نحو حوار عراقي ـ عراقي على أساس المواطنة
استمرار تظاهرات واعتصامات « الأنبار « وتصاعدها يوما بعد آخر إنما يدل على توسع الفجوة بين حكومة بغداد وبين جزء كبير من الشعب العراقي ..فهذه التظاهرات التي ظاهرها سياسي وطابعها طائفي تؤكد أن الصراع في العراق ما زال طائفيا بامتياز وإن ظهر بعناوين ولافتات وبوسترات سياسية تتحدث عن الازمات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية وعن الفقر والفساد والتطاول على المال العام وعن التفريط بالثروة النفطية والغاز ..وتتحدث عن ضرورة تحقيق التحول الديمقراطي واطلاق الحريات العامة ..وكذلك عن الحياة الحزبية والبرلمانية على أساس المواطنة والنأي عن الطائفية والمذهبية والعرقية ..
ان صراع الحكومة العراقية الحالية والتي قبلها مع المعارضة ,صراع طائفي شيعي ـ سني ..والصراع بين حكومة بغداد والحكومة الكردية في شمال العراق صراع عرقي مؤسس على تهميش المواطنة .. والصراع الشيعي ـ السني ليس محصورا داخل حدود العراق فحسب بل له امتدادات خارجها ..وإذا كانت إيران هي أبرز داعمي ومؤيدي شيعة العراق وحكومتها ,فإن دول الخليج العربي ودول عربية أخرى تدعم وتؤيد سنة العراق .. لذلك فإن بعض المراقبين يرجحون احتمال اتساع دائرة الصراع لتشمل دول ومناطق الجوار العراقي ..وعندئذ سيكون العراق الخاسر الأكبر ..والأنكى أنه بدلا من الإجماع العربي والاسلامي على أن اسرائيل هي العدو الأول والأخطر للأمتين العربية والاسلامية وينبغي العمل الجاد والدؤوب لاستعادة الاراضي الفلسطينية والعربية والمقدسات الاسلامية والمسيحية من براثن الاحتلال الاسرائيلي يتحول عنق الصراع ليصبح عربيا ـ ايرانيا بدلا من كونه عربيا ـ اسرائيليا ..كل ذلك جراء النبت الطائفي الذي زرعت بذوره في العراق وراحت تهب رياح تلقيحه نحو دول الجوار .. من هنا فإن الصراعات الطائفية المسيسة والمؤدلجة يصعب تطويقها وحصرها ويصعب منع امتدادها إلى مناطق الجوار ..بل تصعب عملية إنهائها..فإذا ما أرادت الحكومة العراقية وضع حد لهذا الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة ووضع حد للصراع بين العرب والاكراد ,فإن عليها ان تبادر لفتح باب الحوار الجدي والمثمر بين الطوائف والمذاهب والاقليات العرقية على أساس المواطنة العراقية وليس أي شيء آخر ..أي على أساس أن الوطن للجميع .. والجميع مواطنون متساوون في الواجبات والحقوق ..وأن للجميع الحق في المشاركة في صنع القرارات وصوغ السياسات الداخلية والخارجية ورسم البرامج الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والتعليمية والصحية وعلى كل صعيد ..والتوافق على أن العراق عربي وجزء من الوطن العربي الكبير وأن الشعب العراقي جزء من الأمة العربية ..فالمواطنة هي طوق النجاة للعراق وشعبه من الصراعات المدمرة للجميع ..
(الراي)