2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أنداري!!

نائل العدوان
جو 24 : حدثني احد الاصدقاء، والذمة على من روى، ان امرأة قروية بسيطة، كانت تعيش في كنف زوجها الضرير الذي يعمل كإمام مسجد، وتميزت "خديجة" بادبها الجم، وحسن خلقها وعلاقتها الوطيدة مع نساء القرية، وهدوئها الذي اصبح مضرب مثل لكل النساء، ورزانتها في الكلام والسؤال والاجابة، فهي ممن ينطبق عليهم المثل " تأكل من فم صامت". وفي هذا دلالة على الادب والتهذيب .

يقول صديقي، والذي يقع بيته قريبا من بيت الشيخ الجليل، ان خديجة كانت تربي مجموعة من الدجاج البياض، وعلى رأسهم ديك عتيد، وقد تحدث اهل القرية عن سطوة الديك وصوته الجهوري القادر على ايقاظ النائم من صحوته، و تندروا بما يتميز به هذا الديك من دهاء في انتقاء اماكن الصياح وطريقة صياحة الملفته، فقد كان يختار اعلى قمة في بيت الشيخ ليؤدي طقوسة اليومية شارخا هدوء القرية كل صباح ومساء.
كان الديك يصيح في اوقات مختلفة ، يتابع صديقي وابتسامة ترتسم على شفتيه..

ثم يردف: وهي مواعيد محددة لا تخطىء: وقت الفجر والضحى والعصر وعند الغروب، ولكن اهل القرية قد شهدوا تغيرا مفاجئا ًفي نظام الديك البيولوجي ، ليغدو تركيزه في اوقات الظهيرة، وما بعد العشاء، حتى ان الصياح كان يعلو بمنتصف الليل في بعض الليالي، مع ملاحظة تزايد عدد الصيحات في كل نوبة، والتي كانت لا تتوقف الا بخروج خديجة الى خمّ الدجاج لاسكاته بقليل من الشعير .

استغراب اهل القرية، لم يمنعهم من سؤال الشيخ عن سبب تغير نوبات صياح الديك والذي قض مضجعهم وحرمهم من النوم، وبرغم التفهم الكبير الذي أبداه الشيخ لشكواهم، إلا انه كان يجيب في كل مرة : أنداري !

اما "خديجة"، فقد كانت تتهرب من اجابة نساء القرية بنفس طريقة الشيخ، وتتورد خدودها ، كلما أصرت النساء على معرفة سر الصياح المتأخر ثم تجيب بتنهيده مصطنعة : انداري!!

ظل سر الديك مكتوما عن أهل القرية، وبقيت اجابة الشيخ وزوجته ذاتها الى الليلة التي استيقظ فيها اهل القرية على صوت صياح ديك مفزوع هذه المرة ، وزعيق خديجة راكضة من خلفه.

يأخذ صديقي نفساً عميقاً، وضحكة جديدة تعلو شدقيه، ثم يتابع:
خرجنا فزعين على اثر الصياح والزعيق، حتى رأى الجميع خديجة تركض بمهارة عداء خلف الديك، ثم تمسك عنقه وتبدأ بنتف ريشه، الواحدة تلو الأخرى .
ومع كل ريشة منتوفة كانت تسأله: ليش ؟؟

فيجيب الديك : أنداري!

لم اتمالك نفسي هنا ، وبكل بله سألته: "ول، طيب ليش عملت هيك" ؟؟؟
ضحك صديقي هذه المرة حتى اغرورقت عيناه بالدموع ثم اجابني:
أنداري!!!!!!!!!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير