية قبل بمهمة كوفي عنان وصولا " إلى حل دبلوماسي أو سياسي وأمني للأزمة .. وتبلور تيار آخر متشدد ينادي بالتدخل العسكري كخيار لا بد منه لإنهاء الأزمة .. وقد نشرت صحيفة " وول ستريت غورنال " الامريكية أن العربية السعودية تطالب بالخيار العسكري ، وبتسليح المعارضة .. وإنها تمارس ضغوطا قوية على الأردن كي يوافق على استخدام أراضيه وحدوده لعبور أسلحة إلى داخل سوريا .. لكن الأردن الذي تربطه مع سوريا علاقات تاريخية وجغرافية وديمغرافية واقتصادية وتجارية كبيرة لا يستطيع القبول بذلك ..فالأردن ليس مع التدخل الأجنبي وليس مع الخيار العسكري لإنهاء الأزمة السورية .. والأردن يدعو الله عز وجل أن يجنب الشعب السوري الشقيق حربا أهلية لا تبقي ولا تذر ..
وتسليح المعارضة السورية إنما يعني تصعيدا للأزمة ودفعها نحو حرب أهلية ..
صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها في الإتحاد الأوردي مستنكفة عن اللجوء الى الخيار العسكري لإنهاء الأزمة السورية .. لكنها في الوقت نفسه لا تعارض دعوة أمير قطر الى حشد وإقحام قوات عربية أو إقليمية " اسلامية " لتقويض نظام الحكم الحالي في سوريا ... وذلك على مبدأ " بطيخ يكسر بعضه "
فالمهم لديها اسقاط نظام بشار الأسد والمجيء بنظام حكم خاضع لارادتها وارادة حلفائها وعملائها وادواتها في المنطقة وخارجها بدون ان تتورط في اي حرب جديدة وهي التي قدمت خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات في هزيمتها العسكرية والسياسية والأخلاقية في العراق / ثم في إفغانستان لاحقا ..
ان لإدارة الاميركية وحلفائها في أوروبا وفي المنطقة ، تسعى للزج ب " حصان طرواده" عربي او تركي للتصادم مع الجيش السوري وصولا الى إسقاط نظام بشار الأسد ..ثم التدخل بمختلف أشكال التدخل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي لقطف ثمار حرب مدمرة تكلف الشعب السوري سقوط عشرات آلاف الضحايا بين قتيل وجريح كما تكلفه دمار البنى التحتية والمنشات الحيوية الاقتصادية والتعليمية والصحية والحضارية .. وذلك على غرار ما شهده العراق الشقيق من دمار وإبادة .. ثم ما شهدته ليبيا من دمار وإبادة وفوضى طاغية ..
ان الاردن يقظ تماما ويعي ابعاد استخدام أراضيه وحدوده مع سوريا بتسليح المعارضة " والجيش الحر " المنشق عن الجيش العربي السوري .. ويرفض هذه الدعوات مهما كانت مصادرها وأصحابها .. فالأردن لا يقبل ويجب أن لا يقبل بهكذا دور أبدا .. فالأردن بأمنه واستقراره وأمان ابنائه لن يكون بمنأى عن حرائق أي حرب قد تنشب في سوريا ..