لماذا الانتكاسة الحزبية في بلدنا ؟
يثور أكثر من سؤال حول ضعف الحياة الحزبية في الاردن ، والجواب لن يكون مفاجئا اذا قلنا ان الحزبية او التحزب كانت ظاهرة تحاربها الحكومات السابقة كما تحارب الامراض المعدية ..
فقد كانت تمثل بالنسبة للحكومات السابقة تهديدا للامن والاستقرار وتهديدا لوحدة الشعب والوطن وتتهمها الحكومات بأن لها اجندة لخدمة الاجنبي وانهاتستقي افكارها ورؤاها وتتشربها من مصادر اجنبية معادية للاردن والامة العربية ..
وباستثناء جماعة الاخوان المسلمين ، فقد كانت الاحزاب القومية واليسارية عرضة لحملات الاعتقال في اوساط اعضائها وانصارها ومؤيديها او لعمليات قطع الارزاق..
وكانت تعابير مثل «الحيط له اذان» جزء من ثقافة الطبقة او الشريحة السياسية او الاجتماعية السائدة فقد كانت الحزبية بمثابة البعبع الذي يبعث الخوف وحتى الانطوائية في نفوس الشبيبة..
لذلك انتكست التجربة الحزبية الاردنية وأجهضت محاولات انعاشها غير مرة ، والشباب الذين كانوا يلتحقون بالاحزاب فقد كانوا يتعرضون لسخط ذويهم وأقاربهم..فياتت ظاهرة نشوء الاحزاب كظهور الآفات المؤذية في اوساط الشعب الاردني .. ورغم ارهاصات التحول الديمقراطي في العام 1989 واجراء انتخابات نيابية نزيهة الى حد كبير ميزها عدم استخدام «الفيتو» ضد الحزبيين بمختلف الوانهم ومشاربهم ، الا ان ابناء شعبنا ظلوا يبتعدون عن الحزبيين من القوى القومية واليسارية ..
لذلك فان محاربة الحزبية لعقود عديدة من قبل اولياء الامور والوجاهات العشائرية والعائلية ومن قبل المعاهد والمدارس و قد جعلت اعادة انعاشها امرا في غاية الصعوبة ، وغدت عملية انعاشها تحتاج الى نضالات شاقة والى وقت كاف .. كما تحتاج الى دعم حقيقي من الحكومة ومن مجلس الامة ، وتحتاج الى حملة توعية وتعبئة في اوساط شعبنا في مدنه وقراه وبواديه تشارك فيها الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة ..
فالديمقراطية بدون احزاب متعددة لتمثيل طبقات المجتمع المدني من اليمين والوسط واليسار تظل عرجاء وتسير على قدم واحدة ..
والحكومة البرلمانية هي التي تقودها احزاب مسلحة ببرامج سياسية واقتصادية واجتماعية وتدعمها قواعد شعبية ونخب ثقافية تنهل معارفها من العلوم السياسية والاقتصادية والايديولوجية ..
والاعلان عن نشوء الحزب او عن تشكله لا يأتي بقرار كأن نقول : «باسم الله لقد رسمنا بما هو آت»..وانما يكون محصلة نضالات دؤوبة وعمليات تواصل سياسية واجتماعية وفكرية في اوساط ابناء شعبنا ..
فنشوء الحزب عملية شاقة ومجهدة وتحتاج الى صبر وأناة ..أما انجاح الحزب فحدث ولا حرج ..
وللحديث بقية ..
(الراي)