jo24_banner
jo24_banner

اعترافات سجان(3)

نائل العدوان
جو 24 : الحرية كذبة ، والعمر ذاته مصيدة.
لا اعلم بما يفكر به السجان في وقت فراغه! هل تأخذه الرحمه بمن ظلم ؟، ويصير قديساً طيب القلب ، يرفق على من حوله .
اتابع حركته في الزنزانة الصغيرة، احس بهزل في جسده، ورجفة تمتحن يده التي يمسك فيها القضبان، يمعن النظر الى الخارج ويكمل حديثه كأنه يحدث نفسه :
مساكين ، انت وانا... وهم ، كلنا نمثل على خشبة مسرح واحدة، ادوارنا باقية الى النهاية ، قد نتقنها فننجح وقد نسىء الاختيار فنفشل . انت مثلاً! هل اخترت دورك لتكون سجيناً؟
يشيح بنظره باتجاهي لتتسع عيناه عندما يجدني جالساً.
يا انت ، قل شيئاً! الم تثق بي بعد؟ اعترف انه لم يتبق لكم شيئاً.
أحس برهبته مجدداً ثم استقيم بجلستي لتصطدم عيناي بوجهه المستطيل الذي ازداد بشاعه عما قبل .
يمسك بقميصي ويشدني اليه فانتفض واقفاً.
رجلاي لا تقوى على الوقوف جيداً، دقات قلبي تتسارع ويتضائل حجمي امام جثته الضخمة.
كم كنت سخيفاً بشأن العاطفة وسجائري التي ضحيت بها من اجله، فهو قد يلعب دور السجين بسهولة ، لكن يبدو انه لا يطيق هذا الدور يلبث كثيرا ، ويعود لحقيقته: سجاناً يخلو من اي عاطفة .
قل شيئأ ، الن تبوح بسرك؟ يصيح مجدداً باعلى صوته ، ثم يصفعني بيده .
لا اظن ذلك ، فلا زال لدينا الكثير ، ضحكة اطفالنا . اتمتم وما يزال السجان ممسكاً بقميصي.الاطفال لا يعون سواد القلوب ، ولا يعيرون للسياسة اي انتباه ، هم اخر ما تبقى لنا ، وضحكاتهم هي من تبقينا على قيد الحياه، سنقف بوجهكم ما حيينا وسلاحنا ضحكاتهم ، وكلما علا ضجيجها زادت قوتنا، سنركلكم بارجلنا يوماً ما ، حتى لو قضمتم قلوبنا ، لاخر شهيق لدينا وحتى اخر ضحكة.
يشد قميصي المهمل نحوه ليلتصق وجهي بمقدمة وجهه المستطيل ، اشعر بخشونة شعر ذقنه ورائحة فمه المختلطة بالتبغ وطعام رخيص الثمن قد تخمر بجوفه.
سلاحكم ضحكات اطفالكم وسلاحنا هم اطفالكم .حين يكبرون ، سيدركون ان السلطة هي الاصل ، وان لا قوة لهم بدون السجان ، يقول ثم يفلت قميصي ممزقاً على ارض الزنزانة.

يتبع....
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير