المصالحة الفلسطينية ضرورة تاريخية حتمية
منذ نشوب الانقسامات والخلافات بين حركتي فتح وحماس وانحياز الفصائل الأخرى لهذه الحركة أو لتلك وقوى الشعب الفلسطيني وطلائعه الفاعلة والمؤثرة ومعها الشعوب العربية وقوى التحرر في العالم تناشد وتدعو لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية ..ولإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من داخله ..ولقد جرت محاولات ومبادرات لإنهاء حالة الإنقسام والتشظي في الصف الفلسطيني إلا أنها منيت بالفشل الذريع جراء تدخل أطراف إقليمية ودول كبرى تحرص على تمزيق وحدة الصف الفلسطيني وإجهاض مقاومته للاحتلال الاسرائيلي..
فإسرائيل ومعها واشنطن وعواصم الاتحاد الاوروبي اشترطت استمرار هذا الانقسام الخطير لدعم السلطة الفلسطينية وقد استغلت حكومات اسرائيل المتعاقبة من احزاب العمل والليكود وكاديما واسرائيل بيتنا ومن جميع قوى اليمين العنصري هذا الانقسام الذي أدى إلى اضعاف الموقف الوطني الفلسطيني ونال من إرادة السلطة الفلسطينية لتحقيق برنامجها الاستيطاني في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية ..ولتهجير وتشريد الآلاف من أبناء فلسطين من أرض أل»48» ومن أرض أل «67» ومصادرة منازلهم ومزارعهم وممتلكاتهم ..ولا تنكر حكومات اسرائيل حرصها على تهويد الاراضي والمقدسات الاسلامية والمسيحية في كل فلسطين من البحر إلى النهر..وتمارس عمليات العنف والتهجير ضد أبناء فلسطين لتغدو اسرائيل «يهودية» خالصة..وقد شجعها ويشجعها على تهويد الدولة كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والصمت العربي ووهن السياسة الفلسطينية الرسمية ..لذلك حرصت حكومات اسرائيل على إفشال مساعي السلام والتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ..فقد أفشلت معاهدة أوسلو واتفاقات القاهرة ولجأت إلى خيار الحروب بدلا من خيار السلام ..
أما وقد جرت وتجري هذه الايام لقاءات ومباحثات بين حركتي فتح وحماس في القاهرة وبإشرافها لتحقيق المصالحة الوطنية ,فإن فرصة ذهبية أخرى تتاح للشعب الفلسطيني للعمل على تحقيق وحدته الوطنية .. مما يقتضي ممارسة ضغوطه على طرفي المباحثات للخروج بنتائج تلبي تطلعاته وأمانيه الوطنية ..وعلى جميع الشعوب العربية وقوى التحرر في العالم دعم ومساندة هذا التوجه الفلسطيني السديد والعمل على ضمان إنجاحه..فوحدة الصف الوطني الفلسطيني أساس لضمان تفجير انتفاضة شعبية ثالثة مسلحة ببرنامج سياسي واضح وصريح ويحمل بذور نجاحه..ويحشد في الانتفاضة الثالثة جميع الوان الطيف السياسي الفلسطيني مع فصائل المقاومة في خندق كفاحي واحد .. فالمهم اليوم هو إنجاز المصالحة الوطنية تمهيدا لتحقيق الوحدة الوطنية لتنطلق من على أرضيتها الانتفاضة الشعبية الثالثة التي ستجبر العدو الاسرائيلي على الالتزام باستحقاقات السلام أو مواصلة سياسته العدوانية التي تدفع الدولة العبرية دفعا إلى أفول..
(الراي)