الرصاصة والفيل
ما الذي يفكر به رئيس الوزراء هذه الايام ، تماما قبل الرحيل وقبل الوداع الاخير، هل يفكر في ذاته ؟...ابدا ، فتفكيره للرمق الاخير سيكون عن الوطن والمواطن، لعله يستذكر مسيرة حكومته والانجازات التي تمت في عهده وما تمخض عن سياسته الحصيفة من نمو مضطرد في الاقتصاد واختفاء البطالة وانخفاض في الاسعار الى ادنى مستوياتها ورضى المواطن التام عن توافر الخدمات وجودتها، ناهيك عن الفائض المالي المحقق للموازنة وميزان المدفوعات والنهضة العمرانية التي اشتدت في عصره .
هل كان الوقت كافيا للمزيد، يهز الرئيس رأسه نافيا وعاضا على شفتيه بان الكثير قد بقي في جعبته.
ولربما يمر شريط ذكرياته بالاوضاع السياسية بالبلد التي ضبطها بحنكة عبر سن قوانين وتشريعات عصرية اراحت الشارع وهدأت من روع المواطن ومطالبه السياسية الى غير رجعة .
فماذا يريد المواطن بعد : مدارس مجانية ، تأمين طبي له ولاسرته ، شوارع معبده ، كهرباء على مدار الساعة ، دكاكين منتشرة في ارجاء البلاد ، مياه مدعومة تصل بيت كل فرد ، امن وامان ....كلها متوفرة ...
سيتنهد الرئيس هنا ويجلس على اريكته الصوفية مطمئنا، واضعا يده على خده كأنه "تشي جيفارا" يوم اختفائه .
ولكن ماذا بشأن الضمير، هل هناك اي تأنيب للضميرعلى الحراكات الشعبية والاعتصامات اليومية التي تشهدها البلد ؟
على الارجح : لا ، فالربيع العربي افرز هذه الاحتجاجات بشكل عفوي وهي حالة صحية في كل بلد، وقد اصبحت عادة عند المواطن يقوم بها في وقت فراغة ، فالمعتصمون يمارسون حياتهم بشكل طبيعي واعتيادي بعد انتهاء اية فعالية، وعاجلا ام اجلا ستختفي هذه الحراكات كاختفاء الرصاصة في جسد فيل...
هكذا سيفكر الرئيس مبتسما لفكرة الفيل والرصاصة.
لا يزال يذكر ما قاله له استاذ الفيزياء عندما كان طالبا في الصف السادس ، بأن الماء يتحول الى اشكال عديدة ومنها البخار ، ومثلها الازمات والحراكات تماما ، فالزمن كفيل باذابة اي خلاف كائنا ما يكون بقليل من الحرارة والصبر .
مالذي سيفعلة بعد انقضاء ولايته ..
هل سيذهب في رحلة استرخاء الى "شرم الشيخ" . حتما لا!
من الممكن ان يستثمر في شركة صغيرة ما بعيدا عن السياسة ووجع الرأس ....هذا كلام لا يقبله العقل!!
يتجهم الرئيس لهذه الفكرة ويشد بابهامه وسبابته على اعلى جبهته مبديا عمق تفكير وسهام.
يرجع شريط الذكريات مرة اخرى الى حادثة الفيل ، لطالما اعجبه ان يكون "الفيل ذاته" لقد مل من كونه الرصاصة الشافية ، ولم لا فالماضي السياسي غني ببطولات ومواقف مشهودة يذكرها القاصي قبل الداني وهي بلا شك بوابته لرد الجميل للمواطن .
يبتسم مرة اخرى ويقوم من على اريكته ثم يضرب كفا بكف كمن وجد ضالته..
- اجل ..ساصبح معارضا ، نعم انا معارض .