مهنية الإعلام وحق الحصول على المعلومات
قبل يومين قامت وزارة الطاقة والثروة المعدنية مشكورة بنشر رد في صحيفة زميلة على مقال كتبه وزير سابق حول آلية تسعير مشتقات النفط.
الوزارة اتهمت كاتب المقال بعدم التقصي وراء المعلومات الصحيحة ونشرت ردا تفصيليا تضمن أرقاما حول مستوى الدعم والضرائب المفروضة على المشتقات النفطية. المعلومات الواردة في رد الوزارة أعرفها للمرة الأولى مع أنني أدعي متابعتي للمستجدات في قضايا التنمية بكافة قطاعاتها ومنها الطاقة.
وأكاد أجزم أن كاتب المقال لو طلب المعلومات من الوزارة لواجه هاتفا مغلقا أو الادعاء بعدم تواجدها. بفضل الكثير من الأخبار والمقالات المستفزة قامت الوزارات والمؤسسات العامة بالتفضل على المواطنين بالكشف عن معلومات جديدة ولكن من المفترض أن يتم ذلك بطريقة منظمة بحسب قانون حق الحصول على المعلومات والذي تبدو فعاليته مثل قانون منع التدخين في الأماكن العامة!
القانون يحدد للمواطن بشكل عام المسار الذي يجب أن يتبعه بغية الحصول على المعلومة المنشودة وهو مسار ليس سهلا ويمر عبر عدة حواجز بيروقراطية. حيث ينص القانون على تشكيل ما يسمى “مجلس للمعلومات” برئاسة وزير الثقافة وعضوية ثلاثة أمناء عامين وأربعة مديري مؤسسات عامة تكون مهمته ضمان تزويد المعلومات إلى طالبيها والنظر في الشكاوى المقدمة من طالبي المعلومات وإصدار مجموعة من النشرات. وبحسب القانون يجتمع المجلس مرة واحدة شهريا على الأقل للنظر في الطلبات المقدمة. وبحسب المادة 7 من القانون يحق لكل أردني الحصول على المعلومات التي يطلبها وفقا لأحكام هذا القانون إذا كانت له مصلحة مشروعة أو سبب مشروع، ولكن القانون لا يحدد كيفية تمييز “المصلحة المشروعة” عن” المصلحة غير المشروعة”.
وبحسب المادة 9 يقدم طالب المعلومة طلبا محددا وفق النموذج المعد مسبقا وعلى المسؤول إجابة الطلب أو رفضه خلال ثلاثين يوما وفي حال رفض الطلب ينبغي أن يكون معللا.
وتحدد المادة 13 لائحة تصل إلى عشرة بنود من الوثائق التي “على المسؤول أن يمتنع عن الكشف عن المعلومات المتعلقة بها” وتعد مثل هذه اللائحة مرجعية مناسبة للمسؤولين غير المقتنعين بجدوى وحق الحصول على المعلومات للامتناع عن الاستجابة لكثير من الطلبات بحجج تصنيفها ضمن هذه البنود.
ولكن الأهم من ذلك أن هنالك منظومة من التشريعات الأخرى التي تفرض قيودا رقابية تمنع حرية نقل المعلومة ومنها قانون حماية أسرار ووثائق الدولة 1971 وقانون محكمة أمن الدولة 1959 ونظام الخدمة المدنية وقانون العقوبات وغيرها.
وبالرغم من صدور القانون في العام 2007 فإن استطلاعا موجها للإعلاميين أجراه مركز الأردن الجديد للدراسات أثبت أن 42% من الإعلاميين لا يزالون يجهلون وجود هذا القانون بينما بلغت نسبة الإعلاميين الذين استخدموا القانون 11% فقط.
ولكن هذا لا يعني أن غياب الوعي والمعرفة هما السببان الأساسيان في عدم استثمار هذا القانون للحصول على المعلومات حيث أفاد 42% من الإعلاميين أن الدوائر الحكومية تعتبر وبشكل عام غير متعاونة مع الاستجابة لطلباتهم في الحصول على المعلومات المطلوبة إما عن طريق المماطلة أو عدم اكتمال المعلومات أو تزويد معلومات غير صحيحة أو حتى الامتناع التام عن إعطاء المعلومة متزامنا مع التهديد الموجه للإعلاميين.
هذا القانون بحاجة لتعديل يتضمن تسهيل عملية الحصول على المعلومات وربطها بشخص واحد في كل مؤسسة وليس المجلس العظيم الذي يشكل حاجزا بيروقراطيا منيعا، وأن تكون هنالك قناعة حقيقية بحرية تدفق المعلومات من أجل صحافة مهنية ودقيقة وبدون ذلك لا ينبغي للوزارات والمؤسسات العامة أن تشكو من عدم دقة المعلومات الواردة في الإعلام طالما أنه لا سبيل للحصول على المعلومات الدقيقة هذه.
batirw@yahoo.com
الدستور