2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

خص خص.. آه

نائل العدوان
جو 24 : عوت الريح ، ثم احترقت الازهار ، وعندما غابت الطيور انتبه الناس للامر، احسوا بالخديعة وان خللا قد اصاب المدينة.
اصاخوا السمع لصوت الجداول، فلم يسمعوا شيئا ، لا صوت للبلابل او لخرير الماء ، كانت الريح وحدها تزفر بعواء جنائزي مريع .
فزعوا عندما سقطت الاشجار علانية في وضح النهار، ازاح احدهم عن منكبية اغبرة الرمال ثم نهض متعثرا بنعومتها ، اسند يدا على جبل الرمل بجانبه ثم وجه الكلام لكبير الحكماء.
- الرمال يا كبيرنا كست القلوب و المدينة انتهت وبقيت صحراء ..
تذمر اخر : يا ويلنا ، كلما طلعت الشمس علينا زادتنا ضماءاً وخواءاً ، وكلما هبت الريح ملأت افواهنا اغبرة وغيظا ، يا حكيم ماذا حل بالمدينة ؟ ، اصاخوا السمع مرة اخرى فلم يروا الحكيم ، بل سمعوا نباح الرمال المقبلة من الجنوب.
***
التهمت العيون كبير الحكماء ذو اللحية الرمادية، كان يقف بينهم وقد علت قامته الجميع ، تدثر بملاءه حريرية خضراء وقبعة مستديرة كانت هدية من الحلفاء الناصرين.
اعتصم هو بالصمت وابتسامة عريضة ، بينما صرخ الاطفال فرحا وقهقه الشباب ثم علا تصفيق االرجال وهتاف نسوة اقتعدن الارض.
قال بعد ان افل نجم المجتمين و ساد صمتهم : ايها الاحبة ، مدينتنا بخير...
فعلا الهرج والتصفيق مره اخرى ، وزغردت النساء بملىء افواههن وكبـر الجميع ان يعيش الحكيم الى الابد .
- الحلفاء نصرائنا منذ هذه الساعة، سيجلبون لنا الخير والمحبة ، "سنخصخص" المياه" ، يلزمنا التغيير في هذه المرحلة .
قال ثم اخترق بنظره المجتمعين الذين انكسو عيونهم وعرفوا ان عمره مديد .
***
استورد الرمل..
نقل بتكاليف باهظة ، وبعد ايام قليلة كانت الاسلاك الشائكة تحيط بالمحمية التي زينت بالاشرطة واعلام الحلفاء استعدادا للافتتاح العظيم الذي حضره كبار القوم وعليتهم .
قص شريط المحمية وصفق الجميع وتبادل الحكيم القبل ، بعدها كانت المحمية مصيفا يقطنه عامة الشعب ، حملوا حقائب المرطبات ومضوا اليها ، بنى الاطفال قلاعا من الرمل ثم هدموها ، بينما تسطح الرجال فوق الرمال "المخصخصة" وامتدحوا كبير الحكماء لافكاره السديدة ، اما النساء فقد لبسن (مايوهات) وكشفن عن سيقانهن البيضاء مبديات نفس الثناء للكبير.
***
ارتفعت درجة الحرارة ، المياه خالطها الملح وغدت ملوثة وطعمها غريب .
في البداية ...غض الناس البصر عنها ،اعتبروها من ملامح التغيير الذي تحدث عنه عراف الحكيم ، وكانوا يطلقون النوادر بشأن طعمها ، حتى ان هداياهم لبعض كانت عبارة عن مياه مالحة بعلب ملونة .
بعد فترة وجيزة ، اشتد طعم الملوحة ، كان الكبير معتمرا قبعه جديدة يومها ، قال والكل حوله مصطفين بوجوه لطمتها الشمس فاصبحت سوداء.
- الحلفاء لديهم خطة بديلة لنا ..."سنخصخص" الهواء.
علا صوت الصمت بعدها وعرف الجميع انهم محكومون للمجهول.
***
السماء صفراء ...
فرَاشُ الرمل يطير ملتهما كل عود اخضر امامه ، رياح الخماسين اخذت تعتصر النفسَ الباقي وتُلهب الجو بارملة مالحة .
لم يتذمر الناس قط ، كانوا واثقون ان الحكيم متنبها لما يحصل وان الحل دائما رهن اشارته.
كانت الرمال تجوب الشوارع ، تمسح ارصفتها وتحيلها الى خراب واطلال ، الدكاكين والاعمدة وحتى المدارس اخذت بالتساقط وحلت محلها ارملة متطايرة ، بعض الشواخص بقيت واجمة في مكانها حاملة صورالحكيم بابتسامته المعهودة وشاهدة على انقضاء المدينة "المخصخصة ".
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير