التفكك
نائل العدوان
جو 24 : كانوا اربعة من حوله ..
"مَرمش" بمثابة كلبه الأمين الذي ينهش به اعداءه، ويحيك المؤامرات ضد كارهيه، "وطّاح" ، عينه التي يتجسس بها على طمع الطامحين في السلطة، "مدّاد" ، الناطق الرسمي باسمه، وجهازه الاعلامي الذي يزيّف الحقائق ويفسد القلوب والعقول، أما "تِركي" فهو الحكيم الذي لا تخيب مشورته، وصاحب خطط الاستيلاء على حصص الماء "والحلال" عند عجز اصحابها عن السداد .
اربعة رجال، مجهولي النسب والاباء، اصطفاهم من خارج العشيرة وخصّهم بالرعاية، كانوا يتبعونه كظله، يرعون امواله واطيانه، ويشاركونه رحلة فساده وهيمنته على اهل الصحراء العُزّل.
اربعة... لم يغيرهم الشيخ قط طيلة هذه السنين العجاف، ولم يتغيروا، بل ازداد ولاءهم له منذ ان اتخذ لكل واحد منهم "بيت شَعرٍ" منفصل، وناقة وضحاء ، وبنت حسناء .
عرفَ الشيخ ان بقاء حُكمه ومشيخته مرهون بتفسخ ود القبائل وتشظي صلة الرحم بينهم ، وزعزعزة ثقتهم بازواجهم واولادهم، وان الغِنى بينهم هو سيد الشرور، وهو قوة تورث الفتنة وتؤجج الخطر، عرفَ ايضاً ان الفقر هو مفتاح رقاب اهل الصحراء ، وقلة الماء والكلأ هي ضمانه الوحيد لعدم انقلابهم عليه وعلى مشيخته التي امتدت لعقود.
يذكر "تركي"، ان تقسيم القبيلة هو الحد الحاسم لخطة التفكك، يسهب في شرح ادواته امام الشيخ وباقي مجلسه المقربين، يستخدم عوداً يابساً ورمل الصحراء لرسم مخطط افتراضي ، يلجأ ايضاً لحجر، او "بَعرة" ماعز للدلالة على بعض الاشخاص غير المرغوب بهم، وكلما دبر مصيبة لاحدى الحجارة ، كان يضربها بقوة ، فينزف دمها غزيرا امام رجِلي الشيخ والمستشارين.
اما مَرمش ، فيسيل لعابه كلما اقترب وقت خلاص احدى الحجارة او حبّات "البَعر" الكثيرة التي يناصبها العداء والضغينة، يلهث "مَرمش" ويتدلى لسانه كلما اومأ اليه الشيخ بأمر او نهي، ويفرح بموت احدهم او بمصيبة قد تحل باهل الصحراء او ماشيتهم، كان يتسلل بين الخيام ليلاً ، ملثم الوجه، كرمح مسموم ، يُميت بصمت ويزرع ادلة الفتنة ووحشة الثأر.
يقصّ "وطّاح" أثر خيانة مزعومة بين ابناء عم واخوة، يجهز ضحاياه بعناية، ويتابع ردود فعل كل الاطراف، قبل ان يطلق الخبر، يضيف مشهداً ويصب زيتاً على النار، يمازج بدهاء حبك قصة شرف كاد ان يُهدر لولا تدخل اخ نائم في العراء ، يموت ذوداّ عن شرف القبيلة وحريمها.
يشيع "مدّاد" مع نسمات الصحراء وقيظ لهيب الرمل خبر بطولة مفتعلة وقتل غادر، يلهب مشاعر اهل القتيل ويزودهم بسلاح وادلة تدين القاتل. يعرض بجانب اخر، جلاء اهل القاتل عن ديارهم وبمنحة سخية من الشيخ المعطاء الذي يحقن الدماء ويحفظ الشرف .
"تصبح العرب عربين ويبدأ التفكك"!
اربعة يستند عليهم الشيخ كعكاز في يوم عجز، يلقمهم الاكاذيب ، ويسقيهم كل اشكال الدنس والشرور ، يعرفهم جيدا، ويُكتب لهم النجاح في كل مكيدة او صيد ثمين.
يجلس الشيخ مرتاحا و"دلال" القهوة امامه، وقوراً ، واسع الثراء والنفوذ والسلطة .
تحفّه اربع ظلال صمّاء، وصحراء ملتهبة، وخيام شَعر مُفككة.. نزح عنها اصحابها على أمل الرجوع.
"مَرمش" بمثابة كلبه الأمين الذي ينهش به اعداءه، ويحيك المؤامرات ضد كارهيه، "وطّاح" ، عينه التي يتجسس بها على طمع الطامحين في السلطة، "مدّاد" ، الناطق الرسمي باسمه، وجهازه الاعلامي الذي يزيّف الحقائق ويفسد القلوب والعقول، أما "تِركي" فهو الحكيم الذي لا تخيب مشورته، وصاحب خطط الاستيلاء على حصص الماء "والحلال" عند عجز اصحابها عن السداد .
اربعة رجال، مجهولي النسب والاباء، اصطفاهم من خارج العشيرة وخصّهم بالرعاية، كانوا يتبعونه كظله، يرعون امواله واطيانه، ويشاركونه رحلة فساده وهيمنته على اهل الصحراء العُزّل.
اربعة... لم يغيرهم الشيخ قط طيلة هذه السنين العجاف، ولم يتغيروا، بل ازداد ولاءهم له منذ ان اتخذ لكل واحد منهم "بيت شَعرٍ" منفصل، وناقة وضحاء ، وبنت حسناء .
عرفَ الشيخ ان بقاء حُكمه ومشيخته مرهون بتفسخ ود القبائل وتشظي صلة الرحم بينهم ، وزعزعزة ثقتهم بازواجهم واولادهم، وان الغِنى بينهم هو سيد الشرور، وهو قوة تورث الفتنة وتؤجج الخطر، عرفَ ايضاً ان الفقر هو مفتاح رقاب اهل الصحراء ، وقلة الماء والكلأ هي ضمانه الوحيد لعدم انقلابهم عليه وعلى مشيخته التي امتدت لعقود.
يذكر "تركي"، ان تقسيم القبيلة هو الحد الحاسم لخطة التفكك، يسهب في شرح ادواته امام الشيخ وباقي مجلسه المقربين، يستخدم عوداً يابساً ورمل الصحراء لرسم مخطط افتراضي ، يلجأ ايضاً لحجر، او "بَعرة" ماعز للدلالة على بعض الاشخاص غير المرغوب بهم، وكلما دبر مصيبة لاحدى الحجارة ، كان يضربها بقوة ، فينزف دمها غزيرا امام رجِلي الشيخ والمستشارين.
اما مَرمش ، فيسيل لعابه كلما اقترب وقت خلاص احدى الحجارة او حبّات "البَعر" الكثيرة التي يناصبها العداء والضغينة، يلهث "مَرمش" ويتدلى لسانه كلما اومأ اليه الشيخ بأمر او نهي، ويفرح بموت احدهم او بمصيبة قد تحل باهل الصحراء او ماشيتهم، كان يتسلل بين الخيام ليلاً ، ملثم الوجه، كرمح مسموم ، يُميت بصمت ويزرع ادلة الفتنة ووحشة الثأر.
يقصّ "وطّاح" أثر خيانة مزعومة بين ابناء عم واخوة، يجهز ضحاياه بعناية، ويتابع ردود فعل كل الاطراف، قبل ان يطلق الخبر، يضيف مشهداً ويصب زيتاً على النار، يمازج بدهاء حبك قصة شرف كاد ان يُهدر لولا تدخل اخ نائم في العراء ، يموت ذوداّ عن شرف القبيلة وحريمها.
يشيع "مدّاد" مع نسمات الصحراء وقيظ لهيب الرمل خبر بطولة مفتعلة وقتل غادر، يلهب مشاعر اهل القتيل ويزودهم بسلاح وادلة تدين القاتل. يعرض بجانب اخر، جلاء اهل القاتل عن ديارهم وبمنحة سخية من الشيخ المعطاء الذي يحقن الدماء ويحفظ الشرف .
"تصبح العرب عربين ويبدأ التفكك"!
اربعة يستند عليهم الشيخ كعكاز في يوم عجز، يلقمهم الاكاذيب ، ويسقيهم كل اشكال الدنس والشرور ، يعرفهم جيدا، ويُكتب لهم النجاح في كل مكيدة او صيد ثمين.
يجلس الشيخ مرتاحا و"دلال" القهوة امامه، وقوراً ، واسع الثراء والنفوذ والسلطة .
تحفّه اربع ظلال صمّاء، وصحراء ملتهبة، وخيام شَعر مُفككة.. نزح عنها اصحابها على أمل الرجوع.