jo24_banner
jo24_banner

اعترافات سجان (4)

نائل العدوان
جو 24 : هل أصلحت الثورة حياة البائسين؟
أم زادتهم بؤساً وقنوطاً. تبحثون عن الحرية في الخلاص من السجان والحاكم، ومن يدير شؤونكم الرثة، وتعلقون همومكم على مشجب السلطة.. البؤس ملاصق لكم وستهدرون حياتكم بحثاً عن الخلاص، لكنكم بالنهاية ستدركون أننا نحن الخلاص.
يبتعد قليلاً عني ، فالتقط نفسي وما تبقى من قميصي، وامسح قطرات الدم من فوق فمي:
همنا هو فسادكم ذاته، هو من يؤرق ليلكم، ويفسد بهجة نهاركم، انتم من زرعتموه بأرواحنا وانتم من تعتنون به وتحرصون أن يكبر يوما بعد يوم، ينام معنا على نفس الوسادة ، يأكل مما نأكل، ونجفل إن غاب يوماً عنا. فان حصدناه يوماً، فلمن نهديه؟
تهدونه لنا ! ثم تنقلبون على أنفسكم وتقيمون ثورة، ولا يعجبكم حاكمكم القديم وتخلعون الجديد وتلعبون نفس اللعبة القديمة ثم تتغنون "بالحرية الحمراء"، أما سئمتم من ذلك؟
أتدري ..سأكتب مثلكم على الجدران .
"الثورة بلون النار..
وهج قد تتخلله ومضات لا لون لها".
يكتب على الجدار كسجين فقد ظله، ثم يستدير إلى باب السجن ليتأكد أن أحدا لا يراه،
يقول لي: وهي عصية على الفنان أن يرسمها. لكن لنقل أنها حمراء! تغرك الألسنة الملتهبة ولكنك لا تستطيع اقتفائها. هي حاضرة ما دامت مشتعلة ، فان خفتت تغيب بلحظة حاسمة لانتهاء ما تحرقه.. تغيب بسذاجة قد تبكيك وقد تضحكك.
"ما الثورة "؟
يفغر فاهه كغريق لا يجد من يدركه. ثم يستطرد:
"هي كالنار. تشتعل بشرارة مدبرة، ولا تنطفئ إلا بصدفة مارقة.
الثورة مؤامرة، ونحن متورطون بها سويا ، انا وانت ، يبتسم بخداع.
انظر إليه ، أمعن النظر ملياً إلى زميلي في الزنزانه ذي اللحية المستطيلة الذي مثل دور السجان وأتقنه، أسنده من كتفه ثم اضحك بملء فمي ويضحك هو، ويفيض المكان بالضحك .. ساحراً ، مفعماً بالحرية والكبرياء ، بعيدا عن البكاء وعيون السجان الحقيقي.
انتهت
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير