قرض حكومي

جو 24 : أريد أن أعود بالعمر عشرين عاما، هل تسمح لي الحكومة بذلك؟ لربما ثلاثين وبما تجود به نفوسكم، إلى الوراء قليلا، بدون أي اعتصام أو إضراب أو خلاف في الود، دون ازدحام أو فوضى أو وتعكير مزاج أو اصطفاف في طوابير دعم مشتقات البترول وبدون مزاودات على لقمة العيش التي امتزجت بأهواء وغرائز أصحاب قرارات فردية وقوى شد ورخي عكسية، أعيدوني ولو لساعة واحدة دون انتظار لمجهول لن يأتي، هو طلب من باب التسوية لا أكثر على سنوات زادت بصحبتكم عن الحاجة ولا احتاجها، ففي عشرة أعوام خلت زاد عمري خمسين عاما، كهولة مبكرة ما قبل الأربعين .

إلى الخلف تماما، إلى ذلك الزمن الجميل الذي اجزم أن أحدا منكم لا يتذكره، زمن ما قبل الصفقات الرخيصة التي أكلت الأخضر واليابس ، زمن ما قبل الخصخصة واللص- لصة وحلول الفساد وما قبل عهد علي بابا والأربعين حرامي وقبل الرفع والغلاء وتزوير الانتخابات واستلاب المال العام ، إلى زمن المساواة واحترام الحقوق.

إلى الزمن الذي كنا فيه طفارى بمليء إرادتنا وليس رغما عن أنوفنا، نحتكم على بضع قروش حمراء بجيوبنا، ولكنها ذات قيمة كبيرة، نغدق بإنفاقها ولا نشعر بالجوع، لا نحس بالفراغ وثقل الدين ولا نختبئ عن أطفالنا في العيد لضيق في الحال أو عسر في المال ، زمن، كان الكلام فيه مباحا وكلمة الحق مسموعة والحكمة مطلوبة، لا نلبس فيه "بدلات" منشاه أو ربطات عنق ملونة ولا نركب سيارات فارهة ولكننا مع كل ذلك كنا سعداء،

أعيدوني ولن نختلف على بضع سنين في الجمع والطرح ، فانتم أصحاب الحسابات الختامية والعجوزات المالية والقرار قراركم، لله يا محسنين، فهل تقرضونني شيء من السعادة؟.