الرحيل الامريكي من المنطقة قريب... وزوال اسرائيل حتمي..
سلامة العكور
جو 24 :
منذ اتفاقات "كامب ديفيد" عام 1979م وبعد ذلك اتفاقات "اوسلو" عام 1993م ثم اتفاق "وادي عربة "عام 1994م، وعمليات التطبيع مع العدو الاسرائيلي مستمرة تحت الطاولة وفوقها، ولكنها تزيد وتيرتها حينا وتتباطأ حينا آخر، وذلك حسب معطيات ومتغيرات الواقع الإقليمي والواقع الدولي، والأشد تأثيرا عليها كان وما زال الوهن والتراجع الذي أصاب مفاصل الأمة العربية، والأشد الأشد تأثيرا هو هذا التواطؤ العربي وهرولة دول خليجية كبيرة وصغيرة نحو اسرائيل والعمل على إقامة علاقات مريبة معها تحت طائلة الضغوط الامريكية ولدرجة أن بعض المسؤولين والإعلاميين فيها راحوا يكتبون مقالات في الصحف الاسرائيلية كصحيفة "معاريف" مثلا، ويظهرون في مقابلات على شاشات التلفاز الاسرائيلي..
وبمجيء الرئيس الامريكي دونالد ترامب والإعلان عن "صفقة القرن "المشؤومة والمشهد يظهر تنفيذ هذه الصفقة الملعونة بخطوات وقحة وأولا بأول؛ بدءا من إعلان القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، ثم انتقال السفارة الامريكية إليها، ثم مصادرة الاراضي وإقامة المستوطنات عليها، وهدم آلاف المنازل الفلسطينية وطرد قاطنيها بالقوة بعيدا عنها، ثم ضم الجولان السورية وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وهذه الأيام تتحفز وتستعد حكومة نتنياهو ـ غانتس لضم أجزاء أخرى من الضفة الغربية وسط صمت عربي وإقليمي ودولي أشبه بصمت القبور.
كل ذلك يجري والقيادات الفلسطينية تصرخ منددة، لفظيا فقط، بما يجري على أرض الوطن الفلسطيني، ولم تتجرأ على اتخاذ ولو خطوة عملية واحدة تقرص أذن اليمين الاسرائيلي العنصري وتكبح تسارع خطواته نحو إعلان اسرائيل دولة يهودية بدعم امريكي وقح، كوقف التنسيق الأمني مثلا. وهنا نتساءل: بعد ضم الصفة الغربية لإسرائيل ماذا يتبقى للإتفاق والتفاهم عليه مع اسرائيل لكي تهدد القيادة الفلسطينية بإلغاء الاتفاقات والتفاهمات مع تل أبيب وواشنطن، أوليس بضم الضفة الغربية تكون اسرائيل قد ابتلعت كل فلسطين من النهر إلى البحر؟ّ! فعلى ماذا تتفاوض القيادة الفلسطينية بعد ذلك؟!
هيه ياعرب.. هيه يا شعب فلسطين المناضل.. قفوا.. قفوا فرؤيتكم للحضور الامريكي العسكري والسياسي في المنطقة وكأنه القدر المحتوم الذي لن يتزحزح مجرد وهم، ورؤيتكم للكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وكأنه أبدي بتفوقه العسكري وبقدرته على اختراق الوضع العربي وتطويعه مجرد وهم ورؤية خاطئة، وأن رهان دول ودويلات عربية على بقاء الدور الامريكي الطاغي عسكريا وسياسيا واقتصاديا وحتى ثقافيا في المنطقة هو رهان خاطئ وخاسر، وهو وهم صنعته ولقنته لعقول عربية مريضة وسائل الإعلام الامريكية والغربية والصهيونية وبعض العربية، وحتى محطات تلفاز عربية مقززة، وهنا نذكر بأن الهزائم العسكرية والسياسية والأخلاقية التي منيت بها أمريكا في أفغانستان وفي العراق وفي سورية واليمن ولبنان قد زعزعت الحضور الامريكي الطاغي فيما يسميه الغرب "منطقة الشرق الأوسط " وأضعفت قدرة القوات الامريكية وقواعدها العسكرية المنتشرة في الخليج وفي تركيا وغيرها على شن حروب مفتوجة وكبيرة ضد حضور حلف "روسيا والصين وإيران وسورية" في المنطقة، وبات جلّ همّ القيادات الأمريكية العسكرية والسياسية وبخاصة وزير الدفاع ورئيس القوات العسكرية الرحيل إلى جنوب شرق آسيا وإلى مضيق "مالاقا " وإلى بحر الصين والمحيط الهاددي، وترك قوات قليلة لا فعل لها في المنطقة، أي أن هناك رحيلا حتميا للولايات المتحدة الامريكية من "غرب آسيا"، وذلك في غضون سنوات قليلة وقليلة جدا لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتدهور اقتصادها وأزمتها القاتلة مع فيروس كورونا سيعجلان رحيلها من هذه المنطقة، ولما كانت اسرائيل منذ العام 1948 م، أي منذ قيام كيانها حتى اليوم وهي ترتع تحت الحماية البريطانية والفرنسية والألمانية، وبعد رحيل هذه الدول الاستعمارية من المنطقة راحت ترتع اكثر فأكثر تحت الحماية الامريكية، تستمد من هذه الدول الكبرى ما تحتاجه عسكريا وسياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا لضمان تفوقها على الدول العربية مجتمعة، ولتحقيق نفوذ واسع كدولة كبيرة وذات باع طويل في المنطقة..
أما اليوم، فلقد جاء الوقت لعزلها وكبحها مع خطوات الرحيل الامريكي من هذا الإقليم الذي يشهد صراعات وأزمات يجب أن تنتهي، وهزيمتها في عام 2006م على يد حزب الله اللبناني، ونكوصها غير مرة أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إرهاصات ومقدمات لهزيمتها الساحقة الماحقة أمام المقاومة الفلسطينية والعربية بعد الإنتصار السوري، وبعد تصاعد القدرات العسكرية الإيرانية تكنولوجيا وألكترومغناطيسيا، أي أن بقاء اسرائيل في المنطقة غي مضمون، وأن زوالها حتمي..
وكما قال المتنبي : ولا يصح الإفهام بشيئ إذا احتاج النهار إلى دليل