الأحزاب هي المؤهلة لتشكيل الحكومة البرلمانية
كتبت في مقالة سابقة أن الحكومة البرلمانية لا تأتي بقرار أو مرسوم كأن نقول: «باسم الله، لقد رسمنا بما هو آت» وإنما تتطلب وكما قال جلالة الملك وجود أحزاب ذات قواعد ممتدة في أوساط الشعب بمختلف طبقاته وشرائحه الاجتماعية في المدن وفي الارياف والبوادي.. لذلك يقتضي الأمر تطوير الاحزاب ذات البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. والبرامج الشجاعة..وأهداف وأماني شعبنا لا يمكن تحقيقها إلا من خلال برنامج عمل وطني شامل..فإعداد وتنفيذ برنامج عمل شامل يحقق الإزدهار والتقدم والنهوض..
وقد أصاب جلالته بقوله: نريد تطوير الاحزاب ذات البرامج.. لأنها هي القادرة على تشخيص قضايا الوطن الملحة وأسباب معاناة المواطنين.. والقادرة على وضع البرامج المناسبة لمواجهتها.. ومادام الكلام يكثر هذه الايام حول تشكيل الحكومة من ائتلاف الكتل النيابية فإنه يجب القول أن هذا الكلام يجانبه الصواب..
فائتلاف الكتل النيابية التي نلمس ونلاحظ قد عجزت عمليا عن اختيار رئيس وزراء يكلف بتشكيل الحكومة.. أما الكتل النيابية المنتمية لأحزاب سياسية لها برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإنها تكون قادرة على التوافق حول تشكيل حكومة نيابية كفؤة ومؤهلة وتستطيع الاضطلاع بمهمة تنفيذ البرامج التي يتم التوافق حولها..والتي تستجيب لتطلعات جميع المواطنين..لذلك أكد جلالته على ضرورة تفادي استمرار ائتلافات نفعية ضيقة..والنائب الذي ينتمي لحزب سياسي يكون مؤهلا لخدمة قضايا شعبه والعمل على معالجة مشكلاته..أي يكون وكما قال جلالته مؤهل لخدمة الصالح العام..وخدمة الصالح العام يتجسد عمليا وموضوعيا في قدرة النائب على الاضطلاع بمهمته الرئيسية في التشريع والرقابة على الحكومة ومساءلتها من خلال السلطة التشريعية..
في ضوء ما تقدم فإن السعي المكثف والحثيث لاستقطاب قوى شبابية وشعبية للاحزاب هو ضرورة وطنية بامتياز..وعلى جميع القوى الحية والفاعلة في مجتمعنا المدني القيام بدورها على هذا الصعيد.. وهذا لا يتأتى إلا من خلال الوصول إلى أوساط شعبنا في مختلف مجالات تواجده وشن حملات توعية وتعبئة سياسية لتوسيع دوائر القواعد الحزبية.
فكما قال جلالته فإن المعارضة البناءة أساس أداء النائب.. يبقى أن نؤكد أن على الجميع الإسهام الفاعل في عملية التحول الديمقراطي وإرساء أسس التعددية السياسية وتداول السلطة.. وحماية وصون حق كل مواطن في التعبير عن آرائه ورؤاه في مختلف المجالات ومنح المواطنين والاحزاب الفرص العادلة للتنافس حول انتزاع الحقوق والقيام بالواجبات..اما الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية للوطن فهما الحاضنة والرافعة التي ينبغي الحفاظ عليهما وحمايتهما..
(الراي)