صَبّة مَيلان
نائل العدوان
جو 24 : وخير اللهم اجعله خير، رأيت فيما رأيت" ...
أنني كنت أبحث عن عامل لنقل أكياس "الشميمتو" على سطح بيتي لإكمال "صبة الميلان"، لكنني لم أفلح بذلك فقد خلت المدينة عن بكرة أبيها عن عامل "باطون" ، فرجعت قافلا إلى حيث الأكياس ملقاة وبدأت بحمل الواحد تلو الآخر، وبرغم أنني أعاني من "ديسك" في الفقرتين الخامسة والسادسة وانزلاق غضروفي في الرابعة إلا إنني تحاملت على وجعي و حملت أول كيس صاعدا للاعلى.
ولسوء حظ وقلة حيلة فقد تعثرت قدماي بإبريق قديم كان العمال يستخدمونه لغلي الشاي فانكفأ الكيس منقلبا على الدرج تاركا المكان بفوضى عارمة.
كان الابريق مهملا، "مطعجا" ويغلفه "الشحبار" من جميع جوانبه ، لا اعرف ما الذي دعاني لان التقطه وأمسح “الشحبار” عنه لينبلج إلابريق فجأه عن مارد اخضر طاولت بنيته سقف البناء.
حبست أنفاسي من الخوف و"عسعست" وجهي متوجسا من هول المفاجأه.
كان المارد ملثما بشماغ ويلبس بدلة فوتيك خضراء اللون، بروز أنفه الذي غطاه الشعر جعلني اضحك برغم خوفي الذي لم استطع إخفاؤه.
كنت انتظر إن يقول المارد "شبيك لبيك " لكنه سعلَ بشده قبل أن يشعل سيجارة (فيلادلفيا) ويرمي علبة السجائر الفارغة في وجهي .
"خير يا طير، شو مالك تتطلع فيّ " ، قال المارد وعيناه تقدحان بالشرر .
لم أقوى على الإجابة ، فقد عقد الخوف لساني أمام كشرتة التي حفرت على وجهه تجاعيدا تركزت تحديدا بين الحاجبين.
كان المارد يسد منفذي للهرب أو الاستنجاد، وبحكم جثته الضخمة التي بالكاد اتسعت لها الغرفة فقد تسنى لي أن أرى “قنوته" التي تدلت من على خاصرته.
"شو طلباتك، احكي ، خلصني" ، زمجر المارد ثم مد يده في جيبه وكأنه سيخرج مالاً .
"ولا اشي ، رضى من الله سيدي ، بدي تكون سالم وغانم " ، تمتمت كمن يلفظ انفاسه الاخيرة.
عندها كشف اللثام عن باقي وجهه وتنفس الصعداء. كانت اسنانه الامامية مخلوعة بالكامل وقد تعرض جانب وجهه الايمن لكشط غائر بأداة حادة.
معقولة يا زلمة ما بدك اشي، ولا حتى خمس نيرات ؟ قال المارد هازئا ثم اخرج يده من جيبه .
" على كُلٍ، عندك طلب واحد تطلبه مني... بس بشرط ما يكون متعلق بالحكومة، شايف... ثم أشار باصبعة الى حيث الندبة فوق خدة.
تململمت في وقفتي متمتما بطلباتي: عدالة، مساواة، نزاهة، تخفيض أسعار الكهرباء والمياه والكاز والغاز واللحمة والبيض والحديد والاسمنت، محاربة الفساد ، مواطنة، ولاء، انتماء، فرح، سعادة، عيش كريم...!
أي واحدة سأختارمنها ؟
قهقهه المارد هذه المرة حتى إغرورقت عيناه بالدموع ثم قال :أبشّرك ولا وحده، قلتلك بلا من هالسياسة ، اطلبلك أشي نقدر عليه.
تلعثمت حينها وجال بخاطري أن انفجر بالبكاء لكنني تدراكت ذلك عندما تذكرت صبة الميلان والاكياس الملقاه .
بدي أنقل أكياس "الشميمتو" الى سطح البيت، هل هذا مطلب سياسي ايضاً؟
اكيد لا ، بس هاظا البيت مرخص وإلا لا ؟ قال المارد بلهجة آمرة متفقدا جوانب البناء بعينيه .
ازداد وجع ظهري مجددا ، هل يوقظني احدكم من حلمي هذا!
خير الله اللهم اجعله خير.
أنني كنت أبحث عن عامل لنقل أكياس "الشميمتو" على سطح بيتي لإكمال "صبة الميلان"، لكنني لم أفلح بذلك فقد خلت المدينة عن بكرة أبيها عن عامل "باطون" ، فرجعت قافلا إلى حيث الأكياس ملقاة وبدأت بحمل الواحد تلو الآخر، وبرغم أنني أعاني من "ديسك" في الفقرتين الخامسة والسادسة وانزلاق غضروفي في الرابعة إلا إنني تحاملت على وجعي و حملت أول كيس صاعدا للاعلى.
ولسوء حظ وقلة حيلة فقد تعثرت قدماي بإبريق قديم كان العمال يستخدمونه لغلي الشاي فانكفأ الكيس منقلبا على الدرج تاركا المكان بفوضى عارمة.
كان الابريق مهملا، "مطعجا" ويغلفه "الشحبار" من جميع جوانبه ، لا اعرف ما الذي دعاني لان التقطه وأمسح “الشحبار” عنه لينبلج إلابريق فجأه عن مارد اخضر طاولت بنيته سقف البناء.
حبست أنفاسي من الخوف و"عسعست" وجهي متوجسا من هول المفاجأه.
كان المارد ملثما بشماغ ويلبس بدلة فوتيك خضراء اللون، بروز أنفه الذي غطاه الشعر جعلني اضحك برغم خوفي الذي لم استطع إخفاؤه.
كنت انتظر إن يقول المارد "شبيك لبيك " لكنه سعلَ بشده قبل أن يشعل سيجارة (فيلادلفيا) ويرمي علبة السجائر الفارغة في وجهي .
"خير يا طير، شو مالك تتطلع فيّ " ، قال المارد وعيناه تقدحان بالشرر .
لم أقوى على الإجابة ، فقد عقد الخوف لساني أمام كشرتة التي حفرت على وجهه تجاعيدا تركزت تحديدا بين الحاجبين.
كان المارد يسد منفذي للهرب أو الاستنجاد، وبحكم جثته الضخمة التي بالكاد اتسعت لها الغرفة فقد تسنى لي أن أرى “قنوته" التي تدلت من على خاصرته.
"شو طلباتك، احكي ، خلصني" ، زمجر المارد ثم مد يده في جيبه وكأنه سيخرج مالاً .
"ولا اشي ، رضى من الله سيدي ، بدي تكون سالم وغانم " ، تمتمت كمن يلفظ انفاسه الاخيرة.
عندها كشف اللثام عن باقي وجهه وتنفس الصعداء. كانت اسنانه الامامية مخلوعة بالكامل وقد تعرض جانب وجهه الايمن لكشط غائر بأداة حادة.
معقولة يا زلمة ما بدك اشي، ولا حتى خمس نيرات ؟ قال المارد هازئا ثم اخرج يده من جيبه .
" على كُلٍ، عندك طلب واحد تطلبه مني... بس بشرط ما يكون متعلق بالحكومة، شايف... ثم أشار باصبعة الى حيث الندبة فوق خدة.
تململمت في وقفتي متمتما بطلباتي: عدالة، مساواة، نزاهة، تخفيض أسعار الكهرباء والمياه والكاز والغاز واللحمة والبيض والحديد والاسمنت، محاربة الفساد ، مواطنة، ولاء، انتماء، فرح، سعادة، عيش كريم...!
أي واحدة سأختارمنها ؟
قهقهه المارد هذه المرة حتى إغرورقت عيناه بالدموع ثم قال :أبشّرك ولا وحده، قلتلك بلا من هالسياسة ، اطلبلك أشي نقدر عليه.
تلعثمت حينها وجال بخاطري أن انفجر بالبكاء لكنني تدراكت ذلك عندما تذكرت صبة الميلان والاكياس الملقاه .
بدي أنقل أكياس "الشميمتو" الى سطح البيت، هل هذا مطلب سياسي ايضاً؟
اكيد لا ، بس هاظا البيت مرخص وإلا لا ؟ قال المارد بلهجة آمرة متفقدا جوانب البناء بعينيه .
ازداد وجع ظهري مجددا ، هل يوقظني احدكم من حلمي هذا!
خير الله اللهم اجعله خير.