jo24_banner
jo24_banner

نهاية الولاء الانتهازي!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : هنالك تغيرات جوهرية لابد من تحقيقها في بنية إدارة الدولة وطبقة “النخبة السياسية” قبل الانتقال نحو مرحلة الإصلاح السياسي الحقيقية بما تتضمنه من نهج جديد للحكم يعتمد على التصويت الشعبي وعلى خيارات الناخبين في تشكيل الحكومات وبالتالي “إنشاء طبقة النخبة السياسية الجديدة”.

واحد من أهم التغيرات يتعلق بنوعية وطريقة صعود “النخبة السياسية” والإعلامية في الأردن إلى مراكز صنع القرار والتأثير، وهي طريقة كانت في السنوات الماضية تعتمد إلى حد كبير على “مظاهر ولاء شفوي” للنظام تخفى داخلها انتهازية سياسية من الدرجة الأولى. ربما يكون النظام السياسي الأردني حاليا أول من يشكو من ظاهرة “إنقلاب” نسبة لا بأس منها من ابناء النخبة السياسية التي استثمر فيها النظام الكثير من الجهد والأموال والفرص ، واصبحت الآن في الطرف الثاني من الملعب بعد أن انقطعت “خطوط الدعم” المالي أو المناصب أو الشهرة والمكاسب التي حققها الدخول في نادي النخبة.

معارضون قوميون ويساريون وإسلاميون، شخصيات وقيادات اجتماعية وإعلاميون اشباه مؤهلين، تجار من القطاع الخاص ومناضلون سابقون من المجتمع المدني دخلوا جنة نادي النخبة السياسي ليستفيدوا من الكثير من المكاسب وليس مطلوبا منهم سوى إظهار الولاء اللفظي، ولهم الحق في ممارسة اسوأ أنواع التسلط والانانية وأحيانا الأخطاء الفادحة في طريقة إدارة مؤسساتهم. تراجعت مستويات الأداء وتراجع دور الدولة في التواصل مع المجتمع وتراجع منسوب الدعم الرسمي لهذه الشخصيات الانتهازية، فاصبحت قادرة على القفز السريع للضفة الاخرى طمعا في الشعبية وفرص العودة إلى “نادي النخبة” ولكن هذه المرة من الشارع ومن الحراكات الشعبية التي سوف تنتج “حكومات نيابية جديدة”.

للأسف نحن لا نقرأ التاريخ الحديث جيدا، وننساق بسرعة وراء الشعارات العاطفية. هل يمكن لمن أفلس الشركات، ومارس كل أنواع الواسطات، وشتم الديمقراطيين عبر الصحف وهددهم بالقوى الأمنية أن يصبح بين ليلة وضحاها إصلاحيا؟ هل يمكن أن نثق بمثل هؤلاء المتقلبين بين المواقف ليقودوا البلاد في مرحلة إصلاح جديدة، وألا يحق لنا جميعا كمواطنين ودافعي ضرائب أن نطالب بتحقيق مستقل حول كمية المناصب والمكتسبات التي حصل عليها أصحاب الولاء الانتهازي من الدولة، بينما المعارضون والمنتقدون دفعوا ثمن مواقفهم وكانوا فقط يهدفون إلى تقديم النصيحة الصادقة؟

يتخذ الانتهازيون قراراتهم بناء على دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه القرارات، وعندما كانوا يتجهون للدولة وحدانا وزرافات ليدخلوا في عباءتها لم يكن ذلك بفعل الولاء الحقيقي أو القناعة بقدر ما كان نتيجة الطمع، وما أن تقلصت الاسباب الموجبة لدعم الدولة أصبح الانتقال إلى الموقف المناقض الخيار الأكثر منطقية بناء على دراسة الجدوى السياسية والاقتصادية إياها.

هؤلاء يجب أن يخرجوا من الساحة السياسية والإعلامية تماما في أردن جديد إصلاحي يحترم الكفاءة والنزاهة وليس الانتهازية والمطامع، وهي فرصة ذهبية للنظام السياسي لكي ينظف نفسه تماما من كل الطفيليات التي علقت به في السنوات الماضية طمعا في المكاسب والاعتماد على كل من اثبت حرصه على استقرار ومصلحة الأردن في الأشهر الماضية سواء ممن كانوا في الدولة أو في المسيرات الشعبية وأن يتم إنهاء كافة مظاهر الترغيب التي أنتجت نخبة سياسية يعاني الكثير من أفرادها من الأنانية وانعدام الكفاءة التي اسهمت بشكل كبير في إضعاف أداء الدولة في عدة محاور.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news