2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

البلطجي

نائل العدوان
جو 24 :

كنا قديما .. نلعب بالعاب بسيطة ، قريبة من النفس ، نختبئ خلف شجرة لوز ، نعد حتى العاشرة ثم "نكمسر" معلنين فوزا "مكمسرا". نهيم بالجبال ، نلتقط "السحالي" والزهور ، نجر "علب السردين" ونعتبرها سياراتنا الفارهة ، ننقش حروف أسمائنا على شجر اللوز والصنوبر ونمسك بالغيوم المسافرة نحو ارض بعيدة كنا نسميها بأسمائنا الخاصة.


لماذا تغيرت العاب الأطفال في أيامنا هذه؟
ما الذي الذي حل بعقول صغارنا وأفئدتهم وعنفوانهم وتغير عليهم ليغيروا طريقة لعبهم، هل هي طريقة العيش ذاتها.؟ أم أن لديهم هم أيضا ربيعا عربيا جديدا يقرع أبوابهم، انتفضوا عليه واسقطوا شعائره وأركانه واصبح لديهم معارضين يطالبون باصلاح حقيقي وارجاع لحقوقهم الضائعة .
لماذا أصبحت العاب الأطفال "مبلطجة" و تحولت إلى بنادق و"مسدسات" وسيوف بلاستيكية خادشة لمظهر اللعب النظيف.


من إمام شرفة منزلي ، المحهم كل يوم يلعبون.
يتحوصل الفرقاء في جيشين متضادين ، معارضين وبلطجية، خلافهم على "كرة" اصطدمت بأحدهم بغير قصد أو على ترسيم حدود لمناطق اللعب.


احد الأطفال يحمل بندقية ، كرشه متهدل أمامه وأوداجه منتفخة كبالون سيرك، يسير بخيلاء، حاف القدمين ويرافقه ثلاثة أطفال آخرين ، يزمجر مهددا طفلا صغيرا ببندقيته ، اجزم انه سيضرب الطفل الصغير ألان ، هل سيضربه ... نعم ، و ينكزه بكعب البندقية على رأسه.
يتقهقر الطفل المغلوب على أمره، مطلقا صرخة إفلاس وانسحاب من "محمية المتهدل"، فيما تتعالى ضحكات البلطجي وأعوانه.


يصطف الصبية المناهضون لذي الكرش على الطرف الأخر من الشارع، تخلو أياديهم من أي أسلحة أوتوماتيكية . فلا حول لاي احد منهم بقوة البلطجي وأعوانه، فهو شديد البأس صعب المراس ولديه اعوان ينتشرون على اطراف الشارع وهم عديمو الشفقة وفاقدون للاحساس بالذنب.

والبلطجي سيد الموقف دائما ولا يجرؤ احد على مخالفة قواعدة ، "فالأرزاق" تأتيه على طبق من فضة..." الشيبس " و"المصاص" وهدايا الآباء والأمهات وكعك العيد المحمص" ، وهو أن يتذوق صنفا لا يعجبة يبصق بجانبه ثم يرميه بوجة الطفل المغلوب على أمره.


لم يكن اليوم ككل الايام السابقة ، فحشود الاطفال المقموعين من البلطجي غزت المكان بسرعة كبيرة ، فيما كان البلطجي واعوانه ينتظرون مرور المعارضين من امامهم.


هل يفكر الاطفال بانتفاضة ما؟
في أقصى الشارع تقبع طفلة صغيرة تنظر لذي الكرش بخوف وحيطة ، ما الذي تفكر به هذه الصغيرة ؟ هل لجم الخوف لسانها ، تضم بكلتا يديها "دمية" منزوعة الشعر ، تتسربل في فستان اتسخت أطرافة وتغبرت معالمه، يرمقها "البلطجي" من بعيد ويهدد ببندقيته البلاستيكية في دعوة لان تختفي من أمامه ، لكنها لا تأتمر.


يقترب منها وأعوانه يحيطون به ، ترتجف الطفلة ، تنكمش على نفسها كحلزون هلامي ، ينتزع الدمية من بين يديها بدون أي مقاومة منها ، يرميها على الأرض ثم يدوس عليها ، حتما ستنهار الطفلة بالبكاء، هل فقدت عقلها؟ لما بقيت واقفة أمامه، سيسحقها بلا شك، لكن الطفلة لم تحرك ساكنا بل طلبت منه أن يعيد لها ضالتها، يضحك "البلطجي" وأعوانه من طلب الفتاه، لكنها تمد يدها وتنتزع دميتها، ثم تصفعه بيدها الأخرى على خده.


لم يتوقع "البلطجي"ولا أعوانه الصغار رد فعل الصغيرة ، كان الجميع ينظر إلى "البلطجي" الذي وجم كتمثال قديم . هل ستبدأ الحرب؟ كيف سيعالج البلطجي فقدان هيبته أمام "حراك" أطفال الحارة .
لكن البلطجي انفجر بالبكاء. وهرع بالفرار من وجه الفتاه.


من علم هؤلاء الصغار هذه "البلطجة".
هل هو أنا، أم أنت، أم انتم..
كلها ضمائر "حاضرة" لكنها تفيد "الغياب".

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير