jo24_banner
jo24_banner

النموذج الروسي: احتلال ثم استفتاء

باتر محمد علي وردم
جو 24 : دشنت روسيا بوتين منهجية جديدة في العلاقات الدولية وهي السيطرة العسكرية على منطقة متنازع عليها تاريخيا وسياسيا ومن ثم عقد استفتاء تحت تأثير السلاح والنفوذ ليتم من خلاله التصويت على ضم المنطقة المتنازع عليها للدولة التي قامت بالهجوم العسكري. ربما لو فكر الرئيس العراقي صدام حسين بهذه الطريقة لنجا من تبعات غزو واحتلال الكويت في العام 1990!

كان من المثير للاهتمام متابعة تصريحات الرئيس بوتين وهو يشير بأن روسيا تحترم خيارات شعب القرم في الانضمام إلى روسيا، وهذا ما ذكرني فورا بالدمار الذي لحق بمدينة جروزني وبقية مناطق جمهورية الشيشان التي حاول شعبها أن يقول بأنه يريد الاستقلال عن روسيا ولم يكن الرئيس بوتين آنذاك في مزاج يسمح له باحترام خيارات الشعب الشيشاني. اللعبة الآن تغيرت وفي موازين القوى الدولية يستطيع بوتين أن يخطط لاجتياح وضم القرم تحقيقا لطموح عمره عقود طويلة مستغلا ثورة الشعب الأوكراني ضد الفساد المتمثل في النظام السابق المدعوم من موسكو.

يملك بوتين حق الفيتو في مجلس الأمن تماما كما امتلكه جورج بوش قبل عقد من الزمان مانحا لنفسه حق الحصانة التامة من أية تداعيات سياسية دولية ممكنة لهذا الانتهاك للقوانين السياسية الدولية ولكن هل تستطيع روسيا بوتين أن “تهضم” جزيرة القرم بدون مشاكل اقتصادية وبدون أن تجد نفسها تدفع ثمنا كبيرا من الداخل حتى لو بقيت تتمتع بالمناعة من أي رد فعل دولي؟

صحيح أن شبه جزيرة القرم تحتوي تعددا سكانيا وأن حوالي 58% من سكانها هم من الروس وهنالك إشكاليات تاريخية حول ملكية الجزيرة لروسيا أو أوكرانيا ولكن هذه الحالة تنطبق أيضا على مئات المناطق المتنازع عليها في العالم. لو قررت كل دولة ذات قوة عسكرية أن تستخدم الجيش للسيطرة على منطقة متنازع عليها وعمل استفتاء مضمون النتائج سلفا وتحت قوة السلاح لما أصبح هنالك اي داع لقانون دولي وسيعيش العالم وفق قانون الغاب والبقاء للاقوى.

بالطبع تصبح قضية أوكرانيا والقرم في عالمنا العربي سياسية ومزاجية وليست معتمدة على قيم ومبادئ. التيار القومي المتحمس للرئيس بوتين ودعمه للنظام السوري يلهث وراء كل قرارات موسكو ويرفع الشمسيات هنا كلما أمطرت هنالك من جديد حتى لو كان الثمن هو انتهاك حقوق الشعوب. نطالب بحرية تقرير المصير في بلادنا ورفض الاعتداءات من القوى الكبرى ولكننا ندعمها في أماكن أخرى إما فقط مناكفة بالولايات المتحدة أو دعما لروسيا والذي هو بالأساس دعم للنظام السوري.

ما حدث في القرم هو انتهاك صارخ للقانون الدولي ولا مجال للفذلكة في ذلك وحسنا فعل الأردن في مجلس الأمن بالتصويت ضد الهجوم الروسي لأن هذا هو الموقف الأخلاقي السليم.

batirw@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news