2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الصدأ

نائل العدوان
جو 24 : نفض يده ، كانت على غير عادتها ، باهتة اللون مرقطة ببقع بنية كدابة اصابها الجرب.
تفحصها جيدا ، مسد بيده الاخرى عليها متمنيا ان يكون ما يراه حلما وينتهي ، لكن البثور استولت على اصابعة الخمسة صاعدة نحو رسغة ومرفقة حتى اعلى الكتف . تدلت يده بجانبه كشجرة يابسة هشمها اعصار عاصف.
هي اليمنى التي لطالما اعتمد عليها في جولاته وصولاته ، مالذي لعن هذه اليد بالذات، صرخ داخل جوفة وتمنى البكاء.
حاول النوم ، استلقى على جانبه الايسر لكن خدرا بيده قض مضجعة ويبس اسفل رقبته ، قلب جسدة الى الجهة اليمين غير انه احس حينها بشلل يسرى لباقي الجسد ويصيبه بالصدود .
نظر اليها متأملا ، كان اللون البني قد اكتمل في جميع جوانبها الضيقة ، حاول تحريكها لكنها سقطت كصحيفة معدنية خلت من الحياه ...رائحة نتنة سرت بانفه كلما حاول الاقتراب منها ، رائحة شبيهة بالصدأ ، رطبة ، ذكرته برائحة الاسماك المتعفنة.
هي المرة الاولى التي يشعر بوسواس الكره باتجاهها ، فاللون البني لوث جانب جسده ثم انتشر ملوثاً الاغطية البيضاء من حوله .
قام من جلسته ، دلف الى صنبور المياه ورش يده الصدئة بالماء ، كان يحملها كطفل رضيع تحت صنبور الماء .

***
اليد اليمنى ، تجربة الكفاح الطويل ، فبها بطش اعدائه وسحق رقابهم ، وبها ايضا فرق شمل الطامعين ورد شرورهم .
"يدك ، ما عادت تجدي اي نفع "، قالت العرّافة بهمس.
ثم اردفت وصيتها بصوت جهوري: احذر الماء والاعداء ، وايقاظ الايادي من حولك ، ولا تشعرهم بالخلل. الكلمة قد تفضح ، والنظرة قد تجرح ، فابقي السر بجوفك ، وابتر اليد الصدئة قبل ان تبتر قلبك، واعلم بانه لا شفاء بدون بتر ولا خلاص قبل التخلص منها.
فزع عند سماعه للماء والاعداء وتمنى لو لم يفضح سره للعرافة .
برطمت العرّافة بجملة اخيرة قبل الخروج : الصدأ سيمتد الى كامل الجسد، وسيصل الى القلب حتما ، ثم الى الرأس وبعدها سيكون السقوط ، السقوط ........دوت كلمة السقوط برأسه عدة مرات قبل ان يعطي العرافة ثمن وصيتها الأخيرة.

***
كانت اليمين عصفورأ يرقد فوق مخدع الفخذين، هزيلة، ممرغة بلون الموت والعزاء.
حرك الساق فأحس بثقل اليد فوقها، وقرر الخلاص.
ابتر اليمين ، واكسب ود اليسار ثم تنتهي امر الفتنة بتاتا ، تماما كما قالت العرّافة .
قال لنفسه ثم ابتسم للفكرة.
ضرب بكامل طاقته فوق مفصل اليد اليمنى فانتشر اللحم الصدىء في العيون والقلب الدامي، انتفضت اليد تحت وزر ضربات سكينه بوداعة الحليف، وتآمر اليسار الذي خان عهدا ونقض جدارا.
تدلت اليد كأرجوحة من اعلى الكتف، ضرب مرة اخرى فارتد صوت معدن وبكاء حشرجة موت أليم.
ضرب ، فسقط اليمين قطعة غريبة عنه ، ضحك بحشرجة كأنه يبكي، ثم انتظر نزول الدم، لكن الدم كان قد تحول الى صدأً.
رمى السكين جانباً ، فأحس بثقل في اليسار ايضاً. نظر اليها ، كانت تمتلىء ببثور بنية متشابهة ..
هزيلة، ممرغة بلون الموت والعزاء.



تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير