قوانين اباحية
من وسط غيمة حاسوبه الافتراضية كتب: "وتنتهك حرياتنا ويستلب فكرنا في وضح النهار"...، ولكن شاشه حاسوبه المحمول تشوشت بخطوط عريضة، فحجبت الكلمات التي طبعها منذ هنيهه لكنها ما لبثت ان عادت ، تنفس الصعداء وتابع الكتابة :
" وتكمم الافواه عنوة وقسرا عنا ويغيب عصر الحرية الى غير عوده.. ، عندها اختفت الاحرف هذه المرة من فوق سطح الشاشة تماما ، غابت لدقيقة اخرى ثم ظهرت مبعثرة كأشلاء طائر ذبح على الطريق.
احس بسخونة تسري في جسده لعدم تمكنه من اكمال مقالته، عالج لوحة المفاتيح بحنق وكتب في اول السطر: "امتهان الكرامة يعني حجب النظر والسمع والفؤاد، واعني ما تمارسه الحكو...."
ولكن الشاشة تضاءلت حينها حتى اختفى الكلام من عن بكرة ابيه.
قام من مجلسه منتفضا، ضغط مرارا على زر التشغيل ، لكن الشاشة بقيت حالكة كليل شتوي طويل، فيما ارتفع بين جنبات الحاسوب صوت رجل اجش : "اخي المواطن ، لقد تجاوزت السقف المحدود لك من الحرية ، سيتم حجب حريتك لمده خمس دقائق ، نرجو عدم تكرار ذلك في المستقبل والتقيد بمواد قانون المطبوعات رقم 48و49 .
تمتم داخلة متأففا حول هذا الانقطاع لاعنا هذا القانون بسره ، لكن الصوت الاجش عاد لينبهه ناهرا: اخي المواطن ،" سامعينك" ، لا يوجد داعي لهذه الحركات "النص كم" والتذمر ، نحن نعمل من أجلكم ، تحسس جسده بعنايه، امسك شفتيه بكلتا يديه ، هل نطق فمي عن غير قصد ، أيعقل أنهم يسمعون ما افكر به
- اجل وبكل وضوح ،،،،أجاب الصوت الأجش متحرشا به هذه المره .
كان يحاول خداع رقيب المطبوعات بتشتيت اقكاره ، فكر باشياء تافهه وغير مهمة البته، صنبور الماء الذي زاد رشحه كلما حاولت اغلاقه ، رقعة شطرنج ارتمى جنودها على سطح المعركة وما عادوا قادرين على الوقوف، دمية قديمة انتزعت ثيابها عن سوء قصد، ممحاة قضمت من منتصفها ولكنها مازالت صالحة للاستعمال ، مقص قماش رخيص الثمن يعتلى فستان عرس لم يلبس بعد.
فكر وفكر واطلق خياله حتى احس بالارتياح .
- وفقا للمادة 10 من قانون الافكار ووجهات النظر ، يحظر التفكير باكثر من موضوع واحد بنفس الوقت.. قال الرقيب بلهجه رصينة.
كانت فترة الحظر على الحريه قد انتهت منذ هنيهه، ضحك بداخله وعاد لحاسوبه المحمول مرة اخرى ، داعب فأرته فانبثق امامه موقعا مصورا ، اخذ يتنقل بين الصور ولكن الصوت الاجش صادر صورة لفتاه ظهر طرف يدها .
وماذا بعد ، ما بها هذه الصورة ، قال محدثا نفسه:
- الصورة التي تود مشاهدتها محظورة وتعتبر اباحية من الدرجة السادسة وفق قانون المواقع الاباحية رقم 16/2012 ،امتعض بصمت ثم تابع تقليب الصور ، كانت الصور تظهر بشكل مضحك للعيان ، صور قد اعمل الرقيب مقصه فيها فغدت كشخوص كرتونيه.
علق على احدى المقالات المنشوره بحروف مرتجفه : " وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجه يدق...وأرخى اصابعه من فوق لوحة المفاتيح منتشيا بالنصر.
لم يمهله صاحب الصوت الاجش ليكمل نشوته ، زمجر بصوت لطخ غيمته الافتراضيه : لقد اخترقت السقف هذه المرة ، وقد ابيحت حريتك بشكل نهائي ، سيصلك مندوبنا خلال عشر دقائق ، ننصحك بتوديع من تحب.
اجال النظر ، احس بوداعة لم يعهدها من قبل ، كانت السماء زرقاء لا يخالط صفوها أي غيمة ، اسند جسده المثقل فوق غيمته وغفا.