المشهد في الرمثا وخطورة الترقيع!!
سارة محمد ملحس
جو 24 :
إنّ خطورة التبعات الارتدادية لقصور مؤسسات الدولة وتقصيرها يكمن في إخضاع الهوية الوطنية الأردنية لإطار (الردّ على فعل الدولة)،،، وذلك يندرج بوضوح تحت بند الديمقراطية الشعاراتية التي لا تُسمِن ولا تغني من جوعٍ ولا من فقدان ثقة .
فبعد انتشار فيديو اعتداء أفراد من البحث الجنائي على (مواطن أردني) على طراز أفلام البلطجة والفتوّات، يكون عبء (إثبات الحكمة) ملقى تماماً على كاهل المواطن الأردني وبالذات (الرمثاوي)،،، والمطالَب الآن برفض ازدواجية المعيار وبعدم ممارسة بلطجة انتقامية اتجاه الدولة.
فالمطالبة بدولة القانون ودولة المؤسسات تفرض في ذات اللحظة إطار معيّن على أطراف المعادلة جميعها...
لأنّ مفهوم دولة القانون هو "الدولة الدستورية " التي يتم فيها تقييد ممارسة السلطة الحكومية للقانون، حيث تقتصر سلطة الدولة على حماية المواطنين من الممارسات (التعسفية) للسلطة. ولا يمكن لبلد أن يكون به حرية ولا ديمقراطية بدون أن يكون به أولا دولة قانون.
المشهد اليوم في الرمثا مشهد (اعتراض متكرّر) ناتج عن فقدان الثقة بالقانون وبالدولة وبأذرعها كلها وهو أيضاً رفضٌ لكل القوالب الضيّقة (جداً) المفروضة على المواطن، فالحفاظ على الطريقة الراهنة في إدارة الأزمات لم يَترك حلّاً للمواطن الأردني سوى الضغط على وتر الأمن والأمان وهو الوتر الذي أصبح (مشدود على آخره) بين الدولة والمواطن، حتى أصبح الورقة الوحيدة التي يلوّح بها الطرفان عند (كلّ) حدث محليّ أو خارجيّ؛ وكلٌّ بطريقته وحسب مصلحته.
إنّ تفشّي الجعجعة الغاضبة (بأشكالها كلها) وبالذات بعد فشل جميع المشاريع الجمعية في الوطن الصغير والكبير، ما هو الا نتيجة منطقية جداً، لغضبٍ كامن، كان من المفترض البديهي أن يكون موجهاً نحو أعداء الداخل والخارج،، ولكنّه أصبح موجّهاً (بدون مناعة) نحو النفس!! وهو حتى وإن ظهر كإنتصار ضدّ الآخر... إلاّ أنّ نتائجه لا بدّ كارثيّة على المجتمع والدولة ...
وأخيراً فإنّ المصداقية بين الدولة والمواطن والتي بَلِيَتْ من كُثر االفتق والترقيع، بحاجة الى مشروع ثقة جديد يعطي للمواطن (حيّزاً للتريّث) في وجه التقصير الحكومي. إيماناً بأنّ مشروع الثقة هذا يبتدأ بتحمّل كل مسؤول عن إهدار سلطة القانون نصيبه من الخطأ -ما ظهر منه وما بطِن- بدءاً من رأس الهرم في الأجهزة الأمنية حتى مرتكبي فعل التعدّي والاعتداء.
نتمنى الشفاء للدكتور ذيابات...