فساد عائلي
منذ زواج "ابومرزوق" الجديد ببنت المختار " ابو البطيخ" ذات العشرين ربيعا والديون تتزايد وتتصاعد وتيرتها عليه جراء طلبات العروس المدللة: سيارة مرسيدس لف، اساور عصملي، كوافير في جبل عمان ، هدايا في عيد ميلادها ، عباءة مطرزة بخيوط مذهبة... ولكنه كان وامام سحر عيونها على استعداد ان يبيع لها الغالي والنفيس .
هموم عائلته القديمة التي لاتنتهي اصبحت عبئا لا يطاق يوما بعد يوم، كانت العلاقات بينه وبين ابنائة وزوجته الاولى تخبو وتتحول الى غضب مستعر عند اي تصرف من قبلهم حتى لو كان بسيطا وصَاحبَ ذلك تقليلا في المصاريف التي رأى انها غير ضرورية، فالامدادات وخلال ستة شهور قُللت الى النصف ورافقها تقشف في الاستهلاك :
تناول وجبات اللحوم والدجاج اختصرت ليومين فقط، استهلاك الكهرباء اقتصر على غرف النوم والحمامات واستبعدت الاضاءات المحيطة بالمنزل وكراج السيارة وعلى الاسطح، استهلاك الديزل تم ايقافه لاغراض التدفئة والاستعاضة عنه بصوبات غاز، الاقتطاع الشهري من رواتب الابناء تم رفعة الى اكثر من النصف كمرحلة اوليه قابلة للزيادة بدون سابق انذار.
تَذمرُ ابو مرزوق من قلة الموارد وضيق الحال امام ابنائة رغم اغداقة وبكرم على عروسة الجديدة ولدَّ حالة من السُخط وعدم الرضا لدى العائلة، كانوا يشعرون بقلة الحيلة امام جبروتة وتزييفه للحقائق وقدرته على اقناعهم بخصوص الديون الجديدة التي اقترضها لارضاء زوجته الجديدة، وعندما باع قطعة الارض المحاذية "لدكانته" كانت مؤشرا صريحا على بداية الافلاس والذي جلب مزيدا من الاقتطاعات الجديدة من رواتبهم لاعالة امهم .
دَعواته التي لا تنتهي لاهل القرية على ولائم دورية من اجل كيد باقي المخاتير اثارت حفيظة ابناءة وتحديدا ابنه الاصغر "خلف" والذي تم تهديده بالحرمان من الميراث وانتهى به الامر مطرودا من البيت ، اما ام "مرزوق" فقد كانت تتجنب المختار كمن مسها الجان ، "وما زاد الطين بله" انه قد سجل جميع الاراضي التي ورثتها عن ابيها باسمه، حتى غدت مجردة من اي مصدر اضافي للمال .
ازدادت بعد ذلك الديون على المختار وتناقصت غلة الدكان فباعها، ثم بدأت حملته لبيع اراضي العائلة لتسديد قروض البنوك حتى استنفذت جميع الاراضي التي يملكها ثم باع "التراكتور" و"بكم الديانا" و"قلّاب الحصمة" ، ولكن الطامة الكبرى التي ايقن الابناء ان ابيهم قد فقد عقله على اثرها هي رهن بيت العائلة للسفر الى "شرم الشيخ" لقضاء وقت اضافي مع الزوجة الجديدة .
انتفض الابناء هذه المرة وقرورا بالاجماع تنفيذ اضراب ضد "ابو مرزوق" وزوجته بمجرد عودتهم وعدم الاصغاء اليه في اي امر كان وارتجاع حقوقهم التي ضاعت باذعان منهم على كل افعاله التي اودت بمواردهم واراضيهم الى جيبه وتركتهم جوعى لا يقتدرون على اطعام انفسهم .
عاد ابو مرزوق من رحلته سعيدا بعد ان انفق كل اموال القرض الاخير معتمرا يد الزوجة المدللة ، بينما كان كل الابناء وام "مرزوق" مجتمعين في صالة البيت، حاول رزق الكلام بنزق رافعا شعار " فساد عائلي " لكن المختار اخرج بعض الهدايا الرخيصة من حقيبته ووزعها بتؤده على جميع العائلة الذين اصطفوا امامة مطأطي الرؤوس بطابور ذليل لنيل هداياهم وكل حسب رقمه الوطني .
لم ينتفض احدا من العائلة ، لم يحرك اي منهم ساكنا ..
انسحبوا الى غرفهم منشغلين بفتح هداياهم وليندسوا بعدها تحت الاغطية ليناموا.