خص خص.. آه
نائل العدوان
جو 24 : عوت الريح ، ثم احترقت الازهار ، وعندما غابت الطيور انتبه الناس للامر، احسوا بالخديعة وان خللا قد اصاب المدينة.
اصاخوا السمع لصوت الجداول، فلم يسمعوا شيئا ، لا صوت للبلابل او لخرير الماء ، كانت الريح وحدها تزفر بعواء جنائزي مريع .
فزعوا عندما سقطت الاشجار علانية في وضح النهار، ازاح احدهم عن منكبية اغبرة الرمال ثم نهض متعثرا بنعومتها ، اسند يدا على جبل الرمل بجانبه ثم وجه الكلام لكبير الحكماء.
- الرمال يا كبيرنا كست القلوب و المدينة انتهت وبقيت صحراء ..
تذمر اخر : يا ويلنا ، كلما طلعت الشمس علينا زادتنا ضماءاً وخواءاً ، وكلما هبت الريح ملأت افواهنا اغبرة وغيظا ، يا حكيم ماذا حل بالمدينة ؟ ، اصاخوا السمع مرة اخرى فلم يروا الحكيم ، بل سمعوا نباح الرمال المقبلة من الجنوب.
***
التهمت العيون كبير الحكماء ذو اللحية الرمادية، كان يقف بينهم وقد علت قامته الجميع ، تدثر بملاءه حريرية خضراء وقبعة مستديرة كانت هدية من الحلفاء الناصرين.
اعتصم هو بالصمت وابتسامة عريضة ، بينما صرخ الاطفال فرحا وقهقه الشباب ثم علا تصفيق االرجال وهتاف نسوة اقتعدن الارض.
قال بعد ان افل نجم المجتمين و ساد صمتهم : ايها الاحبة ، مدينتنا بخير...
فعلا الهرج والتصفيق مره اخرى ، وزغردت النساء بملىء افواههن وكبـر الجميع ان يعيش الحكيم الى الابد .
- الحلفاء نصرائنا منذ هذه الساعة، سيجلبون لنا الخير والمحبة ، "سنخصخص" المياه" ، يلزمنا التغيير في هذه المرحلة .
قال ثم اخترق بنظره المجتمعين الذين انكسو عيونهم وعرفوا ان عمره مديد .
***
استورد الرمل..
نقل بتكاليف باهظة ، وبعد ايام قليلة كانت الاسلاك الشائكة تحيط بالمحمية التي زينت بالاشرطة واعلام الحلفاء استعدادا للافتتاح العظيم الذي حضره كبار القوم وعليتهم .
قص شريط المحمية وصفق الجميع وتبادل الحكيم القبل ، بعدها كانت المحمية مصيفا يقطنه عامة الشعب ، حملوا حقائب المرطبات ومضوا اليها ، بنى الاطفال قلاعا من الرمل ثم هدموها ، بينما تسطح الرجال فوق الرمال "المخصخصة" وامتدحوا كبير الحكماء لافكاره السديدة ، اما النساء فقد لبسن (مايوهات) وكشفن عن سيقانهن البيضاء مبديات نفس الثناء للكبير.
***
ارتفعت درجة الحرارة ، المياه خالطها الملح وغدت ملوثة وطعمها غريب .
في البداية ...غض الناس البصر عنها ،اعتبروها من ملامح التغيير الذي تحدث عنه عراف الحكيم ، وكانوا يطلقون النوادر بشأن طعمها ، حتى ان هداياهم لبعض كانت عبارة عن مياه مالحة بعلب ملونة .
بعد فترة وجيزة ، اشتد طعم الملوحة ، كان الكبير معتمرا قبعه جديدة يومها ، قال والكل حوله مصطفين بوجوه لطمتها الشمس فاصبحت سوداء.
- الحلفاء لديهم خطة بديلة لنا ..."سنخصخص" الهواء.
علا صوت الصمت بعدها وعرف الجميع انهم محكومون للمجهول.
***
السماء صفراء ...
فرَاشُ الرمل يطير ملتهما كل عود اخضر امامه ، رياح الخماسين اخذت تعتصر النفسَ الباقي وتُلهب الجو بارملة مالحة .
لم يتذمر الناس قط ، كانوا واثقون ان الحكيم متنبها لما يحصل وان الحل دائما رهن اشارته.
كانت الرمال تجوب الشوارع ، تمسح ارصفتها وتحيلها الى خراب واطلال ، الدكاكين والاعمدة وحتى المدارس اخذت بالتساقط وحلت محلها ارملة متطايرة ، بعض الشواخص بقيت واجمة في مكانها حاملة صورالحكيم بابتسامته المعهودة وشاهدة على انقضاء المدينة "المخصخصة ".
اصاخوا السمع لصوت الجداول، فلم يسمعوا شيئا ، لا صوت للبلابل او لخرير الماء ، كانت الريح وحدها تزفر بعواء جنائزي مريع .
فزعوا عندما سقطت الاشجار علانية في وضح النهار، ازاح احدهم عن منكبية اغبرة الرمال ثم نهض متعثرا بنعومتها ، اسند يدا على جبل الرمل بجانبه ثم وجه الكلام لكبير الحكماء.
- الرمال يا كبيرنا كست القلوب و المدينة انتهت وبقيت صحراء ..
تذمر اخر : يا ويلنا ، كلما طلعت الشمس علينا زادتنا ضماءاً وخواءاً ، وكلما هبت الريح ملأت افواهنا اغبرة وغيظا ، يا حكيم ماذا حل بالمدينة ؟ ، اصاخوا السمع مرة اخرى فلم يروا الحكيم ، بل سمعوا نباح الرمال المقبلة من الجنوب.
***
التهمت العيون كبير الحكماء ذو اللحية الرمادية، كان يقف بينهم وقد علت قامته الجميع ، تدثر بملاءه حريرية خضراء وقبعة مستديرة كانت هدية من الحلفاء الناصرين.
اعتصم هو بالصمت وابتسامة عريضة ، بينما صرخ الاطفال فرحا وقهقه الشباب ثم علا تصفيق االرجال وهتاف نسوة اقتعدن الارض.
قال بعد ان افل نجم المجتمين و ساد صمتهم : ايها الاحبة ، مدينتنا بخير...
فعلا الهرج والتصفيق مره اخرى ، وزغردت النساء بملىء افواههن وكبـر الجميع ان يعيش الحكيم الى الابد .
- الحلفاء نصرائنا منذ هذه الساعة، سيجلبون لنا الخير والمحبة ، "سنخصخص" المياه" ، يلزمنا التغيير في هذه المرحلة .
قال ثم اخترق بنظره المجتمعين الذين انكسو عيونهم وعرفوا ان عمره مديد .
***
استورد الرمل..
نقل بتكاليف باهظة ، وبعد ايام قليلة كانت الاسلاك الشائكة تحيط بالمحمية التي زينت بالاشرطة واعلام الحلفاء استعدادا للافتتاح العظيم الذي حضره كبار القوم وعليتهم .
قص شريط المحمية وصفق الجميع وتبادل الحكيم القبل ، بعدها كانت المحمية مصيفا يقطنه عامة الشعب ، حملوا حقائب المرطبات ومضوا اليها ، بنى الاطفال قلاعا من الرمل ثم هدموها ، بينما تسطح الرجال فوق الرمال "المخصخصة" وامتدحوا كبير الحكماء لافكاره السديدة ، اما النساء فقد لبسن (مايوهات) وكشفن عن سيقانهن البيضاء مبديات نفس الثناء للكبير.
***
ارتفعت درجة الحرارة ، المياه خالطها الملح وغدت ملوثة وطعمها غريب .
في البداية ...غض الناس البصر عنها ،اعتبروها من ملامح التغيير الذي تحدث عنه عراف الحكيم ، وكانوا يطلقون النوادر بشأن طعمها ، حتى ان هداياهم لبعض كانت عبارة عن مياه مالحة بعلب ملونة .
بعد فترة وجيزة ، اشتد طعم الملوحة ، كان الكبير معتمرا قبعه جديدة يومها ، قال والكل حوله مصطفين بوجوه لطمتها الشمس فاصبحت سوداء.
- الحلفاء لديهم خطة بديلة لنا ..."سنخصخص" الهواء.
علا صوت الصمت بعدها وعرف الجميع انهم محكومون للمجهول.
***
السماء صفراء ...
فرَاشُ الرمل يطير ملتهما كل عود اخضر امامه ، رياح الخماسين اخذت تعتصر النفسَ الباقي وتُلهب الجو بارملة مالحة .
لم يتذمر الناس قط ، كانوا واثقون ان الحكيم متنبها لما يحصل وان الحل دائما رهن اشارته.
كانت الرمال تجوب الشوارع ، تمسح ارصفتها وتحيلها الى خراب واطلال ، الدكاكين والاعمدة وحتى المدارس اخذت بالتساقط وحلت محلها ارملة متطايرة ، بعض الشواخص بقيت واجمة في مكانها حاملة صورالحكيم بابتسامته المعهودة وشاهدة على انقضاء المدينة "المخصخصة ".