سياسة رفع الأسعار
فهمي الكتوت
ورغم الميل العام نحو انخفاض أسعار النفط عالميا، حيث واصلت الأسعار انخفاضها منذ حوالي ثلاثة أسابيع ووصل سعر برميل النفط حوالي 90 دولار، الا أن الحكومة المستقيلة... "حكومة تسيير الأعمال" تواصل سياساتها الانكماشية بتحميل المواطنين أعباء الأزمة المالية، وتعرض الأمن الاجتماعي الى أخطار حقيقية، خاصة وأنها تتأهب لرفع أسعار الماء والكهرباء، مع تلميحات برفع أسعار الخبز. وقد حاول وزير الطاقة في لقائه مع "تلفزيون رؤية" توضيح موقف الحكومة من رفع الأسعار. لكن أبسط ما يمكن وصف اللقاء بأنه غير موفق، ففي سياق رده على مداخلة الزميل د. خالد الوزني، حاول التشكيك بقرار الحكومة حول تعويم الأسعار الصادر عام 2008 حين قال " السعر كان لا يعكس تماما .." ثم يعلن عن عدم وجود " صندوق تحوط " ..!
أما الاستشهاد بنسبة الضرائب التي تدفع في السويد .. فهي الأكثر غرابة، فالسويد ومعظم الدول الأوروبية تفرض ضرائب تصاعدية على الدخل والأرباح التي تتراوح نسبتها ما بين 40-62% أي سياسة " اعادة توزيع الدخل" لتوفير التعليم والتأمين الصحي والخدمات العامة لدافعي الضرائب. بالمقابل ألغت الحكومة الأردنية ضريبة الدخل التصاعدية عام 1996 وخفضت سقف الضريبة على القطاع المالي والمصرفي من 55% الى 30%، وحملت المواطنين عامة ضريبة مبيعات وضريبة خاصة ..! ثم يسهب الوزير بشرح أنواع الضرائب وقوانينها، التي تفرضها الحكومة على المحروقات. ويتحدث الوزير عن أهمية الدعم النقدي..! الذي التهمته معدلات التضخم التي عمقت الفجوة بين الأجور والأسعار.
كما لا بد من التنويه أن معظم الضرائب المفروضة على المواطنين غير دستورية، كونها مخالفة للمادة 111 من الدستور الأردني التي تنص على أن تكون الضريبة تصاعدية، وتراعي قدرة المكلف على الدفع. اضافة الى ذلك أن الضريبة الرئيسية " الضريبة الخاصة " 20% صدرت بقانون مؤقت وتسللت الى جيوب المواطنين من دون علمهم، أما ضريبة المبيعات ونسبتها 16% فقد جاءت بقرار حكومي بشمول بعض المنتجات النفطية في ضريبة المبيعات وهو قرار غير دستوري أيضا. اضافة الى رسوم البلديات والطوابع والتي تصل مجموعها الى حوالي 48%.
رغم نفي الوزير الا أن الحكومة أعلنت عن وجود صندوق التحوط بسبب انخفاض النفط عالميا من دون أن تترك آثارا على الأسعار المحلية، وقد تبخر صندوق التحوط ولم نعد نسمع به..! ليس هذا فحسب بل ينفي معالي الوزير وجوده..! ، كما فوجىء المواطن الأردني بوجود ضريبة على المحروقات في حزيران عام 2010 عندما قررت الحكومة زيادة نسبتها بعد انفضح أمرها بسبب عدم انخفاض أسعار المحروقات محليا مقارنة مع الأسعار العالمية. فقد صدر بيان يوضح نسبة زيادة الضريبة على البنزين (أوكتان 95 من 6% الى 24% وبنزين أوكتان 90 من 6% الى 18% ) وما زال قانون الضريبة الخاصة قانونا مؤقتا لم يجر اقراره لغاية الآن رغم مرور عدة سنوات على صدوره..! أما حقيقة أسعار المحروقات وتحريرها فقد أعلنت الحكومة تحرير أسعار المشتقات النفطية يوم 8 شباط 2008 وأصبح لتر البنزين أوكتان 95 (660) فلسا في حينه وبنزين أوكتان 90 (575) فلسا والديزل (550) فلسا، علما أن سعر برميل النفط كان حوالي 100 دولار. لنترك للقارئ تقدير نسبة الأرباح التي تجنيها الحكومة من أسعار المحروقات.
أما قضية الأزمة المالية التي تواجه الحكومة فهي تحتاج ارادة سياسية لاتخاذ اجراءات اقتصادية جذرية، بمكافحة الفساد، وضبط الانفاق، واعادة هيكلة الموازنة بتوجيه الانفاق العام وفق أولويات حاجة المواطنين، في توفير فرص العمل والتعليم والصحة ، والتوجه نحو الاستثمار المولد للدخل، والتخلي عن النفقات الاستهلاكية.
(العرب اليوم)