"صفقة القرن" فاشلة.. والرحيل الامريكي من المنطقة حتمي
سلامة العكور
جو 24 :
مخطئ وواهم من يعتقد أن بقاء الولايات المتحدة الامريكية في منطقتنا قدر لن يتزحزح ..فمنذ هزيمة اسرائيل في حربها على لبنان على يد حزب الله عام 2006م والتي أعلنت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس أثناءها عن ولادة الشرق الأوسط الجديد والولايات المتحدة الامريكية تتراجع.. نعم تتراجع.. وجاءت هزيمتها في أفغانستان ثم هزيمتها في العراق لتؤكدا بدايات وإرهاصات سقوط مشروعها الذي أعلنته رايس.. وهو مشروع لخلق الفوضى الخلاقة ولتقسيم دول وازنة عربية في المنطقة.. واستباقا لما يمكن أن تسفر عنه حروبها المباشرة والتي بالوكالة في سورية والعراق واليمن ولبنان سارع الرئيس ترامب للإعلان عن "صفقة القرن" معلنا القدس الشرقية مع الغربية عاصمة موحدة لإسرائيل ..ومعلنا ضم الجولان السورية للسيادة الاسرائيلية ..وملوحا بضم الضفة الغربية وغور الأردن لإسرائيل ..ولإنقاذ نتنياهو من السجن ولضمان فوزه في الانتخابات عمل على حشد دول خليجية وأخرى عربية وإغواء أي طرف فلسطيني للقبول ب"صفقة القرن"على أمل إنجاحها وتمكين اليمين الاسرائيلي العنصري من الإعلان الرسمي عن يهودية الدولة وضم الضفة الغربية وغور الأردن لهذه الدولة ..لكن إدارة ترامب فشلت فشلا ذريعا في مسعاها وظلت صفقة القرن تترنح وسط الريح العاتية ..حيث لم تفلح جميع إغراءات ترامب بأموال الخليج في إقناع ولو فلسطيني شريف واحد بالتوقيع على هذه الصفقة العار ..
وفي الشهور الأخيرة رأى ترامب ضرورة تصعيد الحرب الإرهابية المدعومة من أتباعه وعملائه في المنطقة وخارجها على الجيش السوري وحلفائه على أمل إجباره على التراجع إلى موقعه في العام 2018م.. علما بأنه قد تقدم وحرر أكثر من الفي كيلو مترا مربعا من محافظتي إدلب وحلب.. أي حوالي نصف أعداد مدن وقرى وبلدات المحافظتين.. وكذلك تصعيد الحرب على اليمن من خلال تزويد الحلف السعودي بالمزيد من الأسلحة المتطورة على أمل حسم هذه الحرب الملعونة بإلحاق الهزيمة بالمقاومة هناك.. وبالتالي إنجاح المشروع الامريكي ـ الصهيوني البغيض لفرض الهيمنة على المنطقة عبر إضعاف محور المقاومة وإبعاد روسيا والصين عن مياه البحر الأبيض المتوسط ..وهنا تسهل عملية تنفيذ "صفقة القرن المشؤومة..لكن المعارك الضروس في سورية وضد اليمن قد حسمت أو تكاد في صالح سورية واليمن ..حيث نجح اليمنيون في السيطرة على محافظة الجوف الاستراتيجية بالنسبة للأمن السعودي ..ونجح الجيش العربي السوري وحلفاؤه في تحرير سراقب الإستراتيجية ..وذلك رغم مشاركة فرق وكتائب وقوات خاصة برية وجوية مزودة بصواريخ أرض جومحمولة وثلاثة آلاف دبابة ومدرعة قتالية معادية في محافظتي حلب وإدلب ..وجاء البروتوكول الروسي ـالتركي الملحق لاتفاق سوتشي ليكرس الإنتصار السوري المؤزر ..حيث سارع وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو للإعلان عن هزيمة المشروع الامريكي ـ الصهيوني في سورية ..وقد قال للصحفيين يوم الخميس 5ـ3 ـ2020أن طلب انسحاب القوات السورية إلى خطوط وقف إطلاق النار لسنة 2018 م كان مطلبا امريكيا ..ولكنه لم يتحقق ..ووفقا لتفاهمات امريكية مع تنظيم طالبان فإن ثمة انسحاب وشيك للقوات الامريكية من أفغانستان ..وبموجب قرار مجلس النواب العراقي وقرار الحكومة العراقية فإن انسحاب القوات الامريكية من الاراضي العراقية أمر حتمي ..ذلك أن الرحيل الامريكي العسكري من المنطقة أضحى قريبا ..لكن أتباع امريكا وعملائها في المنطقة باقون للحفاظ على مصالحها ..ويرى المراقبون العسكريون والمحللون السياسيون الامريكيون والغربيون أن امريكا بعد انتصار حاسم للجيش السوري وحلفائه على الإرهاب وعلى القوات الامريكية والاجنبية التي تحتل أجزاء من الجغرافيا السورية ستكون أمام خيارين ..فإما الرحيل عن المنطقة وإما اللجوء إلى حرب شاملة مع أطراف محور المقاومة وحلفائها ومعها القوى السياسية والشعبية الحرة في المنطقة .لكنهم يرجحون رحيلها الحتمي مكرهة لا مختارة خلال سنوات جد قليلة ..أي أن بقاءها ليس قدرا محتوما كما يتوهم أتباعها وعملاؤها ..أما الكيان الصهيوني فبقاؤه ومصيره مرتبطان ببقاء أمريكا أو رحيلها ..
يبقى أن نؤكد مرة أخرى أن على الاردن مغادرة المعسكر الامريكي ـالصهيوني ـ الخليجي وتوسيع دائرة علاقاته في هذا الفضاء الرحب مع دول يمكن أن تناصره في نضاله ضد الأطماع الصهيونية وتسعفه للتخلص من أزمته الاقتصادية ..
ولا شك أن روسيا والصين وايران ودول امريكا الجنوبية ودول أخرى كثيرة يمكن أن تقدم مساعدات وكل أشكال الدعم التي يحتاجها لتعزيز استقلاله الوطني والحفاظ على سيادته على كامل أراضيه الطهور ..