ماكو داعش !!
الصورة التي أظهرتها كاميرات الصحافة قبل عدة أيام لسائق الشاحنة الحمراء القادم من جهة الحدود العراقية والذي التف من حوله الجميع للسؤال عن أحوال العراق وتحركات داعش وأخواتها ذكرتني بمرحلة أولى من التاريخ السحيق، حيث كان القوم المتحاربين ينتظرون قدوم الفارس على مشارف المدينة وقبل أن يترجل من فوق حصانه المنهك يبادر احد الحراس بسؤاله:
- أخبرنا يا أخ العرب عن ما وراءك!
ويلتقط الفارس أنفاسه ويخفض رأسه ليصير بمحاذاة رأس فرسه -دلالة على أهمية ما يحمله من أخبار- والجميع منصتون له وأياديهم فوق سيوفهم، ليهمس اخيرا بصوت مرتجف:
- لقد حشدت لنا كسرى ثلاثة آلاف جندي، وأعدّوا العدة وسدّوا المنافذ والطرق.
وفي هذه اللحظة بالذات ينتفض أحد محاربي (تغلب) الملثمين مُشهرا سيفه أمام الجميع وملوحاً به ومهددا العدو:
- والله لنريهم أشد البلاء، ولنذيقهم طعم الحرب على أصولها.
سائق الشاحنة الحمراء الذي لم ينتظر الصحفيون نزوله من مركبته أطل برأسه ليطلق كلمتين باللهجة العراقية:
- ماكو داعش!
طيب....، إذا لم يكن هناك وجود لداعش لماذا لم يفند وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة ذلك، ولماذا التهويل والعويل بوجود تهديد للحدود، وإذا افترضنا أن سائق الشاحنة لم ينقل الحقيقة كاملة وان قوات داعش أشباح لا تظهر للمارة لكنها تظهر للحكومات فقط، فلماذا التفت حوله وسائل الإعلام ولم تأخذ الصافي من وزير إعلامنا.
الأمر برمته يبدو مستغربا وتشوبه فانتازيا كتلك التي نشاهدها بأفلام هوليود من سرعة صناعة تهديد على الحدود ثم إطلاق مخاوف بامتداد هذا التهديد للداخل، والمواطن في نهاية الأمر سيقبل ما تمليه عليه وسائل الإعلام من خطورة الموقف أو سهولته بل وسيتحدث بما سمع وشاهد دون أن يدرك حقيقة ما وراء الأكمة.
فماذا يختبئ لنا وراء الأكمة ولم تخبرنا به الحكومة ؟
أطفئوا التلفاز، فهذا الفيلم ممل وطويل.