متى ينتهي ارتباك الإعلام الرسمي؟
باتر محمد علي وردم
جو 24 : ارتبك الإعلام الأردني مرة أخرى بعد جريمة قتل القاضي الأردني رائد زعيتر من قبل الجيش الإسرائيلي، كما ارتبك من قبل في عدة حالات ذات حسياسية سياسية عالية أو حتى متوسطة. تغطية الحدث كانت مترددة خاصة من الإعلام الرسمي والذي سقط في عدة أخطاء مهنية وسياسية في الساعات الأولى قبل أن يتمكن من تجميع خطاب شبه متماسك بعد يومين تقريبا ولكن بعد أن كان الضرر قد حدث ومن الصعب إصلاحه. الى متى سيبقى الإعلام الأردني الرسمي محكوما بهذا البطء والخوف وعدم الوضوح في رد الفعل، ولماذا تعدد المرجعيات خارج الوسط الإعلامي والتي يجب العودة إليها قبل اتخاذ القرار السليم سياسيا ومهنيا؟ كل هذا يؤدي في النهاية إلى تقديم صورة سيئة عن خطاب الدولة وهو أمر يمكن تجنبه بسهولة عن طريق المزيد من التنظيم والمزيد من الحريات ومنح الثقة التامة لكفاءة القائمين على المؤسسات الإعلامية.
إلى متى سيبدو الإعلام الرسمي الأردني وكأنه يقوم بدور “مؤسسة المطافئ” المطلوب منها وقف الحرائق السياسية التي يتم إشعالها إما بسبب حدث مفاجئ وغير معروف كيفية التعامل معه قرار سياسي غير محسوب بدقة أو بسبب حملة إعلامية منظمة ضد الأردن. والمشكلة أن مؤسسة المطافئ الإعلامية هذه لا تتحرك بشكل منظم ومدرب ومنهجي، وفي كثير من الأحيان نكتشف وكأن أفراد هذه المؤسسة يقومون برش البنزين والكاز لا المياه على الحرائق المشتعلة، فتزيد المشاكل التهابا.
المشكلة أن الأردن، وهو دولة المؤسسات والقانون يفتقر تماما إلى “مؤسسة تفكير استراتيجي” في اتخاذ القرار ترتبط بشبكة إعلامية من شأنها تقوية القرار الأردني وجعل هذا القرار مبنيا على معلومات دقيقة. في الكثير من الدول ومنها بعض الدول العربية، تقوم الدولة بإنشاء مركز رصد ودراسات استراتيجي مختص بتقديم المعلومات الدقيقة من مختلف أنحاء العالم والتوجهات الاستراتيجية التي يمكن أن تؤثر على القرار الأردني، ويتم تقديم هذه المعلومات لأصحاب القرار في الحكومة بشكل رئيس من أجل اتخاذ قرار علمي ودقيق. وهذا المركز بالذات يمكن أيضا أن يسهم في “صياغة” الطريقة التي تقوم بها الدولة بإعلان مواقفها وبطريقة استراتيجية لتساهم بتحويل هذا القرار من ارتجال إلى فعل منظم وتوضيح السيناريوهات المتوقعة بعد اتخاذ القرار وكيفية التعاطي معها.
بالطبع فإن الإعلام الأردني ليس موظفا لدى الحكومة، ولا يوجد إعلامي يحترم سمعته يقبل أن يكون بوقا للحكومة ولكن كل إعلامي وطني منتم للأردن يهتم أولا بأن يتمكن من طرح خطاب متماسك يوضح موقفا ذا مصداقية للدولة يمكن الدفاع عنه، ودون وجود المعلومات والتحليل السليم لا يمكن القيام بهذا العمل. يصبح الخيار الأول عندئذ هو درء المخاطر وهذا يتم عن طريق تجاهل المعلومات المحرجة أو إيجاد معلومات غير سليمة لتقوية موقف الدولة وفي الحالتين سيظهر ضعف الرواية بعد فترة قصيرة جدا.
أعتقد أن الأردن بحاجة لخطاب غير اعتذاري، ويتميز بمنطق ونوع من العدوانية الإيجابية حتى ندافع عن بلدنا، ولكن المهم أن يكون القرار الرسمي الذي ندافع عنه منطقيا ويستند إلى مصالح عربية وأردنية. ولكن هذا يتطلب تنسيقا عاليا بين مطبخ القرار الأردني ووسائل الإعلام الرئيسة. هذا التنسيق لا يعني الوصاية أو الحملات المنظمة الآنية التي تحقق نتائج سلبية أكثر من الإيجابية بل عن طريق توضيح الموقف الأردني بطريقة استراتيجية وعلمية لتتم الاستفادة من هذه المعلومات من قبل إعلام أردني وطني جاهز للدفاع عن الأردن لا أن يكون مجرد بوق لحكومة أو مؤسسة مطافئ لوقف حرائق أشعلتها أخطاء سياسية رسمية أو أحداث خارجية بعيدة عن نطاق السيطرة.
batirw@yahoo.com
(الدستور)
إلى متى سيبدو الإعلام الرسمي الأردني وكأنه يقوم بدور “مؤسسة المطافئ” المطلوب منها وقف الحرائق السياسية التي يتم إشعالها إما بسبب حدث مفاجئ وغير معروف كيفية التعامل معه قرار سياسي غير محسوب بدقة أو بسبب حملة إعلامية منظمة ضد الأردن. والمشكلة أن مؤسسة المطافئ الإعلامية هذه لا تتحرك بشكل منظم ومدرب ومنهجي، وفي كثير من الأحيان نكتشف وكأن أفراد هذه المؤسسة يقومون برش البنزين والكاز لا المياه على الحرائق المشتعلة، فتزيد المشاكل التهابا.
المشكلة أن الأردن، وهو دولة المؤسسات والقانون يفتقر تماما إلى “مؤسسة تفكير استراتيجي” في اتخاذ القرار ترتبط بشبكة إعلامية من شأنها تقوية القرار الأردني وجعل هذا القرار مبنيا على معلومات دقيقة. في الكثير من الدول ومنها بعض الدول العربية، تقوم الدولة بإنشاء مركز رصد ودراسات استراتيجي مختص بتقديم المعلومات الدقيقة من مختلف أنحاء العالم والتوجهات الاستراتيجية التي يمكن أن تؤثر على القرار الأردني، ويتم تقديم هذه المعلومات لأصحاب القرار في الحكومة بشكل رئيس من أجل اتخاذ قرار علمي ودقيق. وهذا المركز بالذات يمكن أيضا أن يسهم في “صياغة” الطريقة التي تقوم بها الدولة بإعلان مواقفها وبطريقة استراتيجية لتساهم بتحويل هذا القرار من ارتجال إلى فعل منظم وتوضيح السيناريوهات المتوقعة بعد اتخاذ القرار وكيفية التعاطي معها.
بالطبع فإن الإعلام الأردني ليس موظفا لدى الحكومة، ولا يوجد إعلامي يحترم سمعته يقبل أن يكون بوقا للحكومة ولكن كل إعلامي وطني منتم للأردن يهتم أولا بأن يتمكن من طرح خطاب متماسك يوضح موقفا ذا مصداقية للدولة يمكن الدفاع عنه، ودون وجود المعلومات والتحليل السليم لا يمكن القيام بهذا العمل. يصبح الخيار الأول عندئذ هو درء المخاطر وهذا يتم عن طريق تجاهل المعلومات المحرجة أو إيجاد معلومات غير سليمة لتقوية موقف الدولة وفي الحالتين سيظهر ضعف الرواية بعد فترة قصيرة جدا.
أعتقد أن الأردن بحاجة لخطاب غير اعتذاري، ويتميز بمنطق ونوع من العدوانية الإيجابية حتى ندافع عن بلدنا، ولكن المهم أن يكون القرار الرسمي الذي ندافع عنه منطقيا ويستند إلى مصالح عربية وأردنية. ولكن هذا يتطلب تنسيقا عاليا بين مطبخ القرار الأردني ووسائل الإعلام الرئيسة. هذا التنسيق لا يعني الوصاية أو الحملات المنظمة الآنية التي تحقق نتائج سلبية أكثر من الإيجابية بل عن طريق توضيح الموقف الأردني بطريقة استراتيجية وعلمية لتتم الاستفادة من هذه المعلومات من قبل إعلام أردني وطني جاهز للدفاع عن الأردن لا أن يكون مجرد بوق لحكومة أو مؤسسة مطافئ لوقف حرائق أشعلتها أخطاء سياسية رسمية أو أحداث خارجية بعيدة عن نطاق السيطرة.
batirw@yahoo.com
(الدستور)