jo24_banner
jo24_banner

من وحي الثورة...

سارة محمد ملحس
جو 24 :
إن تكرار النفس واجترار الأحداث والانكفاء من الفكرة إلى ذات الفكرة هي من عيوب أو غرارة أي كاتب هاوٍ غير متمرّس بينه وبين باع الصحافة والكتابة المحترفة مسافة كبيرة أو زمن طويلٌ جداً جداً ممكن أن يقدّر (بمائة عام) مثلاً!! 

هذا بالطبع بالنسبة لنا نحن العموم من الكتّاب الهواة ممن اعتبرنا أن الكتابة هي صراحةً أضعف إيماننا... أما بما يخصّني أنا بالذات كتلميذةٍ غير مواظبة في هذا المجال، فأجدني أدرك في هذه اللحظة أنّه بالإضافة إلى ما ينقصني من مهاراتٍ، لغويّة أو تحريريّة وغيرها، فإنّي أعاني وبشكل جدّي وصريح من مرض التكرار ... تكرار الأفكار.... فهذا ما اكتشفت:
 
فاليوم ومن وحي الحدث أردت -كأردنيّة محبّة جداً جدّاً لبلد أحبّني هو بدوره جدّاً- أردت أن أكتب عن احتفالية مئوية الثورة العربية الكبرى وأن أعبّر عن قناعتي بأن الإنجازات المتجددة هي ما تؤطّر للاحتفال بذكريات الماضي المجيدة. فحدثٌ كهذا أعطانا مهلةَ مائة عام من إنجاز عروبي جمعيّ كان من الأولى بِنَا أن نعطيه ولو على استحياء بضع إنجازات أصيلة واضحة ربما بهدف الاحتفال بها بعد مائة عامٍ مثلاً...... فوجدت أَنِّي أكرّر نفسي إذا قلت: الإنجازات لا السنوات هي مقاييس الزمن الحقيقي! 

ولذلك قرّرت محاولة حظٍّ أدبيّة تخرجني من دائرة تكراري للهرطقة النقديّة السياسية وذلك بمدخلٍ مختلف يظهر إعجابي بمسيرة النهضة، رغم أني لم أشارك ولم أشاهد -وهذا نكدٌ يخصّ جيناتي ولا يعيب المحتفلين بتاتاً- لذا أردت الكتابة عنها باعتبارها أمر جديد حداثيّ سمعنا عنه ولم نشهد له حماس محليّ بهذا الشكل اللافت من قبل.
وكوني مبتدئة حاولت أن أتميّز فأخرج من فكرة وصف الاستعراض وجماله وأغوص فلسفيّاً بما تمثّله المسيرة ومعانيها واشتقاقات اسمها.... ففشلت للأسف لأَنِّي لا أريد بالتأكيد أن أكرّر نفسي إذا قلت: أن اتّصال الود بين الإنسان وعقله يفرض على النفس بالضرورة صدقاً مقدّساً لا مجال لإنكاره،، صِدْقُ العقلِ اليوم يقول أن نهضتنا اليوم وإلى اليوم كانت.... مسيرة استعراضية.  

إلا أنّه كان لا بدّ لي من محاولة ثالثة -رغم زعمي السابق بأَنِّي تلميذة غير مواظبة- فحاولت الكتابة عن رمزية هذا الموسم المتألّق بالمناسبات الاحتفالية فأبتدأُ بذكرى استقلال بلدٍ "يحبّنا بفطرة الآباء" مهما شححنا نحن في ردّ المعروف، ثم أذكر وأحلّل ما تلاه من تغيير (احتفاليّ غير مفاجىء) للحكومة وحلٍّ لمجلس النوّابٍ. وأعرّج صعوداً وبفخر لاختتام الموسم المزحوم بمائة عام من هيبة عربيّة نحمد الله (كثيراً) أنّ أردنّنا حافظ عليها (على الأقل أمنيّاً) بعكس ما جرى بأسى في الجوار. إلى أن وجدتني هنا أكرّر ما أكرّر دوماً عن المبدع غسان كنفاني كلّما اعتراني الخوف الوطني: "ثمّ ماذا؟ لا أقترح جواباً ......بل أطلّ على فراغ"

لذا أنا أقرّ أني فشلت... كآخرين مثلي فشلنا في التوقف عن التكرار ... (بالذات في مواسم التجدّد الوهمي).. فالأفكار المتكررة الثابتة المعادة والمستعادة من الوطنية والمواطنة الحق، لن تتغيّر ولن تتجدّد لأَننا (نحن المكرِّرون) نؤمن أن التغيير يكون على الفعل لا على المبدأ...


ملاحظة: لقلّة خبرتي أخطأت في عنوان المقال فقصدت القول:  من وحي الاحتفال بمئوية الثورة العربية الكبرى 

 
تابعو الأردن 24 على google news